الصين توقّع اتفاقية أمنية مع جزر سليمان.. والغرب يبدي مخاوفه

  • 72
صورة أرشيفية معبرة

وقَّعت جمهورية الصين الشعبية، يوم الثلاثاء الماضي، اتفاقية إطارية للتعاون الأمني مع جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي، وقد أثارت هذه الاتفاقية قلق الغرب لدرجة أن الخارجية الأمريكية عبرت عن ذلك صراحةً على لسان متحدثها الرسمي "نيد برايس".

مخاوف الغرب

يزداد التنافس والصراع بين واشنطن وبكِّين منذ عدة أعوام، وتعد تلك الاتفاقية بمثابة تهديد استراتيجي لمصالح أمريكا وأوروبا في المحيط الهادي، وتخشى الدول الغربية -وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- من طموحات بكِّين العسكرية في المحيط الهادي؛ فبموجب هذه الاتفاقية الأمنية يمكن للصين أن تنشر قواتها البحرية وقوات الشرطة أيضًا بِناءً على طلب من سلطات جزر سليمان من أجل الحفاظ على النظام الاجتماعي لديها، ويزداد الخوف الغربي كذلك من بناء بكِّين قاعدة بحرية في جنوب المحيط الهادي تسمح لها بنشر قواتها خارج حدودها.

وتمثلت ردود فعل الغرب في أنه خلال الشهر الجاري زار "زيد سيسيلجا"، وزير التنمية الدولية الأسترالي "هونيارا"، عاصمة جزر سليمان؛ كي يطلب من رئيس وزراء جزر سليمان عدم توقيع الصفقة الصينية. وكذلك  تعبير أمريكا على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها، بأن نصوص هذه الاتفاقية الأمنية تترك الباب مفتوحًا أمام السماح بنشر القوات العسكرية الصينية في جزر سليمان، وأن توقيع تلك الاتفاقية من الممكن أن يزعزع الاستقرار داخل جزر سليمان. ولم تكتفِ واشنطن بذلك بل أرسلت وفدا رفيع المستوى إلى جزر سليمان؛ لمناقشة مخاوفها من الاتفاق، وإعادة فتح السفارة الأمريكية في هونيارا بعد إغلاقها لمدة 29 عامًا. وقد هددت الولايات المتحدة الأمريكية برد قوي وحاسم إذا أقدمت الصين على خطوة بناء قاعدة عسكرية لها في جزر سليمان.

ومن أجل طمأنة الغرب فقد أكد "ماناسيه سوغافاري"، رئيس وزراء جزر سليمان، خلال الشهر الماضي حين أُعلن عن مسودة الاتفاق، عدم وجود نية لبناء قاعدة بحرية صينية في بلاده.

جزر سليمان

تقع في جنوب المحيط الهادي، وتبلغ مساحتها حوالي 28 ألف كم2، ولغتها الرسمية هي الإنجليزية، وكانت خاضعة تحت سيطرة الاحتلال البريطاني ذات يوم، ويسكنها نحو 800 ألف شخص، والديانة الغالبة عليها هي المسيحية، ويوجد بها عدد من المسلمين، وقد شهدت جزر سليمان خلال شهر نوفمبر الماضي أعمال شغب واضطرابات وتحركات احتجاجية مناهضة للحضور الصيني داخل البلاد؛ نتج عنها تعرض بعض الشركات المملوكة للصينيين للتخريب والحرق في هونيارا؛ ومن أجل ذلك فإن الاتفاق الأمني ينص أحد بنوده على إمكانية إرسال بكِّين قوات الشرطة والبحرية إلى جزر سليمان.

قراءة الاتفاقية

يمكن النظر إلى تلك الاتفاقية على أنها عبارة عن تحويل ولاء جزر سليمان وتوجيه قبلتها الدبلوماسية من التحالف مع تايوان إلى التحالف مع الصين؛ لأن جزر سليمان أكبر جزر ودول المحيط الهادئ التي تربط بتحالف وعلاقات دبلوماسية قوية مع تايوان تعود إلى عام 1983م، وهو التحالف الذي كانت تنظر إليه بكِّين على أنه تهديد لمصالحها وأمنها القومي؛ فهي تشترط على أي دولة ترغب في إقامة علاقات معها عدم الاعتراف باستقلال تايوان عنها.

ومن خلال تلك الاتفاقية تستطيع الصين تطبيق استراتيجيتها في المحيط الهادي، وتعزيز حضورها في تلك المنطقة الاستراتيجية؛ لمواجهة التوسعات الغربية بقيادة أمريكا. إضافة إلى أن هذا الاتفاق يتزامن مع تحركات الصين للسيطرة على موارد جزر سليمان الاقتصادية.