بعد اشتعال الموقف.. هل تطور أزمة السودان ينذر بثورة جديدة ضد شركاء الحكم؟

احتجاجات واسعة في 15 محافظة.. والأمن يقتحم المستشفيات لاعتقال المتظاهرين

  • 728
البرهان وحميدتي وأعضاء مجلس السيادة

 تتصاعد الأزمة السياسة في السودان، منذ إبريل عام 2019، بعد سقوط الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير وتولي الجيش السوداني مقاليد البلاد، وبعد تعيين مجلس السيادة السوداني، والاتفاق مع القوى المدنية على وثيقة دستورية، تقضي بتعيين عبد الله حمدوك رئيس للوزراء، وتسليم السلطة لرئيس مدني منتخب عبر انتخابات ديمقراطية بعد فترة انتقالية، جاءت أحداث أكتوبر لتشهد موجة من الاحتجاجات على سياسات مجلس السيادة السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان.

أحداث أكتوبر كانت بسبب إقالة حمدوك واعتقاله مع عدة وزراء في الحكومة، ورغم انتهاء الأحداث واستقرار الأوضاع بعد عودة حمدوك، وتجديد أعضاء السيادة السوداني، تجددت التظاهرات والاحتجاجات، وزادت الأوضاع سوء باستقالة حمدوك الأسبوع الماضي، وقدمت الأمم المتحدة مبادرة لحل الأزمة، تقضي باختيار رئيس وزراء جديد ومجلس مدني، بالإضافة لمجلس عسكري يختاره رئيس الوزراء الجديد، ورحب البرهان بمبادرة الأمم المتحدة.

وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم أمس الإثنين تظاهرات ومسيرات احتجاجية شارك فيها عشرات الآلاف في 15 مدينة في مختلف أنحاء السودان، للمطالبة بالحكم المدني ومحاسبة من تسببوا في قتل 75 شخصا منذ انطلاق الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر، كما أعلن  أكثر من 20 تنظيما عدة تنظيمات وهيئات العصيان المدني الشامل وإغلاق المدن والأحياء بعد ارتفاع عدد قتلى احتجاجات الاثنين على يد قوات الأمن السودانية.

وقبل الاحتجاجات كانت قوات الأمن اعتقلت العشرات من السودانيين من أحياء الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، بالإضافة لاقتحام عدد من المستشفيات واعتقال عدد من المصابين الذين كانوا يتلقون العلاج بداخلها بحسب تقارير سودانية.

وأعلنت الشرطة في بيانها أمس الإثنين، تسجيل 7 حالات وفاة لمواطنين جميعها بمحلية الخرطوم، وإصابة 50 من منسوبي الشرطة، و22 من المواطنين، إصابات متفاوتة، وتمّ القبض علي 77 متهمًا، وتمّ اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهتهم بدوائر الاختصاص بإشراف النيابة.

وأكدت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية مولي فيي، لعضو مجلس السيادة السوداني شمس الدين كباشي، على ضرورة إجراء حوار شامل بين القوى السياسية والمكونات الأخرى بالبلاد، يفضى إلى توافق وطني على إدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية.

 وشددت على ضرورة الاتفاق على الآلية المناسبة لترشيح رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة تنفيذية بأسرع وقت ممكن لسد الفراغ الطويل بالجهاز التنفيذي، مؤكدا ضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، تتسلم بعدها إدارة البلاد حكومة مدنية منتخبة، وأعلنت الخارجية الأمريكية، أمس الإثنين، أن مبعوثين أمريكيين توجهها إلى الخرطوم لمطالبة السلطات بوضع حد للعنف ضد المتظاهرين.

وصرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الخميس الماضي أن الأوضاع في السودان تحتاج الى توافق سياسي بين كافة القوى للخروج من الازمة الحالية حتى إجراء انتخابات تعبر عن الشعب السوداني.

ونحو ذلك السياق، قال السفير على الحفني، نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية الأسبق، إن الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك لم يرضي كل القوى السياسية، مضيفًا أن القاهرة تتمنى حل الأزمة بالتشاور وتنحية الخلافات.

وأشار نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية الأسبق، في تصريحات سابقة لـ"الفتح"، إن أي اتفاق بين المكونين السياسي والعسكري، ويدعم المسار الديمقراطي وانتقال السلطة بشكل سلمي لحكومة منتخبة؛ أمر هام وعلى السودانيين أن يقبلوه، محذرًا من بداية مرحلة أخرى من الصراع، مثل الأحداث الأخيرة في 25 أكتوبر الماضي، لافتًا إلى ضرورة أن يدركوا السودانيين أهمية الوفاق بين كافة أطياف القوى السياسية والجانب العسكري.

ونصح الحفني  بأهمية أن يدرك الجميع مدى حساسية المرحلة الحالية، وضرورة أن التركيز على جهود إتمام كافة استحقاق المرحلة الانتقالية، وأن يحدث مزيد من الحوار، وتهمل القوى السياسية على توافر الوئام والاتفاق فيما بينهم.

وقال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية السابق، إن تشكيل المجلس السيادي الانتقالي في السودان لم يكن حل كامل الأوصاف، ولن يوافق عليه جميع القوى، مضيفًا أن عبد الفتاح البرهان كان ينبغي عليه جمع القوى الوطنية، والحصول على موافقة الجماهير قبل اتخاذ تلك القرارات.

وأكد مساعد وزير الخارجية السابق، في تصريح سابق لـ"الفتح"، أن القرارات التي تتعلق بالمواطنين تحتاج موافقة الجماهير للنجاح وصدق من يقوم بإطلاق القرارات، لافتًا إلى أن العبرة في جذب تأييد الجماهير على الساحة، حتى يستطيع المجلس السيادي، أو البرهان في تحقيق الاستقرار في السودان.

وأوضح السفير السابق أن تجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية وحرمان قوى الحرية والتغيير من مزاياها في الوثيقة الدستورية، يُسقط جبهة عريضة من شعب السودان، وأن تلك الخطوة كانت بداية سقوط الاتفاق بين البرهان والقوى السياسية.

وأشار بيومي إلى ضرورة توحيد القوى في السودان، ومشاركة كافة الأطراف في المرحلة الانتقالية، حتى لا يدور السودان في دائرة مفرغة من القرارات، وتكون النهاية تأجيج الصراع، وعدم وجود حلول وسطية، مما سيؤدي لإطالة أمد المرحلة الانتقالية وزيادة الخسائر الاقتصادية.

وتظل الأوضاع السودانية عالقة عند مستوى الفوضى والتذمر الشعبي والسخط الواضح من سياسات وقرارات مجلس السيادة السوداني، ويتضح من الاحتجاجات المتتالية أن التوافق بين المكونين العسكري والمدني ومشاركة جميع القوى في المرحلة الانتقالية أمر هام وضروري، كما أن محاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين والمحتجين بات مطلب شعبي للسودانيين.