احذر الوزن الزائد.. «السِمنة» تهدد صحة الدماغ والعلماء حائرون حولها

  • 25
الوزن الزائد يسبب مشاكل صحية خطيرة

تسبب السمنة، بما لا يدع مجالا للشك، أضرارًا جسيمة بالصحة العامة، ويمكن أن تعرّض صاحبها للإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض.

وتظهر دراسة جديدة أن السمنة قد تؤثر أيضا على صحة الدماغ منذ الطفولة وحتى مرحلة البلوغ، ما يؤثر على كل شيء بدءًا من مهارات الوظيفة التنفيذية، القدرة المعقدة على بدء المهام والتخطيط لها وتنفيذها، إلى زيادة مخاطر الإصابة بالخرف بشكل كبير.

وبحلول منتصف العمر، تكون عواقب الوزن الزائد كبيرة، وأظهرت العديد من الدراسات أن البالغين في منتصف العمر الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم (BMI) عند 30 أو أعلى، والتي تعد سمنة، أكثر عرضة للإصابة بالخرف من أقرانهم ذوي الوزن الصحي.

ومع ذلك، ما يزال الباحثون يستكشفون كيف ولماذا يضر الوزن الزائد بالدماغ، وما إذا كانت مخاطر الخرف المرتفعة تراكمية على مدى العمر أو إذا كانت السمنة تؤثر على الجسم بشكل مختلف في مراحل مختلفة من الحياة.

وقالت أليكسيس وود، الأستاذة المساعدة في تغذية الأطفال في مركز أبحاث تغذية الأطفال في كلية بايلور للطب في هيوستن، إنه من المحتمل أيضا أن تأتي التحديات المعرفية أولا، ما يساهم في سلوكيات الأكل السيئة التي تبدأ في الطفولة.

وأضافت: "هناك أدلة قوية وجوهرية تمتد عبر مرحلة الطفولة بأكملها، من مرحلة الطفولة إلى سن المراهقة، والتي تُظهر أن حالة الوزن المرتفعة مرتبطة بالأداء الإدراكي المنخفض، لا سيما في مجال الوظيفة التنفيذية".

وتتبع بعض الدراسات بدايات العلاقة بين النظام الغذائي والوزن وصحة الدماغ، وصولا إلى الرحم.

وفي مرحلة الطفولة المبكرة، هناك بالفعل ارتباط بين الوزن الزائد وقدرة الطفل على التحكم في السلوك وتوجيهه (دمج المعلومات الجديدة، وضع خطة ويحل المشاكل) ووفقا لوود ليس من الواضح أيهما يأتي أولا.

وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت في مجلة American Journal of Epidemiology، أن الأطفال ذوي المهارات اللفظية والتنفيذية العالية في مرحلة ما قبل المدرسة كانوا أقل عرضة لزيادة الوزن في وقت لاحق في مرحلة الطفولة.

وتظهر أبحاث أخرى أن الأطفال الصغار الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة هم أقل قدرة على التحكم في الاندفاع من أولئك الذين يتمتعون بوزن صحي.

وقالت وود: "إذا جاءت تحديات الوظيفة الإدراكية أولا، فإن الفكر السائد هو أن هذا ينظم كيفية تفاعل الأطفال مع بيئتهم. وقد لا يكونون جيدين في تنظيم تناول الطعام لموازنة احتياجاتهم من الطاقة. وقد يأكلون عندما لا يكونون جائعين، عندما يرون شيئا فاتحا للشهية. وتؤدي الوظيفة الإدراكية المنخفضة في هذه المنطقة إلى تغيير سلوك الأكل وتجعلك عرضة لسلوكيات الأكل السيئة".

ومع ذلك، إذا ظهرت مشاكل الوزن قبل التغيرات المعرفية، فقد تكون الدهون الزائدة تزيد من الالتهاب. وأشارت وود إلى أنه بمرور الوقت يمكن أن يؤدي ذلك إلى "تغييرات في الاتصال وهيكل ووظيفة الدماغ".

وتقول إحدى النظريات إنه ليس الوزن الزائد فقط هو الذي يسبب المشكلة، ولكن الحالات والأمراض المرتبطة بالسمنة التي تساهم بشكل جماعي في ضعف صحة الدماغ.

وأوضحت كريستين يافي، الأستاذة ونائبة رئيس قسم الطب النفسي وعلم الأعصاب وعلم الأوبئة في معهد وايل لعلوم الأعصاب في سان فرانسيسكو، إن "الأشخاص الذين يعانون من السمنة هم الأكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول. وقد تكون مجموعة عوامل الخطر القلبية الوعائية المصاحبة للسمنة والتي نعلم أنها يمكن أن يكون لها تأثير ضار على شيخوخة الدماغ، سواء كان ذلك يساهم في تطور مرض ألزهايمر أو الخرف الوعائي أو نوع من مزيج من الاثنين".

وكشفت يافي أن الاحتمال الآخر هو أن الهرمونات التي تفرزها الخلايا الدهنية، مثل اللبتين، تلعب دورا أيضا.

ويساعد اللبتين على تنظيم الجوع، ومع ذلك فإن الذين لديهم عدد كبير جدا من الخلايا الدهنية ينتجون مستويات عالية من اللبتين بحيث يصبح الجسم غير حساس تجاهه، ما ينتج عنه دورة يستمر فيها الشخص في تناول الطعام لأنه لا يشعر بالشبع أبدا.

وأظهر بحث يافي أنه في النساء الأكبر سنا ذوات الوزن الصحي، ارتبطت مستويات اللبتين بانخفاض خطر الإصابة بالخرف أو التدهور المعرفي. ومع ذلك، اختفت هذه الحماية في النساء المصابات بالسمنة.

وقالت يافي إنه يمكن أن يكون المصابون بالسمنة أقل نشاطا وأكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى تسبب مستويات أعلى من الالتهاب، والتي "لها دور كبير في تعجيل أو تفاقم مرض ألزهايمر والخرف الوعائي".

وفي حين أن زيادة الوزن، خاصة في منتصف العمر، يزيد من خطر الإصابة بالخرف، إلا أن العكس لا يبدو صحيحا.

وأشار مارك إسبيلاند، مؤلف دراسة طويلة الأمد حول تدخلات إنقاص الوزن: "سواء كان فقدان الوزن يمكن أن يمنع ضعف الإدراك أم لا، فهناك العديد من الأسباب للسعي للحفاظ على وزن صحي. ومن الواضح إلى حد ما أن السمنة في منتصف العمر مضرة للدماغ وبقية الجسم أيضا.. ومنع حدوث ذلك مهم جدا".