• الرئيسية
  • الأخبار
  • عنصرية مقيتة وتناقض صارخ.. الغرب تجاهل سوريا وفلسطين وسارع لإنقاذ كييف | صور

عنصرية مقيتة وتناقض صارخ.. الغرب تجاهل سوريا وفلسطين وسارع لإنقاذ كييف | صور

العراق واليمن شاهد عيان.. كيل بمعيارين تجاه العرب تحت وقع الرصاص

  • 2762
أرشيفية

حرب أوكرانيا كشفت تحيّز الغرب وعنصريته المقيتة ضد قضايا المسلمين والعرب

مبادئ زائفة وقيم موجهة.. الغرب تجاهل سوريا وفلسطين وسارع لإنقاذ كييف

العراق واليمن شاهد عيان.. عنصريّة غربيّة تجاه العرب تحت وقع الرصاص


كتب- عمرو حسن ومحمد عبادي

15 يومًا من الحرب الروسية على أوكرانيا كانت كفيلة أن تكشف عنصرية الغرب المقيته بين ما حدث سابقًا ولا يزال تجري أحداثه في سوريا واليمن والعراق ودول الشرق الأوسط ومن قبلهم فلسطين الآبية من احتلال وعدوان وجرائم يندى لها الجبين، عشرات السنوات من الاستعمار والقتل والاستيطان في فلسطين، وعقدٍ كامل من قمع وقصف وإبادة السوريين، وصغارٍ في اليمن تحولت أجسادهم إلى هياكلٍ عظمية من الجوع والمرض وانتهاكات الحوثيين، وفي العراق سرقت أمريكا مستقبل شعب بغداد، واستنفذت ثروات شبابه بمزاعم الإرهاب، والغرب صامتٍ كفيف صمَّ آذانه عن هدم البيوت وقصف المساجد ونهب آبار النفط والغاز.

عنصرية بغيضة

وها هو ذلك الغرب البغيض ينعق ليل نهار بما يحدث في أوكرانيا من عدوان وانتهاك روسي لأراضي الأوكرانيين، ويُكيِّل العقوبات والاتهامات إلى موسكو وكأن العالم كان هادئًا سعيدًا قبل الهجوم على كييف، وسيل المساعدات يتوجه صوب أوكرانيا لإنقاذها ووعود بالتصدي لروسيا عما اقترفته من جرم، وهنا يتساءل العالم، أين القدس من تلك الوعود والمساعدات، ومتى ستردع عقوبات الغرب الاحتلال الصهيوني ويمنع التهجير والإبادة، ولماذا لم ترى واشنطن وأقرانها الإرهاب الروسي الإيراني وقتل المدنيين في سوريا، ومتى سيقف العالم لقمع عدوان الحوثيين، عنصرية مشوءمة وتناقض صارخ وكيل بمكاييل عدة من عالم منعدم الأخلاق، وكأن المسلمون والعرب ليسوا بشرًا، وأن من تحتل أوطانهم ويقتل آبائهم وتستنزف خيراتهم لم يكونوا أطفالًا.

وكما كشفت أزمة اللاجئين الأوكران زيف مبادئ الغرب وقيمه الموجهة، فكان للاجئين الأوكران الأولوية في عبور الحدود، ومنعت الأفارقة والمسلمون من العبور، ووصفت ما حدث لهم بأنه أزمة لاجئين، كما حجب الغرب منصات روسية ووقعت عقوبات على بنوك في موسكو، ولم يرى المجتمع الدولي هذا يحدث في بنوك في ميانمار، ولم توقع أوروبا أو واشنطن عقوبات على حكومة الاحتلال، ولم تدين روسيا على ما اقترفته في سوريا، كما لم يمنع الغرب السباق الدولي على ثروات الليبيين بل شارك فيه.

فلسطين ووزير أيرلندا

ووسط الزيف الغربي، استنكر النائب الأيرلندي ريتشارد بويد باريت ازدواجية المعايير التي يتّبعها الغرب في مقارنة أمام مجلس النواب الأيرلندي بين ردة فعل الغرب حيال الأزمة الأوكرانية والأزمات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وندد باريت بـ"سياسات المجتمع الدولي الاستنسابية"، لافتًا إلى ما اتّخذته الدول الغربية من إجراءات وعقوبات ضد روسيا، في أعقاب عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وما تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة.

وأشار ريتشارد بويد إلى أنّ "المجتمع الدولي فرض العقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في غضون 5 أيام، فيما يعيش الفلسطينيون منذ 70 عامًا في القهر بسبب النظرة العنصرية إلى العرب، والتعامل معهم كعِرقٍ أدنى"، كما ذكّر باريت العالم أنّ "منظمة العفو الدولية دعت لفرض عقوباتٍ على مسؤولين صهاينة، متساءلًا: هل يتحرك المجتمع الدولي تجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن الإجابة "لا".

