مناورات قرب كييف وعودة لميناء طرطوس.. موانئ سوريا وقود للعدوان على أوكرانيا

سفن إنزال وغواصات نووية في طرطوس واللاذقية للتزود بالوقود والطعام والمياه

  • 858
غواصات نووية روسية في ميناء طرطوس السوري

 روسيا الوريث الوحيد للاتحاد السوفيتي الذي أسقطته الحرب البارد بعد سنوات من الصراع مع أمريكا التي خرجت من عزلتها تكره الجميع ولا تريد لغيرها أن يملك القوى والمكونات اللازمة للردع والنفوذ، بوتين يسير بخطوات سريعة نحو بناء الإمبراطورية القديمة، ولم شمل الولايات السوفيتية سواء وافقت الدول الشرقية أو أُرغمَت على ذلك، وهذا هو لب الأزمة اليوم؛ فموسكو تُجيِّش قواها نحو أوكرانيا بهدفا السيطرة عليها عاجلًا أو أجلًا، وأمريكا تسعى لمناوئتها وتقوي عزم كييف بالسلاح والجنود.

موسكو وموانئ سوريا

نزاع فريقين يدفع ثمنه دول وشعوب تعاني من الفقر والجوع والنزاعات الأهلية ودمار الحروب، روسيا تسعى لتحقيق أمالها الغير مشروعة على أكتاف السوريين، وتتغذى في حربها على أوكرانيا بأموال وثروات السوريين، فلم يكفي موسكو أنها قتلت الشعب السوري، واحتلت أرضه، وسرقت مطاراته وموانيه وسيادته على وطنه؛ روسيا تتحكم بموانئ سوريا وتتخذ منها موطئًا لصيانة أساطيلها وسفنها البحرية ومدها بالوقود والطعام والمياه، ونقطة انطلاق للعدوان على كييف.

ميناء طرطوس

روسيا بعدما أنهت مناورتها في أوروبا، عادت إلى سوريا وكأنها أراضيها وليست أراضي السوريين، ورست ست سفن إنزال روسية كبيرة تابعة لأسطولي بحر الشمال والبلطيق إلى المركز اللوجستي للبحرية الروسية في ميناء طرطوس بسوريا، وأكدت وزارة الدفاع الروسية، أن مجموعة السفن تضم ست سفن إنزال كبيرة، هي "بيوتر مورجونوف" و"جورجي بوبيدونوسيتس" و"أولينيجورسكي غورنياك" و"كوروليوف" و"مينسك" و "كالينينجراد"، وأضافت أن مجموعة السفن قطعت مسافة 6 آلاف ميل بحري وستبقى في ميناء طرطوس لتجدد إمداداتها بالوقود ومياه الشرب والمواد الغذائية، بحسب ما نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية.

وتسيطر روسيا على موانئ سوريا بعد توقيع اتفاقيات مع بشار الأسد، تقضي بإدارة موسكو لمواني سوريا وعلى رأسها اللاذقية وطرطوس، وتوسيع مركز الإمداد المادي والتقني التابع للأسطول الحربي الروسي في طرطوس، والاستخدام المجاني للموانئ لـ 49 عامًا، وتضمن بنود الاتفاقية بتواجد 11 سفينة حربية روسية، بما في ذلك السفن والغواصات الروسية النووية، مع إمكانية التجديد التلقائي لفترات بمدة 25 عاماً.

وبدأ التطبيق الفعلي للاتفاقية في 18 يناير 2017، بأن تتولى روسيا حماية مركز الإمداد التابع لأسطولها، في البحر والجو، فيما تتولى سوريا الدفاع عن المركز من البر، كما تنص الاتفاقية على أن تسلم سوريا لروسيا مجانًا طوال مدة الاتفاق، الأراضي والمياه والعقارات في منطقة ميناء طرطوس واللاذقية،  وبدأت موسكو في مايو 2021 بناء رصيف عائم لتعزيز مرافق إصلاح السفن في الميناء.

قلق أمريكي

أكد موقع المونيتور الأمريكي أن روسيا تستخدم الموانئ السورية لتهديد حلف شمال الأطلسي، وأضاف أن السفن والغواصات النووية في سوريا، تقطع الطريق أمام هيمنة حلف الأطلسي على البحر المتوسط، ويهدد الدول الأعضاء في الحلف، وتحديدًا تركيا واليونان وإيطاليا، وأوضح أن روسيا سفن الإنزال الكبيرة، قادرة على حمل سفن حربية، ومراكب برمائية، وهو ما يعني أن الروس يريدون توجيه رسائل للغرب، فيما يخص الملف الأوكراني.

ونحو ذلك السياق، قال عبد الرحمن ربوع الكاتب والباحث السياسي السوري، إن روسيا تحتاج لنقل السفن والقطع البحرية من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، عدة محطات أو محطة واحدة على الأقل للتزود بالوقود والماء والطعام وإجراء أعمال الصيانة، لافتًا إلى أن الطريق طويل جدًا من البلطيق للبحر الأسود عبورًا بالمحيط الأطلسي وبحر الشمال والبحر المتوسط. 

