منذ سقوط درعا حتى حصار الضعفاء.. ماذا حدث في سوريا التي استباحها الجميع؟

10 سنوات من اللامنطق.. كيف تكالب المحتلون على كنوز الشام

  • 2140
أطفال ضحايا الحرب

منذ سقوط درعا وحتى حصار الضعفاء في الشمال..ماذا حدث في سوريا؟

10 سنوات من اللامنطق.. كيف تكالب المستعمرون على كنوز بلاد الشام

الدولة السورية بعثرها الأسد.. وروسيا وإيران أراقوا دماء السوريين

بشار نسف أحلام السوريين.. وأغرق الأطفال في مراكب الموت 


كتب- عمرو حسن

لازال الإقليم السوري ينزف، ويبكي ألمًا ينخر في جسد السوريين، وليتها أوجاع يسهل مداواتها، فالجروح كثيرة وغائرة، وطنٌ يرتع على ترابه الغرباء، ويستعمره دخلاء معتدون، لا ناقة لهم ولا جمل سوى الأطماع والتوق البغيض لسلب ثروات بلاد الشام، وتحكم ذميم في مستقبل السوريين وأقوات الأجيال المقبلة.

التراب السوري بعثره بشار الأسد بين عدة محتلين، فنصف الخريطة السورية يسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا -قوات التحالف الدولي- بالإضافة لقوات سوريا الديمقراطية-قسد- التي يتألف أغلبها من الأكراد، ومناطق انتشار مؤيدي النظام السوري تعج بالميليشيات الشيعية الإيرانية والروس ومرتزقة بشار الأسد، وفي الشمال السوري يعيش ما تبقى من الشعب السوري والمعارضة التي اجتمعت عبر سنوات الأزمة السورية هناك، بجانب القليل من العائدين رغمًا عنهم للوطن السوري.

وعن الثورة السورية قال تيسير النجار، المحلل السياسي السوري، إن الثورة السورية قامت عبر انتفاض الشعب ضد فساد بشار الأسد ونظامه، وشدد على أن حلفاء الأسد لن يستطيعوا شرعنة وجود الأسد. 


أمريكا والمكاسب الخفية

منذ الأيام الأولى للثورة السورية، وواشنطن تدعم المعارضة السورية والجيش السوري الحر والأكراد بدرجات متفاوتة، وتنوعت صور الدعم، في البداية كان الغذاء والدواء والمساعدات المادية، ثم لم يلبث أن تطور إلى تدريب على القتال والتزويد بالأسلحة والمعدات الثقيلة الحربية، كما سيطرت أمريكا على الكثير من آبار البترول، وقصفت عدة مواقع لتخزين الأسلحة الكيميائية والبيولوجية السورية، حتى تمركزت مع قوات التحالف الدولي شرق الفرات، وقضت على معظم قوة التنظيمات هناك منذ 2014 وحتى 2017 مثل النُصرة وداعش.


روسيا وحلم المتوسط

هرع بشار الأسد عدة مرات إلى الحليف الروسي لينقذه من سقوط محتوم على يد المتظاهرين والمعارضة؛ فجاء الدعم سيلًا من المال والأسلحة الثقيلة والجنود والطائرات، واستطاع بوتين أن يُبقي بشار الأسد على كرسيه حتى اليوم، وكان المقابل أن جنى القطب الروسي ثمن جرائمه ضد الشعب السوري وقتله الآلاف من السوريين؛ عشرات العقود والاتفاقيات التي وقعها مع النظام السوري لاحتكار وإدارة المطارات والموانئ السورية التي كانت تحلم روسيا دومًا أن يكون لها موطئ قدم فيها، حيث مياه الشرق الأوسط الدافئة، ليضاهي التواجد الروسي فيها التواجد الأمريكي في المنطقة العربية.

وتشير الوكالات وتقارير رسمية إلى أن الطائرات الروسية قتلت قرابة 9 آلاف سوري، بينهم 2000 طفل و1300 امرأة.


إيران والسوق السوداء

جاءت الثورة السورية لتحقق لإيران أطماعها في بلاد الخلافة الأموية، وتُلبي رغباتها الدنيئة في أن تعكر صفو بلاد السنَّة، فهرولت طهران تنشر الميليشيات الشيعية في سوريا، وتقتل السوريين، وتقدم دعمًا متواصلًا حتى اليوم، وتحتل منازل وضياع ضحايا بشار الأسد، وتُقيم الحسينيات والمزارات مكان المساجد السورية السنية، ونالت هي الأخرى حصتها من دماء السوريين، حيث احتكرت الكثير من الشركات الإيرانية قطاعات حيوية ومفصلية في الاقتصاد السوري بعقود لعشرات السنوات دون مقابل يذكر، وذلك بخلاف التجارة السوداء لجناحها في لبنان "حزب الله" والذي يبيع النفط اللبناني في السوق السورية بأضعاف ثمنه لتمول ميليشياته ومليشيات إيران في المنطقة العربية. فضلا عن تجارة المخدرات التي يروجها في سوريا أو عبرها إلى الدول العربية. 

