تقرير | مزاعم "التفسير العصري للقرآن" باب للنيل من الثوابت وأمَّة التوحيد

  • 493
أرشيفية

مزاعم "التفسير العصري للقرآن" باب جديد للنيل من الثوابت

نائب وزير الأوقاف الأسبق: لا يوجد ما يسمى بتفسير عصري.. وكل التفاسير الصحيحة صالحة 

شريف طه: التجديد يكون بين العلماء.. وليس بما يخالف الإجماع والسُنّة

داعية إسلامي: هدف التجديد الردّ على البدع والخرافات وعدم معارضة الشرع

أستاذ عقيدة: يريدوننا أن نلقى بكتب التفسير في الأرشيف أو المتاحف!


تقرير- ناجح مصطفى

القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يخفى على أي مسلم عاقل مدرك جيدًا أن أخطر طريقة للنيل من أمة التوحيد وإضعافها، هي الهجوم على ثوابتها ومعتقداتها.

للأسف، أعان الغربَ في ذلك، أعداءٌ لنا وهم من بني جلدتنا، استخدمهم أعداؤنا بالمال والسلطة والجاه، فباعوا أنفسهم لهم، وجنّدوهم لحرب الكتاب والسنة، وها هم يسلكون كل طريق من أجل التشكيك في ثوابتنا ومعتقداتنا.

ولمواجهة هذا العداء الشديد وما يكيدون له، يجب على النخب والعلماء والقوى الإسلامية والفكرية والأزهر الشريف، أن يتصدوا بكل قوة لنصرة دينهم وعقيدتهم وثوابتهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة). 

وكالعادة، أعربت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، عن تأييدها لمقترح أحد نواب مجلس الشيوخ بشأن إعداد تفسير جامع عصري للقرآن، زاعمة أن التجديد في الفكر أمر ضروري، معتبرة أنه من الضروري أن يتم تقديم تفسير يتواكب مع مستجدات العصر.

وأشارت "نصير" خلال لقاء خاص عبر إحدى فضائية، إلى أن هناك مستجدات كثيرة لم يعرفها الأوائل مثل علاقاتنا مع الآخر، زاعمةً أنه لا خوف على إسلامنا، حيث لا مانع من وضع تفسير يتماشى مع المستجدات.

وعن مصير التفاسير القديمة، أوضحت أنها يمكن أن تبقى في أرشيف للأبحاث في الدراسات العليا، معلقة: "لن نهملها وستبقى كجزء من ثقافتنا وحضارتنا، حيث هناك اجتهادات لعلماء العصور القديمة لا يمكن إهمالها، معتبرة أن الإقدام على وضع تفسير يتناسب مع العصر سيكون أمرًا جبارً".

من جهته، تعجب الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر سابقًا والمشرف العلمي على الأروقة الأزهرية، من الدعوة التي طرحها البعض في الإعلام وهي المطالبة بتفسير عصري جديد للقرآن بزعم التوافق مع معطيات وأطروحات العصر!

وتساءل "فؤاد": هل تذهب التفسيرات المعروفة للقرآن الكريم إلى الأرشيف كما قالت أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية؟، ولا أدري ما المراد من هذا الطرح، وما معنى التفسير العصري للقرآن من وجهة نظرها؟ 

وتابع: ما المدة الزمنية التي يصلح لها هذا التفسير العصري المطلوب، وهل هذا التفسير العصري أيضا سيبقى لكل العصور أو بعد سنوات سيُلقى به في الأرشيف؟

وتقدم النائب محمد سليم، وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، بمقترح لمجلس الشيوخ، يطالب خلاله بتفسير عصري للقرآن الكريم، يُعبر عن وسطية الإسلام واعتداله، زاعمًا أن ذلك بسبب انتشار بعض النسخ من القرآن الكريم، التي بها تفسيرات تنتمي للفكر المتطرف –حسب وصفه-، مؤكدًا أن الإسلام دين الوسطية.

وأضاف "سليم" خلال مداخلة متلفزة، أنه طالب بإصدار مصحف ورقي وإلكتروني، مزود بتفسير مختصر، يكون متفقًا عليه من جميع أطراف المؤسسات الدينية، مزودًا بهوامش وتفسيرات عصرية منضبطة، موضحًا أن كل الأطراف وافقت على هذا المقترح، وأن الموضوع الآن قيد الدراسة.

ولفت إلى أن تفسير القرآن الكريم سيكون مترجمًا بعدد من اللغات وليس اللغة العربية فقط، وأن هناك دراسة أيضًا، لإصدار موسوعة لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الأخلاقيات.

في هذا الصدد، أوضح الدكتور شوقي عبد اللطيف، نائب وزير الأوقاف الأسبق، أن تفسير القرآن الكريم له قواعد وشروط، ومنها أن يكون المُفسِّر مُلمّا باللغة العربية وفقيهًا وأن يكون دارسًا جيدًا لأصول الفقه والعقيدة.

تابع "شوقي" في تصريح لـ "الفتح": كما ينبغي لمفسر كتاب الله أن يكون على دراية بالتاريخ والسيرة النبوية، حتى يكون مفسرًا يصلح لتلك المهمة العظيمة، حيث لا يوجد ما يسمى بتفسير عصري للقرآن، فالتفسيرات الصحيحة تصلح لكل زمان ومكان، فالقرآن غالب وليس مغلوبًا.

وأشار إلى أن القرآن الكريم مليء بالتدبر والعلوم ولا يكتشف ذلك إلا العلماء "على حد قوله"، وفيه نبأ ما قبله وخبر ما بعده، فهو القول الفصل وليس بالهزل، موضحًا أنه كلام الله -سبحانه وتعالى- من فوق سبع سماوات، وفيه العلوم كافة التي تهم البشرية، فنجد علوم البحار والمحيطات والتجارة.

أكد نائب وزير الأوقاف الأسبق، أن القرآن لا يخلق على كثرة الرد، لافتا أن كلام الله هو أعظم ما نزل على البشرية جمعاء، فهو يعلو ولا يُعلى عليه.

وفي ذات السياق، أكد الداعية الإسلامي الشيخ شريف طه، أن تفسيرات القرآن الكريم موجودة ومناسبة للغة العصر، فحينما يتم الحديث عن تفسيرات قديمة نجد أئمة كبار، كالطبري والرازي والقرطبي، وابن كثير وغيرهم قاموا بدور كبير في ذلك.

أضاف "طه" في تصريح لـ "الفتح": وأما من يسأل عن التفسيرات الحديثة أو العصرية كما يردد البعض، فنجد تفسيرات، مثل تفسير أبو زهرة، والشعراوي، مما يؤكد أن كل التفسيرات في القرآن موجودة، ومنها التفسيرات الحديثة التي تناسب لغة العصر.

أوضح الداعية الإسلامي أن تفسير الشيخ "الشعراوي" يُعد نموذجًا على التفسير العصري المواكب، واستقبله جموع الشعب المصري والعربي بالاستحسان والإنصات، كما استحسنوا أسلوب وطريقة الشعراوي في تفسيراته العصرية. وتابع "نخشى أن تكون مطالبات التفسير الحالية هدفها التحريف لإرضاء البعض فقط".

واختتم "طه" حديثه بالقول: كما أن التجديد يجب أن يتم من الداخل عبر عملية مستمرة بين العلماء وبعضهم البعض بشكل هادئ، لأن هدف التجديد في الإسلام هو الردّ على البدع والخرافات، وليس الإتيان بشيء جديد يخالف الإجماع بين العلماء والسنّة النبوية المشرفة.