هل القطاع الزراعي الأكثر تأثرًا؟.. مصر تطلق استراتيجية تغير المناخ 2050

  • 62

وزير الزراعة: يؤدي إلى زيادة درجة ملوحة الأراضي وانتشار الآفات

"مركز البحوث": الإجهاد الحراري له تداعيات على القطاعين الزراعي والحيواني

مراقبون: القيادة السياسية وجهت كافة القطاعات بإعداد الخطط العاجلة 

تقرير: ناجح مصطفى

على الرغم من التقدم البحثي والتكنولوجي خلال الآونة الأخيرة، ومع دخول المحاصيل المُحسنة والمعدلة وراثيًا وأنظمة الري الحديث التي قام بها مركز البحوث الزراعية، فما زال المناخ يمثل إحدى الركائز المهمة بالعديد من القطاعات عمومًا ومعدلات الإنتاج الزراعي على وجه الخصوص، وكذلك الوضع بالنسبة لخصائص التربة والمجتمعات الطبيعية، حيث إن تأثير المناخ على الرقعة الزراعية له ارتباط مباشر بالمتغيرات الطارئة على أنماط المناخ محليًا وعالميًا. ويرى مراقبون زراعيون ومحللون أن أي تقييم يجب أن تتم دراسته جيدًا وحسب كل منطقة على حدة.

ترابط التغير المناخي وقطاع الزراعة

إن التغير المناخي وقطاع الزراعة يُعدان عمليتين متلازمتين ومتلاصقتين، حيث يؤثر المناخ على الزراعة بطرق مختلفة للغاية، مثل تأثير درجات الحرارة، وسقوط الأمطار، بجانب التقلبات الجوية القوية مثل موجات الحر والرياح، الأمر الذي يسبب تغيرات بالغة في انتشار الآفات والأمراض، مما يسبب تخوفات وفقًا لخبراء بمركز البحوث الزراعية المصرية، كالتأثير في الجودة الغذائية لبعض الأطعمة وغيرها من الأمور.

من جهته، أكد السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن التغيرات المناخية لها أثر كبير على احتياجات النبات من المياه، مشيرًا إلى أنها تؤدي إلى زيادة درجة ملوحة الأراضي الزراعية، وذلك نتيجة ارتفاع منسوب مياه المحيطات.

الزرع أكثر حساسية

وأضاف القصير أن العالم كله يهتم بالتغيرات المناخية بدرجة كبيرة من الجدية، منوهًا أن قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي تتأثر بالتغيرات المناخية. وتابع: "النبات له احتياجات من حرارة وضوء، والزرع أكثر حساسية من الإنسان، وله احتياجات من المياه، كما يحتاج إلى درجة معينة من الملوحة".

وواصل وزير الزراعة حديثه، بالقول: "تغيرات المناخ لها أثر سلبي في انتشار الآفات بالأراضي الزراعية، ونحاول توعية المواطنين بالتغيرات المناخية وخطورتها على المحاصيل الزراعية، ونتخذ إجراءات للتكيف مع التغيرات المناخية".

خطة المناخ 2050

وأطلقت مصر الاستراتيجية الوطنيّة لتغيّر المناخ 2050 على هامش مشاركتها في فعاليات مؤتمر المناخ بجلاسكو "كوب 26".

وأعلنت وزيرة البيئة، ياسمين فؤاد، إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغيّر المناخ 2050، مشددة على أن الملف شهد اهتمامًا متصاعدًا منذ عام 2019.

وأوضحت، حسب بيان رسمي صادر عن مجلس الوزراء، أن وزارة البيئة أعدّت للاجتماعات المختلفة للدمج بعد تغير المناخ في عمل القطاعات الأخرى في الدولة المصرية، وأهمها التخطيط والمالية والتعاون الدولي والزراعة.

تأثيره على قطاع الثروة الحيوانية

كشفت الدكتورة ماجدة جلال، وكيل معهد بحوث الحيوان بمركز البحوث الزراعية، عن التغير المناخي وتأثيره البالغ على قطاع الثروة الحيوانية في مصر، مطالبة برفع درجة الاستعداد القصوى لحماية القطاع من أي تأثيرات سلبية.

وقالت "جلال" في تصريحات خاصة لـ "الفتح": إن قطاع الثروة الحيوانية قد تجاوز في السنوات الماضية أكثر من 10 ملايين رأس ماشية تقريبًا، وبسبب بعض التغيرات والسلبيات ومنها "الإجهاد الحراري" حتى قبل التغير المرتقب، تراجع عدد القطيع وعلينا الحذر لحمايتها، مؤكدة في الوقت نفسه أن القطاع تأثر بنسبة تصل إلى 90% بسبب الإجهاد.

