• الرئيسية
  • الأخبار
  • سرّ عودة سد النهضة إلى الواجهة.. ولماذا تزيل إثيوبيا آلاف الأفدنة من الغابات؟

سرّ عودة سد النهضة إلى الواجهة.. ولماذا تزيل إثيوبيا آلاف الأفدنة من الغابات؟

آبي أحمد يستغل الحرب ويبعث رسائل ضمنية باقتراب الملء الثالث

  • 2053
سد النهضة

ذاع صيت سد النهضة في العالم، بعد عدة مناقشات وتصريحات إقليمية ودولية عن طبيعة بناء السد، ومخاطره التي تهدد إثيوبيا نفسها، ومن ورائها السودان ومصر، ولمآلات بناء السد، والتي في مقدمتها حرمان مصر من حصتها المائية التاريخية البالغة أكثر من 55 مليار متر مكعب، ولأن ظروف بناء السد لم تكن طبيعية، حيث هرول عشرات الدول للاستثمار في السد الإثيوبي، وكأنه أول سد سيشيد في التاريخ.

استثمارات السد

كان من الطبيعي أن تساهم دول عظمى مثل الصين في استثمارات سد النهضة، وهذا لسعي بكين الحثيث وراء دور قوي في أفريقيا، إلا أنه لم يكن من المقبول أن تستثمر دول إسلامية وعربية مليارات الدولارات في مشروع يضر بأرض العروبة، كما أن الدعم الصهيوني لبناء سد النهضة معروفة أسبابه وتفسيراته الواضحة في ضرب مصر في مقدراتها المائية شديدة الأهمية وهو نهر النيل، إلا أن تصرف دول عربية يظل لغزًا محيرًا.

طائرات مسيَّرة

منذ أكتوبر الماضي، وأديس أبابا صامتة ومنهمكة لم تتحدث عن سد النهضة، أو ظروف بنائه، أربكتها الحرب مع تيجراي والمعارضة، وأنساها بارود المسلحين بناء السد، حتى أن التقارير الدولية كانت تؤكد توقف بناء السد، وأن جيش الأوروموا استولى على مصنع الأسمنت المخصص إنتاجه لبناء سد النهضة، كما أن جيش الأوروموا والتيجراي كانا على أعتاب العاصمة الإثيوبية، ولولا مساعدات تركيا والإمارات والاحتلال العسكرية والطائرات المسيَّرة، لما استمر آبي أحمد في حكم إثيوبيا.

عودة إلى الواجهة

فلماذا عاد الحديث مرة أخرى عن سد النهضة؟ وما السر وراء إعلان إثيوبيا البدء قريبًا في إنتاج الطاقة من سد النهضة؟! داعية السودان إلى الاحتفال بالحدث بزعم أنها المستفيد الأكثر منه، وعقدت اجتماعًا وزاريًا في منطقة السد، ورغم ميل مصر والسودان لرؤية تلك التصريحات استهلاكية وغير مجدية، تظل أسباب حديث إثيوبيا وإعلانها عن سد النهضة وتوجهاتها الحالية أمرَا هامَا.

السر وراء تصريحات السد

الجديد أن خبراء سودانيين يؤكدون أن إثيوبيا رغم الحرب لم تتوقف عن بناء السد وتكملة عمليات التشييد، وأن الحكومة الإثيوبية كانت تزيل الغابات في منطقة السد، وتجهز السد لمرحلة الملء الثالث لإنتاج الكهرباء منه بعد إنهاء الملء، وهو ما يمثل أزمة كبيرة، لأن السد وقتها سيكون اقترب من 18مليار متر مكعب من المياه.

كما أن آبي أحمد يستغل الحرب الدائرة في بلاده، في عدم الإذعان لكل الطلبات المصرية السودانية ودعواتهم للتفاوض حول آليات بناء السد وملئه دون المساس بالسودان ومصر؛ متحججًا بالقتال الدائر بين الجيش الفيدرالي والمعارضة، بالإضافة إلى أن مصر تؤكد أن الملء الثالث هذه الأيام صعب ويكاد يكون مستحيلًا لعدم سقوط أمطار، بالإضافة إلى المشكلات الفنية في التوربينات والفتحات والعامل الفني في معدل الأمان، وهناك توقف كامل في سد النهضة خلال مدة الحرب.

وبالتالي فإن تصريحات إثيوبيا استهلاكية، الهدف منها تجهيز الرأي العام لمرحلة الملء الثالث في المستقبل القريب، كما فعلت في مرحلة الملء الثاني، وأن إثيوبيا تقوم حاليًا بتجهيز السد وتوسعته وإزالة الغابات حوله، في انتظار الوقت المناسب للملء الثالث لسد النهضة، وبالفعل أعلنت إثيوبيا الخميس اعتزامها إزالة 40 ألف فدان من الغابات بمحيط موقع بناء سد النهضة، تمهيدًا لما قالت إنه ملء جديد لبحيرة السد.

مصر والمفاوضات

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه يحرص على إدارة أزمة وقضية سد النهضة من خلال الحوار الهادئ، بعيدًا عن الانفعال، وأضاف أن الهدف من ذلك هو حل هذه القضية والوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وألَّا يتم ملء السد إلا بعد الوصول إلى اتفاق قانوني بشأن عملية الملء والتشغيل.

وأوضح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن مصر ليست ضد بناء سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا أنّ ما تحرص عليه القاهرة هو عدم الإضرار بحقوقها في مياه النيل، وأن مصر تشجع أية مشروعات تنموية في دول حوض النيل، مضيفًا أن ما تحرص عليه القاهرة هو التشاور بين الأطراف المعنية وعدم الإضرار بحقوقها في مياه النيل، وجدد مدبولي موقف القاهرة إزاء ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن إدارة وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.

وعن سد النهضة، قال السفير على الحفني، نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية الأسبق، إن قضية السد تخضع لمتابعة ومفاوضات من الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن والأمم المتحدة، لافتًا في تصريحات للفتح إلى ضرورة استمرار المفاوضات والوصول لحل بين الدول الثلاث، مما يساعد على استقرار السلم والأمن في القرن الأفريقي، وإلا ستكون هناك تداعيات بكل دول الجوار.

وأعرب السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عن أمله في أن تبذل القوى الدولية مزيدًا من المجهودات لإيجاد حل مناسب لأزمة سد النهضة، بما يضمن طي صفحة الخلاف بين جميع الأطراف المشاركة أو التي لها علاقة بأزمة سد النهضة.

وأكد هريدي في تصريحات لـ "الفتح" أنه يتمنى أن تتواصل الجهود الأفريقية والدولية لتسهيل المفاوضات حول سد النهضة، بالإضافة إلى تجاوز الخلافات الحالية المتواجدة بين أطراف الأزمة، معربًا عن أمله في أن تسفر هذه المجهودات في تجاوز الخلافات، وذلك من خلال التوصل إلى اتفاق ملزم لأطراف القضية دون أن يكون هناك ضرر بمصالح أي طرف منهم.

وتواصل مصر تأكيدها على ضرورة استئناف مسار مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، والتوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة على نحو يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر المائية.