عسكرة الجامعات الفلسطينية.. إجراءات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية

هذه الشروط تمكِّن وزارة الدفاع من تحديد التخصصات الأكاديمية المطلوبة

  • 80
صورة أرشيفية معبرة

    منذ أن وطأت أقدام الكيان الصهيوني المحتل أرضنا العربية وهم لا يكفون عن التضييق على إخواننا الفلسطينيين، ولا يملون من الكيد لهم سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، بل الكيد للعرب والمسلمين جميعًا في شتى بقاع الأرض؛ فبالأمس فرضت الحكومة الإسرائيلية شروطًا جديدة على دخول الأكاديميين –الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس- والطلاب الأجانب –غير الفلسطينيين- للانضمام للجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، وسوف تُطبق تلك الشروط في أوائل شهر مايو المقبل.

الشروط الجديدة

بموجب هذه الشروط يكون في مقدور وزارة دفاع الكيان المحتل صلاحية تحديد التخصصات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية التي تحتاج إلى استقدام أستاذة أجانب كي يسهموا في تنمية التعليم الأكاديمي بفلسطين. على سبيل المثال هذه الإجراءات الجديدة حددت عدد الأساتذة الذين سيسمح لهم الكيان الغاصب بدخول الضفة الغربية سنويًّا بـ 100 أستاذ فقط، في حين يمكن التحاق 150 طالب غير فلسطيني سنويًّا للدراسة بالجامعات الفلسطينية.

ليس ذلك فحسب، بل تشترط تلك الإجراءات أن يكون هؤلاء الأساتذة والأكاديميون يدرسون في مجالات بعينها ومطلوبة وفق تحديدات الكيان مغتصب، ومتميزين وحاصلين على درجة "الدكتوراه" على الأقل، وبعد ذلك تجري السلطات الإسرائيلية المحتلة بحثها حول ما إذا كان لهؤلاء الأساتذة والأكاديميين إسهامات كبيرة في التعليم الأكاديمي واقتصاد المنطقة أو تعزيز التعاون والسلام الإقليمي أم لا!

 وينبغي على الأساتذة والطلاب الأجانب الراغبين في الالتحاق بالجامعات الفلسطينية تقديم طلبات العمل أو الانتساب للدراسة في الجامعة إلى القنصليات الإسرائيلية في بلادهم، وبعد ذلك تُجرى مقابلات شخصية في القنصلية الإسرائيلية داخل بلادهم، وبعدها تفحص جهة معتمدة نتائج المقابلات والوثائق المقدمة لتقرر ما إذا كانت ستمنحهم تأشيرة الدخول أم لا، ولا بد من المصادقة على تأشيرة دخولهم بعد مراجعة ضابط مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية!

ويجب أن تشمل الوثائق الخاصة بالطلاب دعوة رسمية من السلطات الفلسطينية، وستكون سارية المفعول لمدة عام واحد فقط قابلة للتجديد. وحددت سلطان الكيان المحتل فترة الدراسة القصوى للطلاب غير الفلسطينيين بـ"4" سنوات للحصول على الشهادة الأولى، ثم بعد ذك تأتي مرحلة الدراسات العليا. وحددت السلطات الإسرائيلية المدة القصوى التي تسمح بها للأساتذة والباحثين الأجانب للعمل في الجامعات الفلسطينية بـ "5" سنوات غير متواصلة، وخلال تلك الفترة يلتزم الأساتذة والباحثون بالمكوث تسعة أشهر خارج فلسطين بعد الـ 27 شهرًا الأولى من التعليم!

تسري هذه الإجراءات فقط على مواطني الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ما عدا مصر والأردن والإمارات!

بل تمادى الكيان المحتل في غَيِّه عبر إجراءاته الجديدة التي تحدد مدى حاجة الجامعات الفلسطينية لبعض التخصصات من عدمها، وتحديد موضوعات الدراسة المتاحة أمام الأساتذة والطلاب؛ ما يمس استقلالية الجامعات الفلسطينية بصورة لم نرَ لها مثيلًا على مستوى العالم، ويعد نوعًا من العسكرة الإسرائيلية للجامعات الفلسطينية!

رد فعل جامعة بيرزيت

جامعة بيرزيت إحدى كبريات الجامعات الفلسطينية، وكان رد فعلها طبيعيًّا فقد رفضت هذا القرار العسكري العنصري في ضوء أنه يمثل تعديًا على حق الجامعات في استقدام الأساتذة والباحثين الأكاديمين وَفْقَ احتياجاتهم، ويحول دون إجراء بحوث علمية تعاونية فيما بينهم وبين الجامعات الخارجية، ويحرمهم من تعيين موظفين جدد. ومن المنتظر أن تتخذ الجامعات الفلسطينية خطوة عملية نحو الاعتراض على هذه الشروط في المحاكم الإسرائيلية والعالمية؛ على أساس أنها تعد بمثابة انتهاكات صارخة للقانون الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية جنيف الرابعة.

ضربةٌ في مقتل

تعد الإجراءات الإسرائيلية ضربة في مقتل بالنسبة للتعليم الفلسطيني عامة والجامعات الفلسطينية خاصة؛ فبسببها سوف تزيد عزلة التعليم الفلسطيني عن العالم الخارجي وتحوله إلى تعليم محلي قاصر على المجتمع الفلسطيني فحسب. وتدرك السلطات الإسرائيلية المحتلة مدى تأثر التبادل الأكاديمي مع الجامعات الخارجية في زعزعة مصداقية الروايات الإسرائيلية بخصوص القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، من خلال التعامل وتبادل وجهات النظر بين الطلاب والأساتذة داخليًّا وخارجيًّا؛ وهو ما أدى إلى زيادة نسب التعاطف مع الفلسطينيين في مختلف شعوب العالم بعيدًا عن حكوماتهم ومواقفها العملية لا النظرية.

ترتبط الجامعات الفلسطينية والأمريكية والأوروبية والآسيوية وغيرها على مستوى العالم ببرامج تبادل أكاديمي، مثل برنامج "إيراسموس بلس" الذي يموله الاتحاد الأوروبي من أجل دعم وتطوير التعليم العالي وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية. وهذا التضييق ديدن الكيان المحتل وسياسة ممنهجة متبعة ضد إخواننا الفلسطينيين؛ ما دفع كثيرًا من الأساتذة والأكاديميين للعمل في جامعات خارج بلادهم، وستُزيد هذه الإجراءات المجحفة من هجرة تلك العقول إلى خارج الأراضي الفلسطينية، وهو أحد أهم أهداف سلطات الاحتلال الغاشمة.