كيف حال العقدة

رحاب حجازي

  • 79

.يتنوعُ غذاء الإنسان اللازم لتستمر حياته في عافية واستقرار ولا يقتصر على الطعام فقط، فكما أن الطعام غذاء لازم للبدن ليستقيم في صحة ولا يُستغنى عنه، أيضاً القراءة غذاء العقل، والحب غذاء الروح. وجميعنا نطالع معرض الكتاب يُقام في وقت محدد من كل عام فتذهب الجموع وتشتري الكتب لتقرأها بشكل منتظم على مدار أيام السنة وليس ليوم واحد فقط، والبعض يواظب على الاطّلاع من المجلات أو من الإنترنت وغيرها، ومن لا يقرأ بشكل يومي لا يُطلق عليه قارئ ولا يدخل قي عداد القراء. تخيل لو أن الإنسان لا يقرأ إلا في يوم واحد في السنة، أو لا يأكل إلا في يوم واحد في السنة؟

إذن تخيل لو الإنسان لا يحب إلا ليوم واحد في السنة! 

الحياة دون الحب كالأرض اليابس دون الماء تجف وتذبل، ومن يحب حقًا ويكرم قلبه لا يجعل للحب يومًا، من جعل للحب يومًا وحيدًا ليس بمحب، المحب حقاً كل يوم عنده هو عيد للحب، كل همسة اعتراف غير مكتوب منه بالحب، كل نظرة كلمات منه لمن يحب، كل لقاء هو له لقاء قلب بقلب.

وأكبر دليل على الحب هو الفعل المؤكد له، الحب الحقيقي هو ارتباط شرعي معلن وخشية وخوف عليكِ من المعاصي ومن الانجراف لبئر يُجرح فيها قلبك.

حصر شكل الحب فقط يين الشباب والبنات فيما يسمى بالفلانتاين ما هو إلا مكيدة لتشجيع العلاقات خارج إطار الزواج، فيكون نشرًا للفاحشة في الذين آمنوا، وللأسف أكثر مَن يقع فيه صغار السن، وهو عيد ما أنزل الله به من سلطان، ونشر للمفاسد وابتداع غير شرعي وقد أبدلنا الله خيرًا منه الفطر والأضحى.

قَصْرُ الحب على هدية أو دباديب ذات لون أحمر في يوم الفلانتاين حتى بين المتزوجين يضرُ بقيمة الحب ومعانيه ولا يفعله إلا فاقد للحب، أما الحب فنحيا به وننعم في كل وقت كما كان هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- وكما علمنا فقال: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم  أو كما قال "تهادوا تحابوا"، أو كما كان يُداعب السيدة عائشة فيقول: ما زالت العقدة على حالها؟، أو كما أحب السيدة خديجة في حياتها ويكرمها بعد مماتها. 

وفي سيرته مع زوجاته وأصحابه والصغير والكبير تتجلى أسمى معاني الحب وعظمته، من إيثار ومودة واهتمام ورحمة ودعم، فالحب عندنا أسلوب حياة نعيشه بين الأب وابنه، والأم وأطفالها، والأخ والأخت، وبين الأصدقاء والجيران، وبين الطالب ومعلمه، والزوج وزوجه، أو حتى يينك وبين كتاب، وقبل كل هذا تمارسه دوماً بينك وبين نفسك. 

عذراً فلانتاين فالحب في ديننا نعيشه كل يوم، لا تنعقد عقدته في يوم واحد وتنفك بعده، بل لا تزال طوال العام على حالها، يا من خدعتم مذهب المحبين، حقاً الحب ليس يومًا.