وأكد السياسي السوري، في تصريحات لـ"الفتح"، أن روسيا استغلت مواني سوريا وقواعدها البحرية، كمحطات للتزود بالوقود وإجراء صيانة للقطع البحرية الروسية القديمة التي يزيد عمرها عن 30 عامًا والموروثة عن الاتحاد السوفيتي؛ عبر اتفاقيات تعبر بوضوح عن استنزاف ثروات السوريين، والتعدي على سيادتهم على أراضيهم وموانئهم.

وأشار ربوع إلى أن استحواذ موسكو على ميناء طرطوس واللاذقية والموانئ السورية، عبر اتفاقيات اذعان طويلة الأمد مع بشار الأسد والنظام السوري، مضيفًا أنها كانت صفقة مربحة لروسيا استطاعت من خلالها تأمين خطوط الملاحة الخاصة بها في البحر المتوسط وتأمين حركة سير سفنها من وإلى موانئها في بحر البلطيق والبحر المتوسط.

ولفت ربوع إلى الحادثة التي تعرضت لها موسكو قبل 3 سنوات تقريبًا، موضحًا أن سفينة روسية عبرت البحر المتوسط وتعرضت لعطل ونقص في الوقود ولم تجد أي ميناء يستقبلها في المتوسط واضطرت روسيا لجرها وشحنها، لانه لأحد في المنطقة يتعامل في البحرية الروسية.

وشدد الكاتب السوري، أن روسيا سعت للتحكم في موانئ سوريا، ومنها ميناء طرطوس واللاذقية كنافذة ومحطة ونقطة لتجميع السفن والمركبات الروسية البحرية، مؤكدًا أن موسكو رأت في السيطرة على الموانئ أمر غاية في الأهمية للروس لتأمين حركة الملاحة وسرعة الانتشار والحركة، وضلوعها بأعمال عسكرية في ليبيا وسوريا وغرب أفريقيا، وأنها في حاجة ماسة لتلك القواعد في سوريا لتكون قاعدة انطلاق جنوبا وشمالًا.

وأوضح السياسي السوري أن معظم الأسطول الروسي موجود في بحر البلطيق ويتم فيه الصيانة والتصنيع والحركة الأكبر له، وفي البحر الأسود لا يتوفر ذلك، مردفًا بأنها في حاجة لسفن إنزال ومركبات بحرية للحشد ضد أوكرانيا، وعلى شواطئي طويلة في البحر الأسود وروسيا في حاجة لتعزيز أسطولها في البحر الأسود ومحطة لتزويدها بالوقود والطعام والصيانة واحتياجات لوجيستية.

وأفاد ربوع بأن موانئ طرطوس واللاذقية منحها بشار لروسيا مقابل دعمها لإخماد الثورة السورية وقتل السوريين وحرقهم وقصفهم بالطائرات على مدار 6 سنوات ماضية، وشاركوا الأسد بقوة وفاعلية في إحباط الثورة وتأمين مناطق النظام ومواجهة المعارضة، ومعاونة ميليشيات إيران في سوريا، عاد بالنفع الأن على روسيا واستطاعت الحصول على موطئ قدم في المتوسط لتسهيل حركة البحرية الروسية في أي أعمل تطلع بها.

وأكد المعارض السوري، أن موسكو تستغل ممتلكات السوريين لكي يكون لها قواعد بحرية في الشرق الأوسط على غرار القواعد الأمريكية، كما أن موانئ سوريا فرصة لزيادة نفوذ موسكو في العالم، موضحًا أن روسيا تستنزف ثروات وخيرات السوريين وتستخدم أراضي سوريا وموانئها نقطة انطلاق لتنفيذ مخططاتها وأهدافها في العالم وعلى رأس ذلك أوكرانيا وأفريقيا والشرق الأوسط.

وقال تيسير النجار، الكاتب والمحلل السياسي السوري، إن روسيا تسعى منذ بداية الثورة السورية عن مصالحهما الخاصة فقط، وتدخلت ليس لمساعدة بشار ولكن للتحكم بالموانئ وبسط نفوذها على مطارات وموانئ سوريا.

وأكد السياسي السوري، في تصريحات خاصة لـ"الفتح"، أن روسيا تخطط منذ سنوات لإبقاء نظام بشار الأسد في الحكم، للحصول على أكبر قدر من المكاسب، مشيرًا إلى أن موسكو باتت تتعامل مع الموانئ السورية وكأنها أراضي روسية في الشرق الأوسط.

ولفت النجار إلى السفن والقطع البحرية الروسية التي ترسوا في ميناء اللاذقية على غرار القواعد البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط ودول الخليج، كما أن روسيا تستغل الموانئ السورية في أزمة أوكرانيا.

وتعبر سفن روسيا وأسطولها البحري في اللاذقية وطرطوس عن الاستعمار الروسي لبحار سوريا وموانئها وأراضيها، واستنزاف الثروات السورية، كما تبين بوضوح الخزي الذي ينتهجه العالم في الصمت على العدوان الروسي على السوريين، وتشير كيف تستخدم موسكو موانئ سوريا للعدوان على أوكرانيا وتهديد حدودها البحرية والبرية.