• الرئيسية
  • الأخبار
  • "برهامي" يكشف حقيقة محاولة اغتياله وموقف الدعوة السلفية من 3 يوليو (حوار خاص مع الفتح)

"برهامي" يكشف حقيقة محاولة اغتياله وموقف الدعوة السلفية من 3 يوليو (حوار خاص مع الفتح)

  • 561
الدكتور ياسر برهامي

في حواره مع الفتح كشف الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، حقيقة محاولة اغتياله وموقف الدعوة السلفية من أحداث 3 يوليو 2013، وكان هذا نص الحوار.

 فضيلة الدكتور كشف مسلسل ”الاختيار 3“ عن مخطط إرهابي لاستهدافكم؟ كيف ترى ذلك المخطط وهل تم إبلاغ حضرتك حينه أم ماذا؟

لم أرَ المسلسل طبعًا، فأنا لا أشاهد المسلسلات، لكن الحقيقة أن المقاطع انهالت علي من الجميع، قاموا بإرسال المقطع إلي. لكن إذا كان المقصود كيف أرى تحليل هذا المقطع؟ فنعم، تم إبلاغي بتلك المحاولة وقتها، اتصلت بي عدة جهات بضرورة ترك البيت فورًا، أنا والأسرة وأخي الدكتور جمال، وكان هذا في شهر يوليو 2017.

 إذن كان بعد أحداث 3 يوليو؟

الحادثة التي أُبلغت بها ونُبّه على ترك المنزل فترة، كانت في 2017 ولم أتعرض أو أبلغ بشئ قبل 2013. وفي 2013 وما بعدها تعرضت لاعتداءات متعددة مثلا تعرض منزلي لحصار، وتعرضت مساجد كنت أحاضر فيها لحصار، فهل كان في شيء من هذا محاولات اغتيال؟ ربما.. لأن البعض أخبرني أن بعض المواقع الإخبارية نشرت أنه كان هناك ثلاث محاولات اغتيال، واحدة قبل 2013 وواحدة في 2013، وهذه التي أخبرت بها في 2017.

 إذن حدثنا عن واقعة 2017؟

أنا كنت خارج المنزل حينها، ووجدت الجميع يكلمني بضرورة الانتقال، فحضرت وأخذت الأسرة وانتقلنا إلى مكان آخر، مكثنا تقريبًا أسبوعين حتى رجعت المنزل، بعد ما أخطروني أنهم ألقوا القبض على المجموعة التي قالوا إنها جاءت من الخارج.

إذن ما هو تعليقك على ما جاء على لسان الممثل الذي يلعب دور أحد الضباط "هما لحقوا يصفوا بعض"؟

نحن لم نكن يوما جزءًا من تيارات العنف، بل كنا دائما نردّ عليها.

والإخوان لما كانوا يظهرون المنهج الإصلاحي كنا نرد عليهم في كثير من القضايا المنهجية، ولكن هذا لم يمنعنا من التعاون معهم نحن ولا القوى السياسية الأخرى ولا حتى أجهزة الدولة التي لم ترَ أن هناك موانع قانونية في ترشح أعضاء الإخوان للبرلمان، بل وللرئاسة وللوصول لها بالفعل.

وبعد "3 يوليو" صار العنف هو الخطاب السائد، ونحن استمررنا في الرد على كل من تبنى العنف بما فى ذلك الإخوان.

ولعل كاتب السيناريو لو كان علم بتوقيتات محاولات الاغتيال - لا سيما المحاولة الأخيرة والتي تبدو لي الأخطر، لأنها التي أبلغتني بها أجهزة الأمن وطلبت مني بسببها مغادرة البيت إلى مكان آخر - أظنه لو علم هذا التوقيت لما زج بهذه العبارة غير الموفقة.

هناك مشهد تمثيلي في المسلسل أيضا أثناء التحقيق مع ذلك الشاب، أحد أعضاء الخلية، وهو يقول إنهم خططوا لاستهداف فضيلتك لأنك "بدلت الشرع ووقفت مع الجيش والشرطة" على حد زعمهم.. فكيف يرى هؤلاء الناس فكرة الوطن وفكرة دعم الدولة ومؤسساتها واستقرارها؟

بهم لا يفهمون أن استقرار المجتمع واستقرار الدولة مصلحة شرعية معتبرة، وأن مصالح الدين لا يمكن أن تتحقق مع الفوضى. فرعاية المصالح الخمسة التي أمر الشرع بالحفاظ عليها: حرمة الدين، وحرمة النفس، وحرمة العرض وحرمة العقل وحرمة المال.. هذه المصالح تنهار مع وجود الفوضى والحروب الأهلية والانقسامات الداخلية. فالأصل وجوب المحافظة على ذلك شرعًا.

