• الرئيسية
  • الأخبار
  • ليبيا واحدة وحكومتين.. صراع السلطة وذخائر الميليشيات يهددان استقرار البلاد

ليبيا واحدة وحكومتين.. صراع السلطة وذخائر الميليشيات يهددان استقرار البلاد

الدبيبة يجر ليبيا للحرب وباشاغا يتمسك بالحوار والجيش يطالب بوقف تصدير النفط

  • 458
الدبيبة وباشاغا

لازال صوت المصالح والأطماع يطغى على الأوضاع في ليبيا، ولعل موت معمر القذافي كان بداية الفوضى التي لا نهاية لها، وأزمة وراء الأخرى والفوضى تسيطر على المشهد الليبي، وحرب السلطة والنفوذ تستعر في المدن الليبية، ولا صوت يفوق صخب الذخائر والرصاص، نمط التهديدات يرتفع والمستفيدون من الفوضى يؤججون نار الخلاف، والبرلمان والمؤسسات القضائية عاجزة عن ترسيخ القانون وخلع المتمسكون بالمنصب، والمجتمع الدولي لا يعنيه إلا النفط.

دولة واحدة وحكومتين

فبعد الفشل في إجراء الانتخابات الرئاسية الليبية 24 ديسمبر الماضي، لم ينجح البرلمان والمؤسسات الليبية في تحديد موعد جديد لإجراء المعترك الانتخابي، ودولة واحدة وحكومتين عنوانٌ قد يعبر عما يعانيه الشعب الليبي، فبعدما اختار البرلمان الليبي حكومة جديدة بقيادة وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا؛ يتمسك الدبيبة بمقعده كرئيس للوزراء ويرفض تسليم مقاليد منصبه رغم إعفائه ويهدد بالعنف وسلاح الميلشيات.

وباتت الأوضاع أشبه بالخيالات، حكومتين يتصارعان على الحكم ولا يوجد قوة حامية للدولة الليبية تردع المتنطعين الذين تملكهم أطماعهم، وحكومة باشاغا اليوم عاجزة حتى الآن في دخول العاصمة طرابلس لمباشرة مهامها من داخل المقرات الحكومية، بسبب رفض الدبيبة تسليم السلطة قبل إجراء انتخابات، ويتحصن بالميليشيات داخل مقرات الحكومة بالعاصمة.

وبعدما أعلن البرلمان عن انتهاء تفويض حكومة الدبيبة، وبداية فترة انتقالية جديدة تحت قيادة حكومة باشاغا وعدم إجراء انتخابات حتى العام المقبل، استقال وزيران جديدان بقائمة الوزراء المستقيلين من حكومة عبد الحميد الدبيبة، وهم وزير شؤون المهجرين وحقوق الإنسان ووزير التعليم المكلف في حكومة الوحدة الوطنية أحمد أبوخزام، ووكيل وزارة الحكم المحلي المهدي شعيب السعيطي.

مباحثات بين الدبيبة وباشاغا

وأعلن السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، أن الأمم المتحدة ستجري مفاوضات عاجلة بين باشاغا والدبيبة لحلّ الأزمة، وبحث إجراء انتخابات عامة في وقت قريب، وأكد باشاغا موافقته للانخراط في مفاوضات بهدف التوصل إلى تفاهم سياسي مع الدبيبة، كما أطلقت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز مبادرة لتشكيل لجنة مشتركة من البرلمان ومجلس الدولة، لوضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت.

تصريحات باشاغا

وقال رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا إن هدفه هو تحقيق مشروع وطني لكل ليبيا، مشددًا على أنه لن يشعل الحروب، وسيسعى بجدية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، متهمًا عبد الحميد الدبيبة بإغلاق المجال الجوي الليبي أمام حركة الطيران وقطع الطريق الساحلي بين طرابلس ومصراتة، وأنه يتصرف في أموال ليبيا "كأنها ملك خاص"، لشراء الذمم ويدفع للمليشيات المسلحة لاستغلالهم وتحريكهم يمينًا ويسارًا، من أجل البقاء في السلطة.

مخاطر الإنقسام

ونحو ذلك السياق، قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق للشؤون الإفريقية، إن الأزمة الليبية تلقي بظلالها على المدن الليبية سياسيًا وأمنيًا واجتماعيًا، ومن الأهمية بمكان توحيد الصوت الليبي في المرحلة الدقيقة الحالية، موضحًا أن الخلافات والتنافر لا يساعد الشعب الليبي والمساعي المبذولة عالميًا وإقليميًا لإعادة الاستقرار إلى ربوع ليبيا.

وأشار نائب وزير الخارجية السابق للشؤون الإفريقية، إلى أن التنافر والانقسام عواقبهم وخيمة وسيدفع ثمنها الشعب الليبي، مشددًا على ضرورة أن يتحلى الجميع بالحكمة وأن تمر المرحلة الانتقالية بسلام حتى عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية في ليبيا.

