ماذا سيحدث عندما تتعطل إنتاج أشباه الموصلات التايوانية؟

  • 50

تلعب تايوان دورا حاسما في التأكد من حصول العالم على أحدث أجهزتها التكنولوجية، من أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى الأسلحة المتقدمة في الوقت المناسب، وذلك لأن الجزيرة الديمقراطية المتمتعة بالحكم الذاتي ويبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة تعد شركة عالمية رائدة في توريد رقائق أشباه الموصلات.

 ولكن مع تصاعد التوترات بين تايبيه وبكين، أصبح مصير تلك الصناعة مصدر قلق عالمي، حيث حذر خبراء من أن أي تعطيل لإمدادات الرقائق في تايوان يمكن أن يشل إنتاج معدات رئيسية، ما يؤثر على كل شخص في العالم تقريبا، حيث تعد الرقائق المتقدمة التي تصنعها تايوان جزءا لا غنى عنه في كل شيء من الهواتف الذكية إلى الغسالات.

ويقول روي لي، نائب المدير التنفيذي في معهد تشونج – هوا للبحوث الاقتصادية في تايوان، إنه إذا حدث صراع على مضيق تايوان، "فسيكون الأمر كارثيا ليس فقط لتايوان، وليس فقط للصين، ولكن أيضا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل شخص آخر".

وضرب لي مثالا في صناعة السيارات حيث قال بحسب "سي إن إن": "الفوضى في صناعة السيارات العالمية الناجمة عن نقص الرقائق المرتبط بالوباء خلال العام الماضي أعطتنا إحساسا بمدى الضرر الذي يمكن أن نصل إليه، حيث علينا الانتظار لمدة ستة أشهر للحصول على السيارات الأوروبية الجديدة".

وبين أن "إذا توقفت تايوان عن توفير الرقائق لمنتجات أخرى، فربما يتعين عليك الانتظار أكثر من 12 شهرا للحصول على هاتف محمول جديد أو حتى وقت أطول للحصول على جهاز كمبيوتر محمول".

تعد شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي إس إم سي) إحدى أكبر الشركات التايوانية التي تلعب دورا مهما في تشغيل المنتجات المصممة من قبل شركات التكنولوجيا مثل أبل وكوالكوم وإنفيديا.

وبحسب "رويترز" في تقرير حديث نقلا عن تقديرات الصناعة، إن شركة (تي إس إم سي)، التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 500 مليار دولار، تعد واحدة من أكثر الشركات قيمة في آسيا، وتمثل 90 في المائة من الرقائق فائقة التطور في العالم.

شركة (تي إس إم سي) تعد مهمة للغاية لتايوان حيث تسمح وزارة الدفاع هناك لموظفي الشركة بالتقدم بطلب للحصول على إعفاء من تدريب جنود الاحتياط أو الاستدعاء للخدمة العسكرية.

من الصعب صنع رقائق أشباه الموصلات فائقة التطور مثل تلك التي تنتجها شركة (تي إس إم سي) بسبب التكلفة العالية للتطوير ومستوى المعرفة المطلوب، ما يعني أن الكثير من عمليات الإنتاج لا يتقنها إلا القليل من الموردين.

تعرضت صناعة أشباه الموصلات العالمية بالفعل للضغط بسبب النقص المتزايد في الإمدادات، حيث أبلغت العديد من شركات التكنولوجيا عن تأخيرات في تأمين الرقائق لأنشطتها الإنتاجية، وهذا يجعل تايوان أكثر أهمية، خاصة وأن الولايات المتحدة والصين تدخلان في منافسة مريرة حول تطوير تقنيات متقدمة في المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي وشبكة الجيل الخامس، وإذا سقطت تايوان في أيدي سلطات بكين، فمن المحتمل أن تفقد الدول الغربية الوصول إلى رقائق أشباه الموصلات القيمة في الجزيرة.

في حين أن دور تايوان كمركز رائد لأشباه الموصلات قد يكون لا غنى عنه للعالم في الوقت الحالي، ويعتقد الخبراء أن هناك تحديات أمام الجزيرة للحفاظ على ميزتها.

ودفع نقص المعروض العالمي من الرقائق بالفعل العديد من الدول إلى اتخاذ خطوات لكسر اعتمادها على تايوان، حيث أقر مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي خطة بقيمة 52 مليار دولار للاستثمار في البحث والتصميم والتصنيع لرقائق أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

وقال لي: "في الوقت الحالي، تسعى كل من الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ما يسمى بتقنيات الجيل التالي من أشباه الموصلات".

وأضاف: "تايوان تتفهم التحديات المقبلة، وهي بحاجة إلى الحفاظ على الريادة في مجال أشباه الموصلات من خلال البحث والتطوير، والأهم من ذلك، تنمية المواهب المؤهلة التي تدعم نجاحها".

واستجابة للتحديات، خصصت تايوان أخيرا 300 مليون دولار لبرامج الدراسات العليا التي تركز على الرقائق لتدريب الجيل القادم من مهندسي أشباه الموصلات، وفي الشهر الماضي، أقرت أيضا تشريعا جديدا يتطلب من أولئك الذين يعملون في أدوار تقنية رئيسية الحصول على إذن من السلطات قبل زيارة البر الرئيسي للصين.

مع نمو المناقشات حول مستقبل تايوان، يعتقد لي أن أفضل طريقة للحفاظ على سلامة الجزيرة سيكون من خلال مزيج من القوة العسكرية والاقتصادية.