• الرئيسية
  • الأخبار
  • الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم.. الروهينجا فرُّوا من الإبادة والقتل إلى مخيمات اللاجئين ببنجلاديش

الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم.. الروهينجا فرُّوا من الإبادة والقتل إلى مخيمات اللاجئين ببنجلاديش

  • 1740
أرشيفية

 تاريخ الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم 

عنصرية وإرهاب ميليشيات ميانمار منذ أكثر من نصف قرن وحتى اليوم

مسلموا الروهينجا فرُّوا من الإبادة والقتل..إلى مخيمات اللاجئين ببنجلاديش

الروهينجا هربوا من الموت إلى الجوع والخوف والعيش دون مأوى..وحظر أساسيات الحياة


تقرير- عمرو حسن

الروهينجا المسلمون، أقلية كانت تعيش في إقليم راخين -أراكان سابقًا-، كان يقترب عددهم من 4 مليون مواطن مسلم، لا يتعرضون فقط للاضطهاد أو العنف أو التعذيب، بل حرب شرسة لإبادتهم جميعًا كونهم مسلمون ليس أكثر، ويواجهون الإبادة والحرق والقتل على يد حكومة وجيش وشعب ميانمار الذي يتكون أكثر من 80% منه من البوذيين، ومعظم هؤلاء المسلمين هم من شعب روينجية ذوي الأصول المنحدرة من مسلمي الهند -بما فيها ماتعرف الان ببنغلاديش- والصين، وحسب منظمة العفو الدولية فقد استمرت معاناة مسلمي الروهنجيا من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة 1978، وفر العديد منهم إلى بنجلاديش المجاورة.

 ويصف المجتمع الدولي وعلى رأسه المنظمات الدولية، مسلمي أراكان أو مسلمي إقليم راخين اليوم بالأقلية الأكثر اضطهادًا وتعرضًا للإبادة في العالم، ووصفتهم المتحدثة باسم الأمم المتحدة عام 2009 بأنهم "أكثرُ شعبٍ بلا أصدقاءَ في العالَم"؛ فهم على مدار سنوات يتعرضون للإبادة والتهجير والاغتصاب والمصادرة والمنع من الزواج، وإسقاط الجنسية، والحرق علنًا في الشوارع، ويستخدمون كعمال بالسخرة على الطرقات وفي المعسكرات العسكرية دون أجر.

والجيش البورمي هو من يقود حملات الإبادة والقتل ضدهم، أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، ويعيشون منذ ذلك الوقت في مُخيّماتٍ بدون رعايةٍ صحيّةٍ أو تعليمٍ، وبالكاد يَصِلُهم الغذاء، وامتدت الانتهاكات طَوالَ السنين التي تلت 2012، 

مراحل إبادة وقتل الروهينجا المسلمين

في العام 1942 م تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قبل البوذيين –الماغ- بعد حصولهم على الأسلحة والإمداد من قبل البوذيين "البورمان" والمستعمرين البريطانيين وغيرهم، راح ضحيتها أكثر من "100 ألف مسلم" أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشردت الهجمة الشرسة مئات الآلاف من المسلمين خارج الوطن.

وفي عام 1962  ازداد الأمر سوءًا بالانقلاب الذي قاده الجنرال" نيوين" والذي أعلن بورما دولة "اشتراكية" وذكر علنًا أن الإسلام هو العدو الأول، وترتب على ذلك حملة ظالمة على المسلمين وتأميم ممتلكاتهم وعقاراتهم بنسبة 90% في أراكان وحدها، بينما لم يؤمم للبوذيين سوى 10%، وسحبت العملة النقدية من التدوال، مما أضر بالتجار المسلمين حيث لم يعوضوا من قبل الدولة، ثم فرضت الثقافة البوذية والزواج من البوذيات، ومنع ارتداء الحجاب للبنات المسلمات، والتسمية بأسماء بوذية، وأمام هذا الاضطهاد والتنكيل اضطر الكثيرون للهجرة القسرية من ديارهم وأملاكهم إلى دول العالم الإسلامي، وبخاصة بنجلاديش بعد حملات عسكرية إجرامية على أراضيهم وأماكنهم.

في عام 1978 م تم تهجير أكثر من 300,000 مسلم إلى دولة بنغلاديش ، وتكرر الأمر مرة أخرى عام 1992 حيث هاجر حوالي 300,000 مسلم مرة أخرى إلى بنجلاديش، أما من بقي من المسلمين في بورما فتمارس في حقه سياسة الاستئصال، بتحديد نسلهم فالمسلمة ممنوعة من الزواج قبل سن الـ 25 والرجل قبل الـ 30، منذ أكثر من نصف قرنٍ والمسلمون يتعرضون للتشريد والتهجير والقتل والسجن وتوطين الآخرين في أراضيهم، واغتصاب ونهب ممتلكاتهم وتقييد تنقلاتهم، ويتم اضطهادهم في بورما تحت ذريعة الإرهاب الإسلامي أو ما يطلق عليه إسلاموفوبيا.

