ماذا يعني غلق تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية؟

  • 45
صورة أرشيفية معبرة

أصدرت تركيا قرارًا منذ يومين بغلق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المدنية والعسكرية التي تنقل جنودًا أو عتادًا إلى سوريا؛ ما فتح باب التكهنات حول هذا الموقف هل هو تصعيد ضد روسيا أم لا؟ لا سيما أن أنقرة طبقت اتفاقية "منترو" ومنعت السفن الروسية من العبور إلى البحر الأسود بعد غزو أوكرانيا بأيام.

اتفاق المرورو الجوي بين أنقرة وموسكو عبر الأجواء التركية يُجدَّد كل ثلاثة أشهر؛ وهدفه تأمين الجسر الجوي العسكري الذي يوفر احتياجات القوة العسكرية الروسية في الراضي السورية، وقد انتهت المدة لكن تركيا رفضت التجيد هذه المرة، دون تحديد مدة الرفض أو أنها من الممكن أن تجدد مستقبلًا أم لا. وعلى الجانب الآخر قابلت روسيا هذا القرار ببرود معتاد ولم يصدر منها أي تصريح بخصوص هذا الشأن حتى الآن.

تأثير القرار

لكن رغم ذلك فإن هذا القرار سيكون له تأثير سلبي على روسيا؛ لأنه سيضطرها للسفر عبر الأجواء العراقية مرورًا بإيران، وهذا سيزيد مدة الطيران ساعة ونصف تقريبًا، ويزيد من أعباء الرحلات الجوية وصعوبة إمداد قاعدة "حميميم" الجوية الموجودة بريف اللاذقية غرب سوريا، وسيصعِّب كذلك إمداد القواعد في طرطوس المطلَّة على البحر الأبيض المتوسط. إضافة إلى أن العراق من الممكن أن يتخذ نفس المسار التركي ويرفض عبور الطائرات الروسية من أجوائه، لا سيما في ضوء تنامي النفوذ الأمريكي في بغداد، والأمر نفسه من الممكن حدوثه مع طهران؛ فيمكنها رفض مرور الطيران الروسي فوق مجالها الجوي.

وتُشْتَمُّ رائحة التأثير الأمريكية في هذا القرار، رغم محاولة القيادة التركية ادعاء أن الأمور تدور عبر الحوار مع القيادة الروسية، لا سيما أن هذا القرار جاء بعد أيام قليلة من زيارة وفد من الكونجرس الأمريكي لأنقرة، لكن في الوقت ذاته لا تزال أنقرة تسعى لمسك العصا من المنتصف والمحافظة على علاقاتها مع الجميع؛ فقد زوَّدت أوكرانيا بطائرات مسيرة، وفي الوقت ذاته رفضت التصويت لصالح العقوبات المفروضة على روسيا.

الميدان السوري

تصاعد الهجوم الروسي خلال الأيام الثلاثة الماضية على مناطق شمال غرب سوريا، التي تضم محافظة إدلب وأرياف حلب واللاذقية، وهي المناطق التي تنتشر فيها القوات التركية، ولم تكف القوات الروسية عن مواصلة عملياتها العسكرية في الميدان السوري، رغم اشتداد وطيس المعارك في أوكرانيا؛ وربما يكون هذا التصعيد سبب في إغلاق المجال الجوي التركي أمام الطيران الروسي. وهذه ليست المرة الأولى التي يُغلق فيها المجال الجوي أمام الطيران الروسي في سوريا؛ فقد حدث ذلك خلال عام 2015م،وكانت العلاقة متوترة حينذاك بين موسكو وأنقرة، خاصة عقب إسقاط القوات التركية طائرة "سو-24" الروسية في يوم 24 من شهر نوفمبر، وبرَّرت تركيا ذلك بأن هذه الطائرة اخترقت مجالها الجوي؛ ومن أجل ذلك يُستبعد حدوث قطيعة بين الروس والأتراك فلديهم الكثير من المصالح المشتركة.

وربما تريد تركيا من خلال هذا القرار مغازلة حلف شمال الأطلسي "الناتو" والولايات المتحدة الأمريكية وإرسال رسالة لهم بأنها موجودة ولها دور أساسي في ملفات المنطقة بما يتوافق مع مصالحهم. وكذلك بعث رسالة تحذيرية للروس من عواقب اللعب بورقة الشمال السوري واستغلال النفوذ على الأراضي السورية، وتذكيرهم بأن أنقرة النافذة الوحيدة لهم على العالم بعد العقوبات الغربية عليهم بسبب غزوهم أوكرانيا.