سيستم المزارع الحيوانية

وتابعت: "كما أن عدم "رزاز المياه" ومظلات داخل المزارع الحيوانية تسبب في وفاة أعداد كبيرة من رءوس الماشية، ومع التغيرات المناخية التي يجب علينا مواجهتها لأن الأمر صعبٌ للغاية، لذا لابد من التغطية السريعة والتجهيزات الحديثة لحماية الثروة الحيوانية، كما لابد من المتابعة مع المزارع المكشوفة للجو لحمايتها من السلبيات، خصوصًا أن العالم اتجه منذ فترة إلى المزارع الـ "كلوزت"، أي المغلقة".

من جهته، أوضح النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، أن التغيرات المناخية كانت على مائدة منتدى شباب العالم، ولقي هذا الأمر اهتمامًا بالغًا من الزعماء والضيوف الحاضرين، لافتًا أن مصر تعد ضمن الدول التي ستتأثر بتلك التغيرات المناخية.

إذابة سهول القطب الشمالي

أضاف "تمراز" في تصريحات لـ "الفتح" أن إذابة السهول والجبال المُجمدة وخصوصًا القطب الشمالي بسبب ارتفاع درجات الحرارة، سوف تسبب ارتفاعًا في منسوب المياه، والخطورة تكمن في أن هذه المياه هي مياه بحار وليست أنهارًا ما يعني أنها مياه مالحة ولا تصلح للزراعة.

وتابع: أن هذه المياه المذابة ستغمر الأراضي، والتصحر في بعض المناطق الأخرى، بالإضافة إلى زيادة الملوحة في أراضٍ أخرى، لذا فنحن مطالبون ولدينا مركز البحوث الزراعية ويضم عددًا كبيرًا من العلماء والباحثين، فعليهم الاستعداد لهذه التغيرات، ووضع حلول لمعالجة التربة، واستنباط أصناف جديدة تواكب هذه التغيرات.

زراعات بديلة

أشار وكيل "زراعة النواب" إلى أن مصر بحاجة ضرورية ومُلحة إلى زراعات ومحاصيل بديلة تواكب الأحداث والتغيرات، للحفاظ على معدلات الإنتاج، موضحًا أن لجنة الزراعة أوصت بعدة أمور مهمة، ومنها تقديم دراسة دقيقة وشفافة من مركز البحوث الزراعية لمواجهة هذه الأحداث، وكيفية وطرق الحفاظ على التربة من التصحر. مردفًا "يجب معرفة الأصناف التي تصلح في بعض المناطق ولا تصلح في أماكن أخرى حال تضرر التربة والزراعات البديلة.

من جهته، أكد مجدي الشراكي، رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، أن دور الجمعيات والتعاونيات هو تنفيذ ما يصدر عن الوزارة والمراكز البحثية من أجل مواجهة التغير المناخي.

خطط مركز البحوث الزراعية

أضاف "الشراكي" في تصريح خاص لـ "الفتح" أن مركز البحوث الزراعية يُعد ضمن جهات الاختصاص والركيزة التي تقدم الحلول والمقترحات لحماية الفلاح تارة والاقتصاد القومي تارة أخرى، لافتا أن التغيرات المناخية تلقى اهتمامًا كبيرًا لدى القيادة السياسية وكل الهيئات والقطاعات والمديريات التابعة لوزارة الزراعة.

وطالب "رئيس الجمعية" قطاع الإرشاد بتكثيف التواصل مع المديريات والمراكز بكافة المحافظات لتوعية المزارعين وتوجيههم لعدم تأثر الرقعة الزراعية، لافتًا أن هناك نحو 691 جمعية تابعة لهيئة "الإصلاح الزراعي"، ولها دور مهم خصوصًا وقت الأزمات وإتاحة الحلول الممكنة أمام الفلاح.

الإنسان سبب التغير المناخي

ويرى خبراء دوليون وعلماء أن هناك إجماعًا علميًا على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض هو من صنع الإنسان في الغالب، إذ إن نحو 97% من علماء المناخ توصلوا إلى هذا الاستنتاج، كما أن أحد أكبر المسبّبات إلى حد بعيد هو حرق الوقود الأحفوري– أي الفحم والغاز والنفط، وهو ما زاد تركيز الغازات الدفيئة، مثل ثاني أوكسيد الكربون في غلاف أرضنا الجوي.

حرارة كوكب الأرض

وفي واقع الأمر، فإن العلماء متيقنون من الصلة بين الغازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة في كوكب الأرض، بنفس قدر تيقنهم من الصلة بين التدخين وسرطان الرئة. لكن هذا ليس استنتاجًا تم التوصل إليه مؤخرًا، فالمجتمع العلمي دأب على جمع ودراسة البيانات بشأن ذلك التغير طيلة عقود، وبالفعل بدأت التحذيرات من الاحتباس الحراري تتصدر العناوين منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.