وأكد السفير علي الحفني أن تركيز الليبيين يجب أن يتوجه إلى الأزمات الأخرى وعلى رأسها دمج الميليشيات في الجيش الليبي، وإخراج المرنزقة والأجانب من ليبيا حتى تعود الأوضاع طبيعية إلى ربوع ليبيا وبحث تنمية ليبيا، وإعادة الإعمار بعد الدمار لأكثر من عقد كامل.

وأوضح الحفني أن ما يحدث في ليبيا من الدبيبة ومناصروه ليس في مصلحة الشعب الليبي ويدل على عدم التحلي بالمسئولية والتبصر بخطورة الموقف ويؤخر ليبيا سنوات، ولا يدفع إلى العودة للحوار، مشددًا على أن تغليب المصلحة الشخصية والمكاسب الشخصية على المصلحة الوطنية سيؤدي لخسارة الجميع بما فيهم الشعب الليبي.

وقال السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن وجود مرتزقة وميليشيات أجنبية داخل ليبيا، وصراع عدة جهات على المقدرات الليبية، هو السبب الرئيسي لتعطل الانتخابات الليبية، مؤكدُا على ضرورة تدخل المجتمع الدولي والقوى الإقليمية لإخراج الميليشيات وتمكين حكومة باشاغا من مباشرة أعمالها من طرابلس.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريحات لـ"الفتح"، أن وجود الميليشيات والمرتزقة سيعرقل عمل حكومة باشاغا حتى بعد الانتهاء من أزمة تمسك الدبيبة بالسلطة، لافتًا إلى أن نزع السلاح وتغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الأفراد.

وأضاف القويسني أن الأوضاع الحالية تؤكد أن الانتخابات هي الحل الوحيد الذي سيجنب الليبيين النزاع المسلح، مشيرًا  إلى أن حكومة باشاغا يعقد عليها الليبيين أمال كبيرة في إنقاذ ليبيا وتهيئة الأوضاع السياسية والاجتماعية لإقامة الانتخابات.

أطماع شخصية

وقال اللواء محمد رشاد وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، إن ليبيا دولة جوار وامتداد للأمن القومي المصري، واستقرارها يمثل استقرار لتأمين الحدود الغربية، مضيفًا أن توافق القوى الليبية هو أحد أهم عوامل نجاح المسار السياسي وإجراء الانتخابات، واكتمال خارطة الطريق نحو الاستقرار الليبي وانتهاء الأزمة، مضيفًا أن ليبيا في حاجة للتوافق بين أبنائها وطرد الغرباء.

وأكد وكيل المخابرات العامة المصرية، في تصريحات لـ"الفتح"، أن بعض القوى والأفراد  الليبية تغلب مصالحها الشخصية على المصلحة الوطنية، رغم كل ما مرت به ليبيا وشعبها من أزمات وخلافات طاحنة كثيرة، أثرت على المقدرات الليبية، مشددًا على أن الحلول تكمن في إجراء الانتخابات 

وأوضح رشاد، أنه لا استقرار في ليبيا دون الانتخابات، محذرًا من دور الميليشيات في إشاعة الفوضى، وتعطيل الحياة السياسية ودفع البلاد نحو الحرب والنزاع المسلح بين الميليشيات والمرتزقة.

الجيش والبرلمان

وأصدر البرلمان الليبي قرارا بتشكيل لجنة من 12 نائبا لمراجعة المواد الخلافية حول قاعدة الدستور اللازمة لإجراء الانتخابات، ويأتي القرار ليواصل البرلمان مسيرته ومبادرته الخاصة في وضع القاعدة الدستورية وفق التعديل الدستوري الثاني عشر الذي أقره في فبراير الماضي.

وعلق أعضاء الجيش الليبي في اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" عملهم، احتجاجًا على الممارسات التي ارتكبتها الحكومة منتهية الولاية، ورئيسها عبد الحميد الدبيبة، حيث تسببت في عرقلة عمل اللجنة "بما يهدد الأمن القومي لليبيا"، محذرين من أن ما آلت إليه البلاد من انقسام سياسي سيؤدي إلى "انهيار اقتصادي واجتماعي وأمني"، وطالبوا القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر بـ"إيقاف تصدير النفط، وقفل الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وإيقاف جميع أوجه التعاون مع الحكومة منتهية الولاية ومكوناتها التي لازالت تعمل داخل مناطق تؤمنها القوات المسلحة، وإيقاف الرحلات الجوية بين الشرق والغرب".

ويقف مستقبل الشعب الليبي بين مفترق طرق، إما الحرب واستمرار الفوضى والمعارك والنزيف البشري والاقتصادي، أو الاتفاق والحوار وتغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الأفراد وأطماعهم الشخصية وتتجنب ليبيا الصدام المسلح بين الطرفين وتسود لغة الحوار والشرعية السياسية، يأتي هذا في الوقت الذي تجاوز فيه إنتاج ليبيا من النفط الخام 1.1 مليون برميل يوميا والعودة تدريجيًا نحو إنتاج ليبيا من النفط قبل الربيع العربي.