وفي ذلك السياق، قال السفير أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الأمر متسق مع ذاته إذا جاءت العنصرية من القوى العظمى لأنها عديمة الأخلاق، مضيفًا أن ازدواج المعاير والعنصرية والكيل بمكيالين هو الجزء الإيجابي الوحيد الذي كشفه الصراع والحرب الدائرة في أوكرانيا.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق في تصريحات لـ"الفتح"، أن القوى العظمى بلا أخلاق ولا ضمير ولا جديد في أفعالهم، لافتًا إلى أن الغرب لا يحمل مبادئ في التعامل مع الشرق الأوسط وتحديدًا المسلمين والعرب، ولا تنظر لأمنهم ووحدة أراضيهم.

وأوضح القويسني، أن الجغرافيا السياسية هي التي تتحدث في عالمنا اليوم، مشددًا على أن الغرب يستعمل الأخلاق والقيم ضمن أدوات السيطرة، مشيرًا إلى أن أمريكا ضربت الجميع ومنهم فيتنام والصين قبل ذلك، وفعلت كثير من المأسي في العالم، وتستخدم حقوق الإنسان كأدوات، وكل أفعالهم تثبت العنصرية والبطش والكيل بمعيارين.

وأفاد السفير القويسني بأن العالم الغربي بلا ضمير دائمًا في التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط، ويستخدم البطش لتحقيق مصالحة والعراق خير دليل على ذلك، ولا يستخدم قاموس حقوق الإنسان إلا إذا كانت تحقق له مأربه.

سوريا وعدوان بوتين

 وعن عنصرية الغرب، أكد عبد الرحمن ربوع الكاتب والسياسي السوري، أن العنصرية مرض اجتماعي بغيض يتسم به الغرب، وهذه المرة ظهر جليًا في الأزمة الأوكرانية الأخيرة سواء من صحفيين وإعلاميين او من حراس الحدود والسلطات والحكومات، لافتًا إلى ما حدث في بولندا أو أوكرانيا، في أزمة النازحين واللاجئين الأجانب الهاربين من جحيم الحرب الروسية على أوكرانيا.

وأشار ربوع في تصريحات لـ"الفتح"، إلى أن حرس الحدود كانوا ينفذون أوامر حكوماتهم بتسهيل عبور الاوكرانيين فقط، ومنع طالبي اللجوء او المهاجرين العرب والمسلمين والأفارقة من العبور، مؤكدًا أنها عنصرية بغيضة مؤلمة وغير مقبولة بل ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مؤكدًا أن واشنطن وحلفائها يفتقرون إلى الأخلاق والتربية المجتمعية.

وقال الكاتب السوري، إن المجتمع الغربي مارس العنصرية وتعددت معايره تجاه الازمتين السورية والأوكرانية، مضيفًا أن الغرب فيما لايزال مترددًا ومماطلًا في حل الأزمة السورية ودعم الشعب السوري في نضاله لنيل الحرية وإرساء قواعد حكم رشيد على أسس القانون والدستور والعدالة والنزاهة، نراه حازمًا ومسرعًا لحل الأزمة الأوكرانية ودعم الأوكرانيين في مواجهة الهجوم الروسي.

وأوضح ربوع أن الفوارق بين الحالتين وانخفاض الأهمية النسبية لسوريا عند الغرب بيَّن تجاهل الغرب للعدوان الروسي على مدن وسوريا، وتركه لموسكو تعبث كما تشاء وتقتل السوريين وتغتصب ممتلكاتهم وأراضيهم، بينما أسرعت لتدين هجوم موسكو على كييف، مشددًا على أن كون سوريا دولة بعيدة جغرافيًا ودولة صغيرة وهامشية بالنسبة لهم، أضحى كل ما يعنيهم أن لا يخرج الصراع عن نطاق السيطرة، وأن لا يؤثر على دول الجوار، وخاصة إسرائيل إبنة أمريكا المدللة، مضيفًا أنه تركوا الشعب السوري يموت في سوريا ويتم تهجيره وقصفه دون منقذ أو مغيث.

ولفت ربوع إلى أن الغرب تسابق على نيل خيرات سوريا وثرواتهما، وعلى العكس من ذلك بادروا بمساعدة أوكرانيا ماليًا وعسكريًا، وصنفوا الحرب الروسية الأوكرانية كغزو خارجي، وتجاوب الجميع وعلى رأسهم أمريكا وأوروبا وكندا مع أوكرانيا، بسبب مخاوف من تمدد النفوذ الروسي في أوروبا الشرقية واستعادة سيطرتها عليها وتهديدها لأمن بقية الدول الأوروبية خاصةً الغربية منها، ولكن في أزمة سوريا وقفت دول العالم على الحياد. 

