خطر داهم يهدد الأسرة والمجتمع.. متخصصون يحذّرون من مشاهدة دراما رمضان

متحدث الدعوة السلفية: أهيب بالمسلمين مقاطعة الفن الهابط.. واغتنام الشهر الفضيل

  • 78
صورة أرشيفية

خطر داهم يهدد الأسرة والمجتمع.. متخصصون يحذّرون من مشاهدة دراما رمضان

متحدث الدعوة السلفية: أهيب بالمسلمين مقاطعة الفن الهابط.. واغتنام الشهر الفضيل


نشرت العديد من الصحف، والمواقع الإخبارية خلال الأيام الماضية، توضيحًا للخرائط التلفزيونية المختلفة خلال الشهر الكريم، التي تتفق جميعها على تضييع فرصة شهر رمضان، وإفساد هذا االشهر الفضيل بالمسلسلات، والمسابقات، والأفلام التي بها قدر كبير من الانحلال، والتعدي على القيم والآداب المجتمعية، فضلًا عن العنف، والألفاظ الخارجة، والإيحاءات التي لا تليق.

شهر كريم، يستعد أهل الإسلام لاستقباله بالطاعات، بينما يستعد صُناع الدراما الهابطة، لصناعة محتوى غير أخلاقي، لإفساد الصيام على الناس، بدلًا من محاولة اغتنام الشهر الكريم بالطاعة وحسن العبادة"، وهذا ما عبّر عنه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الرافضين لهذه السلوكيات المسيئة، في هذا الشهر الكريم.

يقول الشيخ عادل نصر، المتحدث باسم الدعوة السلفية، بينما يستعد المسلمون لاستقبال شهر رمضان المعظم، في وقت هم أحوج ما يكونون إلى رمضان، للاجتهاد في الطاعات والإقبال على رب الأرض والسماوات، حتى يرفع الله -عز وجل- عنّا ما نحن فيه، حيث يأتينا رمضان هذا العام، والأزمات تضرب الأمة، وموجة الغلاء ترتفع وتيرتها بصورة رهيبة، وكل ذلك هو بما كسبت أيدي الناس، إذ ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة.

وأضاف نصر في تصريح لـ"الفتح" أن رمضان موسم الطاعات وشهر القرآن، شهر الصيام، والقيام، وشهر البر والحسنات، والتنافس في الخيرات، وكان الواجب على الجميع أن يجتهدوا في تهيئة الأجواء لمزيد من الطاعة، وللتوبة النصوح، والدعاء والتضرع، حتى يرفع الله عنا ما نحن فيه، لكن إذا بنا نجد عكس ذلك، من صنّاع الدراما، وبمن يسمّون بأهل الفن والتمثيل، حيث يبذلون قصارى جهدهم لعرض أكبر كم من المسلسلات وغيرها، من هذه الأعمال، وفي هذا الشهر الفضيل.

وتابع، كما أن أهل الطاعة ينتظرون رمضان، ويسألون ربهم أن يبلغهم إياه، للاجتهاد فيما يقربهم إلى الله، فهؤلاء القوم كذلاك ينتظرون رمضان على شغف، ويجعلونه موسمًا لعرض هذه الأعمال، التي تهدم القيم والأخلاق، وتؤدي لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وتصرف الناس عن الطاعة في هذا الشهر الفضيل، فتضيع منهم هذه الفرصة، التي قد لا تأتي لأحدهم مرة أخرى، وللأسف فإن ما يعرضه هؤلاء، من هذه الأعمال، تأتي مخالفة لقيم أمتنا، وساعية في هدم الفضائل، وها نحن نرى، ثمرة هذه الأعمال، وصداها على شبابنا وبناتنا، من الانغماس في الشهوات، وزيادة ظاهرة البلطجة، والانحراف السلوكي والأخلاقي، من الانسلاخ من الهوية، وترسيخ التبعية لأعداء أمة الإسلام.

وأكد نصر بقوله: لذا أهيب بالمسلمين أن يقاطعوا هذه الأعمال وأن يحذروها، وأن يحرصوا على اغتنام هذا الشهر، وألّا يُضيعوا هذه الفرصة العظيمة، وأن يزيدوا من التضرع والدعاء، والأعمال الصالحة.

واختتم بقوله: أهيب بهؤلاء القوم، أن يتقوا الله في الأمة، وأن يعلموا أنهم محاسبون بين يدي الله، وأهيب بالسلطات الرقابية وغيرها، أن يكون لها دور في وقف الأعمال المنافية للقيم والآداب والأخلاق، فما يقدمه القوم هو نوع من التمثيل الهابط، والفن الرديء، الذي يمثل خطرًا داهمًا على شبابنا وبناتنا ورجالنا ونسائنا، فالواجب علينا جميعًا حماية الاخلاق، وحراسة الدين، وتوفير الأجواء الملائمة للأمة، ودعوة الناس لاغتنام هذا الشهر بالطاعة والإقبال على الله، أسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يهدي هؤلاء وأن يتوب علينا وعليهم.

من جانبه، يقول الدكتور زين العابدين كامل، لا شك أن شهر رمضان المبارك يتميز عن شهور بقية العام  ببعض الفضائل من الناحية الدينية والروحية، وذلك  لكونه شهر الصيام والقيام والقرآن، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، فيتقرب فيه المسلمون إلى ربهم بعد عام من اللهو والانشغال والبعد عن بعض العبادات التي ربما يتكاسل عنها كثير من المسلمين طوال العام، كالصيام وقراءة القرآن وقيام الليل، وقد خصه الله تعالى بليلة القدر المباركة.

