• الرئيسية
  • الأخبار
  • ماذا تعرف عن مالي.. دولة الفوضى باتت مضمار صراع وحرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن

ماذا تعرف عن مالي.. دولة الفوضى باتت مضمار صراع وحرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن

فاجنر تنتشر في مالي بموافقة العسكريين.. وروسيا تسرق المواد الخام من أفريقيا عبر مرتزقة بوتين

  • 3921
العقيد أسيمي جويتا قائد العسكريين ومنفذ الانقلابات في مالي

 مالي.. دولة الانقلابات باتت مضمار صراع وحرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن

فاجنر تنتشر في مالي بموافقة العسكريين.. وروسيا تسرق المواد الخام من أفريقيا عبر مرتزقة بوتين


كتب- عمرو حسن

مالي البلد الأفريقي الذي أغرقته الأزمات والانقلابات والجماعات المسلحة والإرهاب في الفوضى والنزاعات والانهيار الاقتصادي والفقر وعدم الاستقرار، ورغم انتهاء الاستعمار الفرنسي لمالي في القرن العشرين، وتولي أول رئيس للبلاد عام 1960، إلا أن العسكريين كان لهم رأي آخر، فلم يريدوا أن يختفي الزي العسكري عن شوارع وأزقة المدن المالية، فتعهدوا بانقلابات متتالية، أخذت البلاد نحو الصراع، وسمحوا للقوات الأجنبية والمرتزقة أن يعبثوا بأمن مالي ويتدخلوا في سياستها، وبات الغرب اليوم يتقاتل على الوجود في مالي، ففرنسا المستعمر القديم، والقوات الأوروبية، وفاجنر الروسية، وجماعات مسلحة من بينها داعش يمرحون في تراب مالي، ويدمرون ما تبقى من مستقبلها الغامض.

مالي السودانية

تقع مالي في غرب أفريقيا، وهي دولة غير ساحلية، في شمالها دولة الجزائر وفي الجنوب بوركينافاسو وساحل العاج، وهي دولة يعتنق شعبها الإسلام، ويتحدث أكثرهم الفرنسية، وتعد مالي دولة فقيرة اقتصاديًا، يعتمد اقتصادها على الزراعة وصيد الأسماك وبعض الموارد الطبيعية كالذهب واليورانيوم والملح، ومنذ القرن التاسع عشر ومالي محتلة هي والسنغال من فرنسا، وكانت السنغال واتحاد مالي يطلق عليهما السودان الفرنسي، وبعد انفصالهما بعد انتهاء الاستعمار الفرنسي سميت مالي بالجمهورية السودانية، وفي عام 1991، حدث انقلاب أدى لإنشاء دولة مالي الحالية.

انقلابات متتالية

وفي عام 1968، قام الجيش بقيادة الملازم موسى تراوري بانقلاب على أول رئيس لمالي موديبو كيتا، وعام 1991، أطاح الجيش بموسى تراوري، وقامت أول انتخابات ديمقراطية في مالي في نفس العام 1991، وصارت البلاد في أمان حتى عام 2012، حيث قام الجيش بانقلاب بسبب عدم تنفيذ مطالب لهم، ومنذ 2012 وحتى اليوم حدثت عدة انقلابات كان آخرها العام الحالي 2021، وفي كل انقلاب يُرغم الجيش الرئيس الانتقالي وحكومته على تقديم استقالتهم إما بالحبس أو بطرق أخرى وبعدها يتم الإفراج عنهم.

أسيمي جويتا

وحدث انقلاب عسكري في البلاد عام 2020 حين اعتقل الجيش رئيس الدولة إبراهيم أبوبكر كيتا ورئيس وزرائها، كما قام الجيش بانقلابين في العام الحالي 2021، خلال يومين، حيث اعتقل العسكريون الرئيس الانتقالي باه نداو، ورئيس الوزراء مختار عوان، في مايو الماضي، ويقود البلاد اليوم العقيد أسيمي جويتا الذي قاد آخر ثلاثة انقلابات في البلاد، وصرح أن "الانتخابات ستجري في موعدها العام 2022".

فوضى شمال مالي

نتيجة للانقلابات المتتالية وانعدام الأمن سيطرت جماعات مسلحة عديدة على شمال مالي ومنطقة الساحل في الصحراء الغربية، بما في ذلك مناطق من بوركينا فاسو وتشاد والنيجر، وسقط شمال مالي ما بين مارس وإبريل 2012، وبعدما تكونت قوات أجنبية دولية من 30 دولة واجهت تلك التنظيمات المسلحة وطردت النسبة الأكبر منهم وعلى رأسهم داعش، لا زالت هناك فوضى وعنف في شمال مالي بسبب وجود بعض المسلحين وعلى رأسهم عصابات قطاع الطرق.

فاجنر وصراع روسي أوروبي في مالي

موقع مالي وسط أفريقيا القارة المليئة بالنزاعات والثروات والمواد الخام المتعددة في آن واحد، يجعل منها على وجه التحديد بلدًا يتنافس عليه الكثيرون لوضع موقع قدم فيه، ورغم الخروج العسكري من مالي تباعًا بعد انتهاء الاستعمار، إلا أن فرنسا لم تخرج بالكلية منها حتى اليوم، ولا زالت هناك قوات فرنسية في مالي، كما أن كثيرًا من دول أوروبا ومنها بريطانبا وألمانيا لهم قوات أيضًا في مالي، بالإضافة لقوات الأمم المتحدة.

