أفغانستان من الاحتلال إلى الجوع.. قصة معاناة 3عقود

مأساة إنسانية وشيكة وتخوف من مجاعة في كابول

  • 3710
أرشيفية

دعم دولي وإسلامي لمحاولة إنقاذ الشعب

عشرات الآلاف من قتلى الأطفال في سنوات الحرب الطويلة

الشعب الأفغاني يواجه الجوع والبرد.. والغرب يساوم الحكومة الجديدة


كتب- عمرو حسن

رغم أن القوى العظمى الثلاث –بريطانيا والسوفييت وأمريكا- التي احتلت أفغانستان خلال العقود الماضية ذاقت مرارة الخسارة وألم الهزيمة، وعانت من فقدان الضحايا وتناثر الأشلاء عبر حربين عالميتين، إلا أنهم أطلقوا يد الظُلم والعبث في أفغانستان، واحتلوا أراضيها؛ فسقطوا في خِضَم نزيف آخر وخسارة ثانية.

سنوات من الحرب والمعاناة، وأجيال كاملة من الشعب الأفغاني نشأت على وقع أصوات الرصاص والقذائف، وأنين الألم والفقر والجوع، ورغم أن الأفغان فقدوا عبر مقاومة الاحتلال الذي دام لأكثر من ثلاث عقود عشرات الملايين من القتلى وأرقام لا تُحصى من الإصابات والإعاقات التي تتجلى آثارها اليوم؛ إلا أن عزيمتهم وإيمانهم كانا سبيلًا قويًا أعانهم على التمسك بدينهم وحقهم في العيش أحرار يقاومون بكل ما استطاعوا من قوة.

بريطانيا واحتلال الهند

رأت بريطانيا أن أفغانستان البوابة المناسبة لاحتلال الهند، وأن دخول أراضي أفغانستان الشاسعة واستخدامها كوقود للحرب في الهند حتى الاستيلاء عليها واستعمارها سيكون سهلًا، ودخلت بريطانيا بـ 60 ألف جندي، ففوجئت بسيلٍ من المقاومة والجهاد من القبائل الأفغانية التي أرغمتها على الخروج من أفغانستان بعد 3 سنوات. 

سقوط الاتحاد السوفيتي 

أقدَم الاتحاد السوفيتي في ديسمبر عام 1979 على احتلال أفغانستان، وهيأت له ظنونه أن الأراضي الشاسعة والجبال الشاهقة في أفغانستان وشعبها الفقير سيخضعون له بكل يُسر، ولعشر سنوات متواصلة مارس الاتحاد السوفيتي كل أنواع القهر والانتهاكات بحق الشعب الأفغاني.

دعم أمريكي ضد السوفييت 

اتخذت واشنطن قرارًا سريعًا بدعم الأفغان بالمال والسلاح والأنظمة الحديثة، لمساعدتهم في التغلب على الاتحاد السوفيتي.

سقوط الاتحاد السوفيتي وانتصار أفغانستان

أدى سقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره وتفكك الدول التي كانت منطوية تحت جناحيه، إلى سرعة انسحاب 100ألف جندي سوفييتي من أفغانستان، وانتهى الاحتلال بعقد اتفاقية جنيف . 

بداية الفوضى

كان خروج الاتحاد السوفيتي بداية مرحلة جديدة من الحرب والفوضى في أفغانستان، حيث اشتبكت القبائل الأفغانية والمجاهدون والتنظيمات المتعددة مع بعضها البعض في نزاع طويل، كانت نهايته وصول حركة طالبان إلى سدة حكم أفغانستان عام 1996، حتى عام 2011 عقب الهجوم الأمريكي على أفغانستان.

11 سبتمبر 

وَقع هجوم الطائرات على مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومبنى البنتاجون -وزارة الدفاع الأمريكية-، وكان الرد الأول دخول أمريكا أفغانستان بكل قوتها وقصف الجبال بالصواريخ للقضاء على طالبان وتنظيم القاعدة، وبعد شهرين سقطت طالبان.

ونشرت أمريكا جنود المارينز في ربوع أفغانستان، وبدأت العديد من العمليات البرية والجوية، ولم يتوقف القصف، إلا أن الجبال والكهوف كانت كفيلة بحماية عناصر طالبان وغيرهم من جحيم القصف الأمريكي، ورغم تدخل حلف الناتو لمساعدة أمريكا، ظل نزيف المال والخسائر البشرية والمادية في تزايد.

خسائر فادحة 

أنفقت واشنطن أموالًا لا تُحصى على الحرب في أفغانستان، ووفق "أسوشييتد برس"، فإن الولايات المتحدة اقترضت مليارات الدولارات ووصلت فوائد قروض الولايات المتحدة من أجل الحرب إلى 6.5 تريليون دولار، منها 140 مليار دولار على شكل مساعدات لأفغانستان، وتكلفت العمليات القتالية الأمريكية على أفغانستان أكثر من 820 مليار دولار. 