وأضاف كامل لـ"الفتح" أنه وللأسف الشديد  صار في السنوات الأخيرة من أهم الشهور من الناحية الترفيهية، وهذا بالنسبة لشركات الإنتاج الفني وأكثر القنوات الفضائية التي تتسابق على كسب أكبر فئة من المشاهدين بهدف التربح المادي، وهي تقدم من أجل ذلك بعض الأعمال الهابطة؛ ويتجاهلون من أجل ذلك حرمة شهر رمضان المبارك، مما يؤثر على كثير من طبقات المجتمع، لاسيما النساء والشباب، علمًا بأن نسبة الشباب تقرب من  60% من تعداد  السكان، وهي نسبة كبيرة مهددة بالضياع في ظل اتجاه الدراما إلى العنف والتمييز، واستخدام الألفاظ الخارجة، والإباحية والمشاهد المسيئة، بل وتدعو الدراما إلى طمس الهوية، ولذا فإن مخاطر الدراما تفوق مخاطر المخدرات، حيث إنها تؤدي إلى زيادة نسبة العنف وتعدد أشكال الجريمة وارتفاع نسب الطلاق، وزيادة معدلات الخيانة الزوجية، وغير ذلك من السلبيات.

وأكد بقوله: لذا فأنا أنصح عامة المسلمين أن يعتزلوا مشاهدة الأعمال الدرامية من المسلسلات وغيرها خلال شهر رمضان المبارك، وأن يحددوا أهدافهم وأن يسعوا إلى تحقيقها خلال شهر رمضان، الهدف الأول: "تحصيل التقوى": فهي الغاية الكبرى والهدف الأسمى مِن مشروعية الصوم، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183)، والتقوى هي: "أن تعمل بطاعة الله على نورٍ مِن الله، ترجو ثواب الله، وأن تجتنب معصية الله على نورٍ مِن الله تخاف عقاب الله". وقيل هي: "الخوف مِن الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".

وتابع، الهدف الثاني: "الفوز بالمغفرة": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وقال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وقال أيضًا: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وأما الهدف الثالث: "الفوز بالعتق مِن النيران": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) (رواه الترمذي والنسائي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ) (رواه أحمد وابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح)، والهدف الرابع: "التخلص مِن الأقوال والأفعال والعادات السيئة": عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دعائه: (اللَّهُمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ) (رواه مسلم).

وأردف كامل، أن في الحديث: (إنّما العِلْمُ بالتّعَلُّمِ وإنّما الحِلْمُ بالتّحَلُّمِ ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ ومنْ يَتَّقِ الشّرَّ يُوَقَّهُ) (رواه الدارقطني في الأفراد، وحسنه الألباني)، وقال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)، إذن التغيير مِن الأمور الممكنة، ولكنه يحتاج إلى مجاهدة النفس على ذلك، فنستطيع في رمضان أن نتخلص مِن الغيبة، والنميمة، والغش، والكذب، والتدخين، والغضب والانفعال، ومِن كل ما يغضب الله -عز وجل- مِن الأقوال والأفعال والعادات، وقد علَّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أننا إذا صمنا أن نحافِظ على أخلاقنا، ولا نبادر بالاستجابة لنزغات الشياطين بيننا؛ حتى وإن بدرت مِن الآخرين نحونا إساءة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ) (متفق عليه)، وقال: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

واختتم بقوله: نحن على عتبات السباق فأروا الله مِن أنفسكم خيرًا، فإن الشقي مَن حرم في رمضان رحمة الله ومغفرته.

وفي نفس الصدد، انتقد الدكتور محمد جاد الزغبي، عضو اتحاد كتاب مصر، الفساد الأخلاقي الذي يظهر في دراما شهر رمضان، مضيفًا: لو أردنا أن نصف الدراما المصرية في آخر عشرين عامًا بوصف جامع فليس هناك وصف مناسب إلا أنها أصبحت (دراما اللامعقول)!.

وأوضح الزغبي لـ "الفتح"، أنه لا يتحدث عن مجمل أوضاع الإنتاج الدرامي والسينمائي، بل تعالوا نحاكمه بأدوات الدراما نفسها وقواعد المجال نفسه، ففي العهد القريب عندما قررت الدولة المصرية، استخدام الإعلام الإذاعي والتلفزيوني بشكل جاد ليكون دفعة معنوية لإذكاء الحركة الوطنية، تم تكليف عبد القادر حاتم وعدد من أصحاب الفكر، بتطوير العمل الإعلامي المصري، ومن ثمّ تأسست إثر ذلك إذاعة الشرق الأوسط وإذاعة القرآن الكريم.

وتابع، في الحقيقة، الدولة المصرية عندما كانت تنتج الأعمال المخصصة للشهر الفضيل، كانت تراعي الدقة في المادة والمحتوى وأيضا الكفاءة، ولكننا ومع بداية القرن الجديد فوجئنا بظهور القطاع الخاص بشكل أكثر توسعًا في الإنتاج الدرامي، وبالتالي انسحب البساط نهائيًا من مصر في الدراما التاريخية لتحل محله الدراما السورية التي بلغت أقصى انتشارها وشهرتها بسبب الأعمال التاريخية تحديدا.

وأردف، في هذا رد قاطع على من لجأ من المنتجين في مصر إلى الدراما الهزلية ومسلسلات العري والبلطجة تحت زعم مواكبة ذوق الجمهور، فهذا ضد فطرة الجمهور أصلا، ولهذا أقبل المشاهد المصري والعربي على المسلسلات السورية والتركية وغيرها، أي أن ما نعانيه اليوم ليس فقط التراجع المدوي للإنتاج المصري في مجال الدراما التاريخية بل التراجع الأكثر دويًا في القيمة الأدبية والفنية لما يتم تقديمه.