وبعد تفجيرات 11 سبتمبر 2011 التي وقعت في الولايات المتحدة، شهدت منطقة بروم غرب مدينة بيجول حوادث دموية، فرض بعدها منع التجول في 10 أكتوبر من نفس العام، أما في القرى فقد تدخل الجيش علنًا ضد المسلمين وقام بإجبارهم على التحول إلى البوذية، وتجددت أحداث العنف والاعتداءات عام 2012 م، وتوالت سلسلة اعتداءات البوذيين على غالبية قرى المسلمين في مختلف الأحياء والمناطق، استخدموا خلالها أسلحة نارية بدعم من رجال الأمن والشرطة، حيث زودت قوات الأمن في أراكان البوذيين بالأسلحة البيضاء والبنادق سرًا، بينما قامت بحظر المسلمين من حيازة أي سلاح، وبين عامي 2012 و 2015.

 وتصاعدت حدة التمييز والتهديدات ضد المسلمين، وبدأت مظاهر تنامي نزعة قومية متطرفة في بورما قادتها "لجنة حماية العرق والدين" التي يقودها راهب بوذي، ويعرفها البورميون اختصارًا باسم "ما با ثا"، نجحت حركة "ما با ثا" في دفع الحكومة إلى صياغة وتمرير أربعة قوانين معروفة باسم "قوانين حماية العرق والدين"هي: (قانون الحد من عدد السكان ـ وقوانين زواج النساء البوذيات ـ وتغيير الديانة ـ والزواج مرة واحدة).   ويؤرخ أن ذروة الاضطهاد الطائفي ضد المسلمين وخروج الأزمة إلى العلن كان بدايته عام 2012. 

وفي يوليو من نفس العام اقترح الرئيس ثين سين طرد الروهينجا من بورما إلى دول أخرى أو إلى مخيمات تشرف عليها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفي أكتوبر من نفس العام اندلع العنف الطائفي مجددًا في 9 مناطق بالولاية البالغ عدد مناطقها 17 منطقة، فأسفر ذلك عن عدد مجهول من القتلى والمصابين، وتدمير قرى كاملة للمسلمين.

وفي عام 2017، قامت القوات البورمية بحملاتِ دَهْمٍ واسعةٍ على تجمعات "الروهينجا"؛ أَدّتْ إلى موجةِ فرارِ مدنيّين واسعةٍ من قُراهم، قَدَّرتْها "المفوضية السامية لشئون اللاجئين" في الأمم المتحدة في أوائل سبتمبر، بأكثرَ من 35 ألفًا من النازحين الجُدُد خلال 24 ساعةً فقط؛ أي: قرابة 1458 مسلمًا فَرّوا من البلاد كلَّ ساعةٍ، ويقدر عدد مسلمي الروهينجا الذين فروا من الإبادة والقتل في ميانمار بأكثر من مليون ونصف مليون مسلم، يعيش أغلبهم في مخيمات في بنجلاديش، وقد فر الآلاف من روهينغيا على مدى السنوات الماضية إلى تايلاند، وهناك ما يقرب من 200 ألف لاجئ يقيمون في تسع مخيمات على طول الحدود التايلاندية الميانمارية.

محاولات إعادة الروهينجا لميانمار دون أية ضمانات لحمايتهم من إبادتهم من قبل البوذيين

ومنذ 25 أغسطس 2017، ويعيش ما يقرب من مليون مسلم روهنجي في مخيمات ببنجلاديش، وتحاول الأمم المتحدة إعادتهم على مراحل إلى موطنهم في ميانمار، ولكن دون أي ضمانات لحمايتهم، أو الحصول على حقوقهم، أو منع البطش بهم وقتلهم أحياء مرة أخرى، حيث وصفت الأمم المتحدة ممارسات الجيش عام 2017 بأنها اتخذت نمط "الإبادة الجماعية".

وأصدر المرصد الروهينجي لحقوق الإنسان بياناً بمناسبة الذكرى السنوية الثانية على فرارهم من القتل والإبادة، أكدوا فيه أنَّ العمليات العسكرية البوذيةالممنهجة أدّت إلى عمليات لجوء جماعية بأعداد هائلة بلغت أكثر من 700 ألف روهينجي؛ حيث تتفاقم يوما بعد يوم المشكلة الإنسانية التي تشهدها مخيمات اللاجئين الروهينجا في هذه الدولة الفقيرة العاجزة عن احتوائهم وإستيعابهم بمواردها الاقتصادية الضئيلة، وقد بلغ مجموع أعداد اللاجئين حاليا في مخيمات اللجوء في بنغلاديش وحدها أكثر من مليون ومئتي ألف لاجئ في ظل ظروف وأوضاع إنسانية بائسة أقل ما يمكن وصفها به أنها ظروف مأساوية وأوضاع كارثية.

أوضاع الروهينجا في المخيمات حاليًا

قال مسؤول في بنجلادش ديمبر الجاري 2021، إن السلطات هدمت نحو ألف متجر يملكها الروهينجا في المخيمات ، وقال ناشط حقوقي إن هذه الخطوة سيكون لها "تأثير كبير" على سبل عيش اللاجئين، ويتكدس 850 ألف من الروهينجا في 34 مخيما في جميع أنحاء بنجلاديش ، معظمهم فروا من حملة عسكرية شنها عام 2017 في ميانمار المجاورة ، والتي تقول الأمم المتحدة إنها قد تكون إبادة جماعية، وتنقل ببنجلاديش اللاجئين الروهينجا إلى جزيرة معرضة للفيضانات.