لذلك موقفنا من الحفاظ على الاستقرار في المجتمع واستقرار الدولة موقف ديني، وليس موقفأ سياسيا فقط، ولذلك مراعاة المصالح والمفاسد أمر شرعي معتبر، وبناءً عليه لم يكن خيارا مطروحا لدينا قط أن ندخل في صدام مع الدولة ونسفك دماء المسلمين.

ثانيا: تلك التيارات عندهم الجيش والشرطة كفار، وبالتالي فأي أحد سيتعامل معهم سيكون كافرا مثلهم، وهم طبقوا هذا الكلام بالفعل على أخينا الكريم الدكتور مصطفى عبدالرحمن رحمه الله، أمين حزب النور بشمال سيناء. مع أنه رحمه الله لم يكن تعامله إلا التحذير من الفكر.. الفكر التكفيري المنحرف والفكر الصدامي الغير منضبط بالشرع، الذي يروجون له. فلذلك هذا الموضوع -التكفير بغير حق- ليس غريبا عليهم للأسف.

وهم يكفرون الجيش والشرطة كما قلت، ويكفرون من لا يكفرهم بناء على تطبيقهم المنحرف لقاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر؛ وتلك السلسلة المقيتة من الخلل والفهم المبتور لقضية الولاء والبراء، التي القضية العظيمة الأهمية في حياتنا، لكن هم نتيجة فكر التفكير الذي عندهم، لا يفهمون أن هؤلاء -الجيش والشرطة- مسلمون لم يثبت عليهم كفر ولا ردة. فهم يكفرون الجيش والشرطة، ثم يكفروننا لأننا لا نكفرهم، أو لأننا نتعاون مع أجهزة الدولة على البر و التقوى.

بينما نحن نرى أن التعاون معهم -مؤسسات الدولة- على البر والتقوى من أجل رعاية مصالح الشرع والدين ومصالح المسلمين، أمر واجب، لأن التعاون على البر والتقوى واجب مع أي أحد، لأن هذا أمر ربنا سبحانه وتعالى ، ونحن لم نتعاون إلا على البر والتقوى بحمد الله. وأما أي أمر فيه مخالفة للشرع فنحن لا نقبلها ونصرح برفضها، والحقيقة أننا وجدنا أنه عندما نقف في مسألة من أجل الدين؛ وجدنا منهم تجاوبًا، ففي دستور 2012 لم ينسحب ممثلو الجيش والشرطة مع من انسحبوا من لجنة الدستور، وكذلك في دستور 2014، وفي التعديل الدستوري الأخير في موضوع الدولة المدنية، عندما تم النص على أنها ليست بمعنى العلمانية ونحو ذلك الأمر. وكل هذا يؤكد أن التعاون على البر والتقوى واجب علينا في كل وقت، وليس كما يتوهم تلك الجماعات أنها موالاة مكفرة لقوم كفار، نعوذ بالله من الضلال.

التسريبات أظهرت وجود خلاف حقيقي بين الإخوان وبين الدعوة السلفية، ما أسباب هذا الخلاف، وهل هو نتيجة خلاف سياسي أم أن خلاف قديم منذ نشأة الدعوة السلفية لأن البعض يقول أن الخلاف كان نتيجة عدم وفاء الإخوان بعهودهم مع الدعوة السلفية؟

هذا الخلاف موجود منذ أكثر من 40 سنة، حوالي 45 سنة. سبَبُهُ خلاف منهجي، في الالتزام بمنهج أهل السنة في نصوص الكتاب والسنة وتقديمها على أي كلام آخر، وفَهْم إجماع السلف والالتزام بإجماعاتهم وعدم التنازل في مواجهة الانحرافات الفكرية والتغريبية.

بينما الفكر الذي هم عليه فيه مرونة واسعة جدًا، يعني في أي مواجهة فكرية يمكن أن يقبلوا أن يقولوا بحرية الشذوذ وحرية الإلحاد كما قال إبراهيم منير في مجلس العموم البريطاني، وفي نفس الوقت لديهم تشدد جدًا في الانتماء للجماعة ومحاربة كل من يخالفها!