يظهر اتفاق غير معلن بين كل من روسيا وإيران على اقتسام المصالح والأرباح في سوريا، وهو ما أكده عبد الرحمن ربوع، الخبير السياسي السوري، من أن هناك تنسيقًا روسيًا إيرانيًا على الأرض السورية، وأن كل طرف ملتزم بالحدود التي قسموها سويًا، وتنتشر القوات الروسية بشكل أساسي في الساحل السوري غربا، فيما تنتشر القوات الإيرانية ومليشيات المرتزقة العراقية والأفغانية واللبنانية التابعة لها في مناطق وسط وشرق سوريا بشكل رئيس، مع تعاون كبير بين الطرفين في العديد من المناطق في طول الجغرافيا السورية وعرضها عسكريا ولوجستيا خلال تنفيذ مهام محددة ضد فصائل المعارضة.

وأشار ربوع إلى عدة توافقات بين المعسكرين لاستنزاف المزيد من الثروات السورية، والإعداد للبقاء طويلًا فيها، حيث أكد الخبير السياسي السوري، في تصريح "خاص" أنه وفق هذه التقسيمات الجغرافية للسيطرة العسكرية تنقسم أيضا الأنشطة الأخرى الثقافية والاجتماعية، حيث ينشط الضباط والجنود والمرتزقة الروس في مناطق سيطرة قواتهم، وخصوصا في اللاذقية وطرطوس، كما تنشط الحسينيات في مناطق سيطرة الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له، وخصوصا في دمشق ودير الزور.

حول نفس السياق، صرح تيسير النجار أن الداخل السوري يتوحش ويتمدد فيه الإيرانيون الشيعة، والتغيير الديموغرافي مستمر، وطهران تتمدد بكل الاتجاهات، حتى أن العاصمة دمشق  تغير شكلها، محذرًا أن وجود بشار الأسد يعني سكب دم السوريين ومعاناة اللاجئين.


الأكراد والانفصال

منذ نظام حافظ الأسد مرورًا باستلام ابنه بشار مقاليد قصور دمشق، والأكراد يسعون نحو الانفصال، واقتطاع جزء من سوريا لتكون وطنًا لهم، فقد رأى الأكراد كغيرهم الثورة فرصة عاتية للانقضاض على نظام بشار الأسد وتحقيق مراد الاستقلال، ولذلك شارك الأكراد قوات التحالف والأمريكان في عدة هجمات سواء على تنظيمات مثل داعش الإرهابية أو على أتباع النظام وحلفائه وأسقطوا العديد من المدنيين، وآخر تلك الأحداث اليوم حيث قتل التحالف الأمريكي مدنيين من عائلة واحدة في دير الزور.


الاحتلال الصهيوني وهاجس إيران

رأى الاحتلال الصهيوني في ثروات الربيع العربي خيرًا له، لأنها عمَّمت الفوضى في بعض البلاد العربية، وأدت لخسائر فادحة في سوريا واليمن وليبيا، إلا أن الاحتلال خاف من الوجود الإيراني في سوريا، وخاصة بالقرب من الجولان المحتلة، وبات يقصف الإيرانيين في سوريا، ويستهدف عمليات التدريب ونقل وتخزين الأسلحة، ومن تلك الاعتداءات على أراضي السوريين، قصف الموانئ السورية، واليوم تتحدث سلطة الاحتلال عن قصف إيران ذاتها خوفًا من البرنامج النووي، إلا أن المراقبين يرونها تصريحات بها كثير من التهويل. 


السوريون ضحايا

انقسم السوريون بين قتلى ولاجئين ومقاتلين ومعارضين، ومؤيدين لنظامٍ قصف شعبه بالصواريخ، وأغرق أطفاله في مراكب الموت، وحرم جمع الأحبة السوريين برصاص وسلاح من أموالهم، وفرقت مدافع النظام بين الأهالي وذويهم، ومات آلاف الأطفال والنساء، وشَهِدَت الجبال والبحار جثث الصغار السوريين، التي تناقلتها الأمواج وألقت بها على رمال شتى تصرخ جرائم بشار الأسد وانتهاكات أعوانه اللئام.

وقال مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ما فعله بشار الأسد في سوريا مهانة إنسانية وجرائم إبادة يجب أن يحاسب عليها، بالإضافة للتغيير الديموغرافي وتهجير السكان.

وهو ما وضحه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش في تصريحات سابقة، أن أكثر من 13 مليون سوري يعيشون في ظروف قاسية، في حين يعيش 6 ملايين ونصف المليون خارج بلادهم، كما حذر من احتمال أن تصبح سوريا أكبر ما يهدد السلم الدولي، بسبب عدد الميليشيات المنتشرة فيها.

واليوم وبعد مرور أكثر من  10 سنوات على الثورة السورية، يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن نظام بشار الأسد قتل 389 ألف سوري، من بينهم ما يقرب من  30 ألف طفل، و14 ألف امرأة، والآلاف من حالات التعذيب في معتقلات النظام السوري، واستخدام السلاح الكيميائي أكثر من 38 مرة وفق الأمم المتحدة، 32 منها قام بها النظام السوري، وأسفرت الحرب عن إصابة 2.1 مليون شخص بإصابات وإعاقات بالغة، وتهجير 13 مليون شخص إلى مناطق اللجوء والنزوح داخل وخارج سوريا.

ويحلم السوريون بنهاية الكابوس، واختفاء بشار الأسد من المشهد، وخروج المحتلين الجدد، وأن يعود اللاجئون السوريون إلى بلادهم، وتعود سوريا كما كانت منارة في المنطقة العربية.