150 ألف قتيل

وبعد 20عامًا من الاحتلال الأمريكي خرجت أمريكا من أفغانستان وتسببت في قتل أكثر من 150 ألف أفغاني، بحسب تصريحات عضو مجلس البرلمان الأفغاني رمضان بشار دوست.

عودة طالبان

بعد خروج القوات الأمريكية بالكامل من أفغانستان، بعد مفاوضات طويلة بين واشنطن وطالبان في قطر، بدأت طالبان في التحرك من الجنوب إلى الشمال، وفوجئ العالم بسيطرة الحركة على كل الولايات الأفغانية بسهولة شديدة، وفر الرئيس أشرف غني، وخرجت البعثات الدبلوماسية من أفغانستان.

مأساة إنسانية

تعيش أفغانستان اليوم أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، والمعاناة تتعدد بين فقر وجوع وتشرد بسبب انهيار الاقتصاد وشح الطعام، بعد وصول طالبان على الحكم ورفض كثير من دول العالم التعامل معها، ورغم أن الأزمة موجودة من قبل تولي طالبان إلا أنها تزداد، بسبب عزوف دول العالم عن التعامل مع طالبان، وهو ما دفع دول العالم الإسلامي لعقد مؤتمر إسلام أباد في باكستان من أجل إنقاذ أفغانستان.

وتؤكد الأمم المتحدة أن أفغانستان تواجه "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم"، وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من مجاعة خطيرة تواجه الشعب الأفغاني، وساهمت بعض الدول إسلامية بمساعدات غذائية ودوائية مثل السعودية والإمارات، وأطلق مركز الملك سلمان للإغاثة في إسلام أباد جسرًا إغاثيا برّيا لدعم الشعب الأفغاني، يضم 200 شاحنة تحمل 300 ألف سلة غذائية، و10آلاف حقيبة شتوية، و360 طنًا من المساعدات الغذائية والإيوائية. 

مؤتمر إسلام أباد

اجتمع ممثلون عن 57 دولة إسلامية في باكستان، لبحث أزمة أفغانستان الإنسانية، واتفقت الدول المشاركة على إنشاء صندوق إغاثة إنساني لأفغانستان، في إطار البنك الإسلامي للتنمية لتوجيه المساعدات إلى أفغانستان بالتنسيق مع أطراف أخرى، وأشاروا إلى ضرورة السماح لأفغانستان بالوصول إلى مواردها المالية، وإلغاء تجميد مليارات الدولارات من احتياطيات البنك المركزي، إلا أن الغرب ممثلًا في الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها يرفضون مساعدة أفغانستان، بسبب وجود حكومة طالبان، بالرغم من مواجه الملايين الجوع والطقس البارد.

كما تعهدت الأمم المتحدة بالدعم بملغ مليار دولار لمساعدة شعب أفغانستان، عقب اجتماع الإثنين الماضي بمشاركة 100 دولة و30 منظمة، وأكد منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس، في كلمته في ختام المؤتمر رفيع المستوى، أنه تم التعهد بتقديم أكثر من 1.2 مليار دولار من المساعدات الإنسانية والتنموية.

أطفال أفغانستان

عشرات الآلاف من قتلى الأطفال في أفغانستان منذ ما يربوا على الـ30 عامًا من الرحوب المتواصلة ضد أفغانستان، بالإضافة لمعاناة الأطفال النازحة داخليا في أفغانستان من الجوع وسوء التغذية والمرض أو الموت، كما يعاني آلاف الأطفال من أمراض سوء التغذية ونقصان الفيتامينات، بجانب انهيار منظومة التعليم والصحة والأمن، وحذرت الأمم المتحدة، إن ملايين الأطفال يواجهون خطر الموت أو المرض، وقالت إن 26,025 طفلا تعرضوا للقتل أو التشويه ما بين 2005 و2019 فقط. 

نعم انتهت الحرب إلا أن المعاناة لم تنتهِ، والمأساة لم تتوقف، فمن جلبوا صواريخهم ومدافعهم ودباباتهم إلى الأراضي الأفغانية لم يتركوا فيها أمنها وخيراتها وثرواتها التي كانت تزخر بها قبل سنوات الاستعمار البغيض الذي طال لأكثر من ثلاثة عقود متتالية، والشعب الأفغاني اليوم يرقد بين مطرقة الجوع والبرد والعوز وسندان المجتمع الغربي الذي لا يريد مساعدة أفغانسان وشعبها الذي يعيش الفاجعة، نكايةً في طالبان.