العراق.. شاهد على الكيل بمكيالين

ظهرت العنصريّة المتأصلة في العقل الغربي تجاه كل ما هو عربي وإسلامي في جملة "أوكرانيا ليست العراق أو أفغانستان على لسان إعلاميين ووزراء "  ومنهم رئيس الوزراء البلغاري، الذي قال: "هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم. إنهم أوروبيون وأذكياء هذه ليست موجة اللاجئين المعتادة للأشخاص الذين ليس لديهم ماضٍ مجهول "

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نفسه ندد بالموقف الأمريكي من تدخل موسكو عسكريا في أوكرانيا، مذكرًا الإدارة الأمريكية بحربهم في العراق، قائلاً: " ليس نحن من تسبب في سقوط ضحايا في العراق و ليبيا"، وواشنطن سبق أن تدخلت في العراق بحجة تهديده أمنها، وسابقًا قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنّ الغزو الأمريكي البريطاني للعراق دمرها وقتل مواطنيه ونهب ثرواته، وتسبب في كوارث إنسانية. 

وفي هذا السياق ندد دكتور راهب الصالح، مدير مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، بالتصريحات العنصرية الغربية تجاه العراقيين، ويؤكد على أن الغرب متمرس في سياسة الكيل بمكيالين، لافتًا إلى اتهام كل عراقي قاوم الاحتلال الأمريكي للعراق بالإرهاب، وتحت ستار الإرهاب ارتكبت جرائم يندى لها جبين الإنسانية من قبل الجيوش البيضاء التي اجتاحت العراق، وداس بأقدامها القانون الدولي وحقوق الإنسان.

وتابع راهب الصالح أن الغرب يُناقض نفسه وشعاراته حينما يقف مع الشعب الأوكراني بناء على لون الشعر والعيون، والتهكم بعنصرية على الأوضاع في العراق، مضيفًا أن التعامل مع أزمة اللجوء، وفتح الباب على مصراعيه للشعب الأوكراني، يكشف حجم الجريمة التي ترتكبها دول أوروبية بحق اللاجئين العرب، الذين يقتلون على الحدود ويدفنون في الثلج أو يُلقون في البحر. 

مأساة اليمن.. تسبق انقلاب الحوثي 

تظهر قتامة العنصرية في تصريح ريتشارد أوبنهايم، السفير البريطاني في اليمن، الذي أعلن وقوف المملكة البريطانية مع أوكرانيا ضد الهجوم الروسي، العجيب أن نفس السفير البريطاني لم يعلق يومًا عن الاستعمار الحوثي وقتل المدنيين وتجنيد الأطفال في اليمن، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أعظم نكبة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، ومأساة اليمن ليست وليدة الانقلاب الحوثي عام 2014، ولكن سبقها موجات من القتل والاستهداف عبر الطائرات المسيرة، الأمريكية بذريعة محاربة الإرهاب، وأوقعت واشنطن عشرات القتلى والجرحى من المدنيين الآمنين ووصفت عمليات القتل الخاطئ للعشرات بــ "الأضرار الجانبية"، ولم تأبه الدول الغربية وعلى رأسهم واشنطن لمعاناة الملايين من أبناء الشعب اليمني، وتركتهم لمصيرهم في انتظار موافقة الحوثي على الدخول في عملية سياسية، مثَّلت قبلة الحياة لهذه الميليشيا. 

من جهته قال مطهر الريدة المحلل السياسي اليمني، إن أمريكا وأوروبا يطبقون معايير مزدوجة تكشف حجم التعامل مع الشعوب بتحيز وعنصرية، واصفًا ما يجري بالنفاق، فالغرب الذي اندفع للإدانة الفوريّة التي أعقبها بعقوبات صارمة ومساعدات عسكريّة لأوكرانيا، سمح لمجازر وحشيّة أن ترتكب على  أيدي ميليشيات تعمل لصالح دولة مارقة دون تنديد في كثير من المرات، بل قدم لها المبررات في أحيان أخرى.

وتبقى مواقف الغرب تجاه حرب روسيا على بوتين الأمر الإيجابي الذي بيَّن بوضوح عنصرية الغرب ومبادئه الزائفة وقيمه الموجهة والأخلاق المعدومة والضمير النائم الذي لا يستيقظ إلا عند تحقيق المصالح والأهداف الغربية.