• الرئيسية
  • الأخبار
  • أوكرانيا.. من يطلق الرَّصاصة الأولى؟ الروس غير مستعدين للتنازل.. والغرب لا ينوى التراجع

أوكرانيا.. من يطلق الرَّصاصة الأولى؟ الروس غير مستعدين للتنازل.. والغرب لا ينوى التراجع

مهاترات وتهديدات إعلامية بالعقوبات والسلاح.. و"دونباس" قد يلقى مصير جزيرة القِرم

  • 71
صورة أرشيفية معبرة

تتجه أنظار العالم الآن تجاه أوكرانيا مترقبين إطلاق الرصاصة الأولى، لا سيما مع تصاعد حدة التصريحات الإعلامية بين روسيا والغرب، لكنَّ الدب الروسي لا يزال يلعب بذكاء فلا يهجم بكل قوته، بل يتحرك رويدًا رويدًا، ويبدو أنه سيضرب بمخلبه القوي ضربةً ثانية يقتطع بها جزءًا آخر قريبًا مثلما فعل مع جزيرة القِرم، وهو إقليم دونباس، وفي المقابل يبادله الغرب ذكاءً بذكاء ويفكر في عقوبات مؤذية لموسكو تردعها وتضعفها لكن في الوقت ذاته لا تكسرها؛ لأن مجرد محاولة كسرها سوف يستفزها للمهاجمة بكل قوة وشراسة، وهذا ما يخشاه الغرب.

أوكرانيا تدفع الثمن

الطرفان يلعبان سويًّا لعبة تتعلق بـ"كبرياء العظمة"، ويعلمان جيدًا مقدار قوتهما وأن الحرب بينهما معناها نهايتهما معًا؛ لذلك يتصارعان عبر المهاترات الإعلامية البراقة والتهديدات العنترية، ووحدها أوكرانيا تدفع الثمن، وتعاني من تبعات صراع تاريخي؛ فالحشود العسكرية الروسية على حدودها لن تنصرف هكذا دون مقابل، بل سيكون هناك ثمن كبير ستدفعه أوكرانيا من حريتها وسيادتها على أراضيها وامتلاك مقاليد الحكم وزمام الأمور داخل حدودها حتى لو لم يحدث غزو عسكري روسي لأراضيها.

 "يفين" ورقة موسكو الرابحة

على الأرجح أن الطرفين لن يقدما على الحرب الشاملة؛ لما لدى كل منهما من أسلحة نووية -وغير النووية- قادرة على الفتك بالطرف الآخر، بل تدمير كوكب الأرض كله؛ وبِناءً عليه ربما تكون هناك مناوشات بسيطة تتمثل في غزو بري روسي قريب للأراضي الأوكرانية؛ لذلك أمد الغرب "كييف" بمختلف الأنواع من الأسلحة المتقدمة القادرة على التصدي للدبابات والأسلحة الروسية ووقف تقدمها.

موسكو مستمرة في حشودها وتعزيزاتها العسكرية على الحدود الأوكرانية، وقد تكتفي بوجود شخص يميل لها ويحكم "كييف"، وهذا الشخص هو يفين موراييف (سياسي ورجل سابق في البرلمان الأوكراني)، وهو رجل ربما يكون ورقة روسيا الرابحة لحكم أوكرانيا في مقابل عدم الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.. وربما تكتفي موسكو بدعم الاتجاهات المعارضة للحكومة في "كييف" والقيام بانقلاب على الرئيس الحالي "فولوديمير زيلينسكي" الموالي للغرب وعزله، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة يفوز فيها رجل ترضى عنه روسيا وتدعمه.

روسيا لن تتراجع عن موقفها، ولن تخاطر بما يهدد أمنها القومي، ولا ترى سوى مشهد قوات حلف "الناتو" على حدودها، وهي لا تريد ذلك، ولا تنسى أبدًا مشهد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق؛ وبالتالي لن تخشى أي شيء حتى لو كانت الحرب هي النهاية، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين رجل عسكري مخابراتي محنَّك وصارم، لا يهادن أبدًا فيما يتعلق بأمن بلاده وسيفعل أي شيء لإبعاد "الناتو" عن أراضيه؛ من أجل ذلك قد تنصاع "كييف" وتحقق رغبات موسكو وتسعى لطمأنتها وإطفار نار العداوة في صدرها عن طريق إبعاد "الناتو"، وتتجنب غزو أراضيها.

وفي المقابل، فإن الغرب حتى الآن يكتفي بدعم أوكرانيا بالسلاح فقط، ولم يرسل أي جندي له إلى الأراضي الأوكرانية، ويبدو أنه عازم على القتال حتى آخر جندي أوكراني، هذا إذا اشتعلت الحرب من الأساس، وهذا السيناريو تحاول "كييف" تجنبه قدر الإمكان؛ ففيه نهايتها.

أمريكا تُجلي رعاياها

على الجهة الأخرى، دعمت الولايات المتحدة الأمريكية أوكرانيا بإرسال شحنة سلاح ثانية يوم الأحد الماضي وزنها أكثر من 80 طن، وسبقتها بيوم شحنة بلغ ونها نحو 90 طن سلاح. وأمرت واشنطن رعاياها في "كييف" بمغادرة البلاد؛ فقد قررت يوم السبت الماضي إجلاء عائلات الموظفين العاملين في سفارتها بأوكرانيا، وهناك توقعات ببدء إجلاء كل المواطنين الأمريكين الموجودين في أوكرانيا خلال الأسبوع المقبل عبر رحلات جوية؛ وهذا معناه زيادة التوقع الأمريكي للغزو الروسي ورجحان كِفة اشتعال الحرب لدى عقول القيادة الأمريكية.

وبدأت أمريكا كذلك في ترهيب كل داعمي روسيا والمتعاونين معها؛ فها هي تهدد بيلاروسيا برد سريع وحاسم إذا سمحت لموسكو باستخدام أراضيها في غزو جارتها "كييف"؛ وذلك بعدما أرسلت روسيا قوات عسكرية إلى أراضي بيلاروسيا للمشاركة في تدريبات عسكرية في الفترة ما بين يومي 10-20 من شهر فبراير المقبل.

وسارت بريطانيا على خطى أمريكا؛ فقد أعلنت توصياتها لمواطنيها بخصوص السفر إلى أوكرانيا، ونصحتهم بعد السفر إلى هناك إلا للضرورة. واليابان كذلك تدرس إجلاء رعاياها من أوكرانيا.

كرواتيا تسحب قواتها من "الناتو"

في السياق ذاته، أعلن الرئيس الكرواتي أن بلاده سوف تسحب قواتها العسكرية الموجودة في حلف "الناتو" المنتشرة في أوروبا الشرقية إذا بدأت الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ لذلك استدعت وزارة الخارجية الأوكرانية "أنيتسا دجاميتش" سفيرة كرواتيا لديها؛ لسؤالها عن تصريحات رئيس بلادها، وأعربت لها عن خيبة أملها من تلك التصريحات، بل إنها طلبت تقديم اعتذار علني عنها وعدم تكراها مرة أخرى.

كل السناريوهات متوقعة خلال هذه الأزمة القائمة، التي لو ساءت وتفاقمت قد تجر العالم أجمع إلى حرب عالمية ثالثة تبدأ شرارتها الأولى في أوكرانيا، ثم تنتقل سريعًا إلى بقية المناطق المتحالفة مع الطرفين، وقد تنتشر أكثر من ذلك وتودي بالجنس البشري كله.