وهنا وجدت روسيا فرصة يجب الإسراع في اغتنامها، حيث أرسلت مئات المرتزقة من فاجنر للانتشار في مالي بالاتفاق مع أسيمي جويتا ورفاقه العسكريين، الذين رأوا في فاجنر البديل لانسحاب بعض جنود فرنسا فور انتهاء عملية برخان في الشمال ضد الجماعات المسلحة، وهو ما أغضب الأوروبيين كثيرًا.

الخوف من سيناريوا أوكرانيا وسوريا

أول ظهور لفاجنر وللتواجد الروسي بعد أحداث 2011 في العالم العربي، كان في أوكرانيا، ولعبت فاجنر على دعم الانفصاليين في أوكرانيا، كما أن التواجد الروسي في سوريا الذي حول المعادلة لمصلحة قوات بشار الأسد، وتدخل موسكو في الأزمة السورية الذي أصبح شبه احتلال اليوم، وباتت روسيا تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في نصف مساحة سوريا، لأن أمريكا والتحالف الدولي والأكراد يسيطرون على النصف الآخر، جعل أمريكا تخشى تكرار السيناريو الأوكراني السوري في مالي أيضًا، وهو نفس ما يغضب الأوروبيين.

وتؤكد المصادر أن وجود قوات فاجنر في العاصمة المالية باماكو يأتي في إطار اتفاقية دفاعية بين العسكريين في مالي ووزارة الدفاع الروسية، بالرغم من أن مالي تنفي وجود فاجنر، كما أشيع أن القوات الروسية في مالي تنتمي إلى مجموعة "سيوا سكيورتي" القريبة من وزارة الدفاع الروسية، إلا أن أمريكا ودول أوروبا لا تعترض على وجود فاجنر أكثر ما ترفض الوجود الروسي في مالي أو أفريقيا.

نفوذ روسيا والصين في أفريقيا

أكثر ما يقلق واشنطن هو التغلغل الروسي الصيني في أفريقيا، وتُعد مواجهة نفوذ روسيا والصين، أحد الأهداف الواضحة لاستراتيجية إدارة بايدن، ولذلك نشبت النزاعات السياسية فيما بينهم الفترة الحالية، وتسعى أمريكا للتواجد في أوكرانيا التي تقع على حدود روسيا مباشرة، ردًا على الوجود الروسي في سوريا وأفريقيا ومن بينها مالي.

من هي فاجنر؟

هي منظمة روسية شبه عسكرية، يقال إنها شركة أو وكالة عسكرية خاصة، كما يلصقها البعض بالمخابرات أو وزارة الدفاع الروسية، وتقول نيويورك تايمز إن فاجنر هي وحدة تتمتع بالاستقلالية تابعة لوزارة الدفاع الروسية أو المخابرات، والتي تستخدمها الحكومة الروسية في النزاعات التي تتطلب الإنكار، وتقول العفو الدولية إن فاجنر هي "الجيش السري لفلاديمير بوتين"، وشاركت فاجنر في الحرب في سوريا بين بشار الأسد والثوار، وفي الحرب في دونباس في أوكرانيا، لمساعدة القوات الانفصالية التابعة للجمهوريات الشعبية دونيتسك ولوهانسك المعلن عنها ذاتيا، كما ظهرت فاجنر في ليبيا مع مقاتلي خليفة حفتر، وفي أفريقيا الوسطى وفي موزمبيق والسودان وتشاد.

فاجنر والمواد الخام

نفذت فاجنر سياسة متكررة ونمطًا ثابتًا في الدول التي دخلتها، وهي احتكار امتيازات بعينها تخص التنقيب عن المواد الخام التي تتميز بها كل دولة، عبر شركات تابعة لها، وهو ما حدث في آبار بترول سوريا وليبيا، إضافةً إلى معادن أخرى في السودان وأفريقيا الوسطى، كما فازت الشركات التابعة لها بامتيازات التنقيب عن الذهب والماس في 2018، وتسعى فاجنر للسيطرة على مناجم الذهب واليورانيوم، والبوكسايت، في مالي.

مأساة إنسانية في مالي

تسببت الفوضى وعدم الاستقرار في مالي، بالإضافة لانتشار المرتزقة والمسلحين والقوات الأجنبية، في سقوط آلاف القتلى والإصابات، ونزوح 4 مليون مواطن مالي، بالإضافة لأزمات الفقر والجوع بسبب نقص الغذاء وانهيار الاقتصاد.

وتبقى أفريقيا مركز الصراعات والنزاعات التي لا تنتهي، كما أنها أضحت بؤرة يتقاتل فيها آلاف المسلحين والقوات الأجنبية من أجل الاستحواذ على ثروات القارة السمراء التي شحَّت بسبب الصراعات والفوضى والانقلابات والعنف.