هل يخضع لبنان للإدارة الأممية بسبب إفلاسه؟

  • 55
صورة أرشيفية معبرة

منذ نحو عامين ويعيش لبنان الشقيق أحداثًا صعبة على المستويين السياسي والاقتصادي؛ نتج عنه في آخر الأمر إعلان إفلاسه، ولا تزال علامات الانهيار والسقوط تخيم على ، في ظل عدم وجود أي خطة جدية واضحة للتعافي الاقتصادي وقابلة التطبيق.

صندوق النقد الدولي

يزور حاليًّا وفد من صندوق النقد الدولي، وقد أبلغوا الحكومة اللبنانية صراحة نفاد صبر الصندوق بسبب التعهدات التي يصرح بها المسؤولون اللبنانيون طوال السنوات الماضية دون تطبيق، أو حتى مؤشر على وجود أي تقدم في هذا الصدد. ويدرس وفد الصندوق الآن إمكانية عقد اتفاق إطار على تعهدات الحكومة اللبنانية الحالية بهذا الشأن، رغم علمهم أن هذا الاتفاق لن يكون له أي مفعول قبل بدء الحكومة اللبنانية في تنفيذ بنوده عمليًّا. وخلاف لما يُنشر في الإعلام، فإن المفاوضات حول ذاك الأمر ما زالت مجرد أفكار؛ بسبب عدم تنفيذ المطالب التي ينبغي على حكومة لبنان تطبيقها؛ وهي إقرار موازنة مناسبة ومتوازنة، وعمل إصلاحات في قطاع الكهرباء، وخفض حجم القطاع العام والاتجاه إلى الخصخصة، وغير ذلك.

تخوفات كبيرة

هناك تخوفات من فترة مقبلة أشد خطورة من مرحلة الانهيار الاقتصادي الحالية، تحدث بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المرتقبة في يوم 15 مايو المقبل؛ لأن هناك انعكاسات خطيرة للواقع السياسي اللبناني على الواقع الاقتصادي؛ فهذه الانتخابات ربما تُوجد تركيبة غير متجانسة في المجلس النيابي بسبب غياب الأكثرية من فريق واحد، وهو أمر لم يحدث في لبنان منذ الانتخابات البرلمانية التي حدثت خلال عام 1957م، خاصةً في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية؛ حيث سيطر على المجلس منذ عام 1992م أغلبية موالية لسوريا، وبعد ذلك سيطرت المعارضة على الأغلبية في عام 2005م وحتى عام 2018م، لكنها لم تستطع الانفراد بالحكم نتيجة لهيمنة مليشيات "حزب الله" المسلحة، التي فرضت حكومات وتمكنت من تعطيل انعقاد الجلسات بسبب سيطرتها على الثلث المعطل في المجلس، علاوة على ترؤس حليفة نبيه بري رئاسة المجلس طوال هذه السنوات، إضافة لوجود رئيسين للجمهورية مواليين له هما (إميل لحود، وميشال عون).

لكن التخوف الأكبر يتمثل في فشل هذا المجلس في انتخاب رئيس له بسبب شدة الصراع؛  وبِناءً عليه لا عدم نجاحه في انتخاب رئيس للجمهورية مع نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في يوم 31 أكتوبر المقبل، وعدم التمكن أيضًا من تشكيل حكومة؛ ما يُدخل لبنان في فراغ على مستوى الرئاسات الثلاث؛ وبالتالي قد يدفع ذلك نحو سقوط اقتصادي كبير، وربما يضطر البلاد إلى عقد مؤتمر تأسيسي أو تدخل أممي وسط غياب إدارة شرعية لبنانية.

إعلان الإفلاس

وسط هذا المشهد المأساوي ما زال تصريح نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي: "الدولة اللبنانية ومصرف لبنان مفلسان"، يثير ضجة كبيرة داخليًّا وخارجيًّا، حتى رغم عودته وتبريره لكلمه بأنه اجتُزء منه وأخرج عن سياقه، وأنه لم يردْ إعلان إفلاس بلاده. لكن رغم ذلك يعد هذا التصريح أول إعلان صادر عن مسؤول رسمي بخصوص إفلاس الدولة، بعدما أعلن رئيس الوزراء اللبناني السابق حسان دياب في شهر مارس من عام 2020م توقف لبنان عن سداد الديون الخارجية؛ ما يعني تعثره وإفلاسه من الناحية الاقتصادية العملية.

أثارت هذه التصريحات مخاوف المودعين الذين لا يعرفون مصير ودائعهم المصادَرة، وإذا وُجدت فرصة لمنحهم ما بقي من أموالهم المودعة في البنوك، أم ستتم مصادرتها لمدة سنوات أخرى حتى يتحسن الوضع؟ علمًا بوجود شكوك حول إعادة قريبة لهذه الأموال لا سيما أن البنك المركزي لم يعد يملك النقد الأجنبي لتغطية هذه الالتزامات الضخمة، وليس لدى البنوك السيولة الكافية لذلك، بجانب تكبدها خسائر فادحة قدرتها الحكومة بنحو 69 مليار دولار. ولن تقف خطورة إفلاس لبنان عند تلك الحدود فقط، بل ربما تنتقل إلى دول عربية تعاني من أزمات مالية واقتصادية حادة مشابهة للبنان مثل تونس واليمن وسوريا والسودان.