وهذا الموضوع قديم جدًا ونحن مختلفون معهم فيه، فنحن عندنا التزام وعدم مرونة في الثوابت الشرعية، التي هي عندنا أي أمر مجمع عليه ونصوص الكتاب والسنة. لكن نحن عندنا مرونة في المواقف السياسية، أما هم فعندهم العكس تمامًا، ولذلك اصطدموا الاصطدام العنيف جدًا، مع أنهم يظهرون لأعداء الامة مرونة في غير موضعها. نحن عندنا المرونة في المواقف السياسية مراعاة للمصالح والمفاسد، فمثلا قضية إن فلان يكون الرئيس أو لا، هذا الأمر عندنا قابل للأخذ والرد، إذا كانت المصلحة أن فلانا يترك؛ فلماذا لا يترك؟ لا أننا نعرض الناس للقتل ونستمر في الصدام إلى هذه الدرجة التي رأيناها في رابعة أو في غيرها. نسأل الله لهم الهداية.

هل العنف الذي ظهر مؤخرًا -وحضرتك شاهد على العصر- كان ظاهرا في بدايات نشأة الإخوان؟ أم أنه تحول غريب طرأ على الجماعة بعد نشأتها؟

الحقيقة أن الذين رأيناهم من الإخوان كانوا في السبعينات والثمانينات، وهم كانوا يقولوا أنهم ليس لهم علاقة بالعنف، وينكرون كل ما اتُهموا به فى تاريخهم و لم نكن نشغل أنفسنا كثيرا بقراءة الكتب التى تؤرخ لجماعة الإخوان كان أمامنا واقع نتعامل معه و لكن ما وجدناه بعد 2013 حملنا على قراءة تاريخهم و من المصادر التى كتبوها هم ، ككتاب " الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ" [ألفه محمود عبد الحليم عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين]، وكتاب "التنظيم الخاص" [ألفه محمود الصباغ، وقدم له الأستاذ مصطفى مشهور مرشد الإخوان]، وغيرها من الكتب التي تبين أنهم يعترفون باغتيال النقراشي، وأنهم يحملون فكرة العنف ضد من خالفهم، وليست أنها فكرة وليدة للأسف الشديد. لكن هذه كانت فكرة يعرفها أعضاء التنظيم الخاص.

كان هناك موقف فاصل بعدم ترشيح حازم أبو إسماعيل أو دعمكم له، فلماذا رفضتم ورفضت الدعوة السلفية ترشيح حازم أبو إسماعيل للرئاسة؟

في الحقيقة لم يكن هذا موقفي لوحدي، إنما هذا موقف كل أعضاء مجلس إدارة الدعوة السلفية، وربما كذلك لا نستثني من هذا الرفض الشيخ سعيد عبد العظيم لأنه اتخذ موقفا مؤقتًا لما كان في "مجلس شورى العلماء"، وإلا فبعدها بقليل تراجع عن ذلك الموقف. كل من جلس مع حازم أبو إسماعيل أدرك أنه لا يصلح لذلك، وأنه ليس عنده أي إدراك للواقع، ولا أي إدراك للمستقبل. فضلًا عن دعم الجماعات القطبية، مثل التوقف والتبين. فعبدالمجيد الشاذلي الذي كان يحضر معه في اللقاءات والمؤتمرات [على منصته]، أنا سألت حازم صلاح عن ذلك، فقال "أنا معرفش إنه توقف وتبين"! وهذا طبعًا كلام لا يقبله عاقل. وسألته عن كتاب الشاذلي "حد الإسلام" قال "معرفش إيه هو كتاب حد الإسلام".

وهذا سواء كان يعرف أو لا يعرف، كلاهما عيب.. كون إنه لا يعرف فهذا إنسان لا يصلح، إذ كيف يزكي [قادة] جماعات موجودة [لها مناهج معروفة]؟ وإذا كان يعرف ويكذب فهذا لا يصلح أيضًا.كذلك فإن مسؤليات الرئاسة تجاه القضايا الكبرى التي تواجهها الدولة المصرية، كان معدوم الإدارك فيها. لذلك الكل كان قد اتفق وأجمع على عدم قبول المرشح، لأنه لا يصلح على الإطلاق.

العجيب أن التسريبات التي أذيعت فيها أن المهندس خيرت الشاطر قال للقيادات العسكرية كلاما كهذا، وذكر خطر عبدالمجيد الشاذلي، بل وذكر أن عبدالمجيد الشاذلي وجه نداءً لقيادات إرهابية للقدوم لمصر لعمل عمليات إرهابية؟ 

الحمد لله أننا تحملنا الضغط الرهيب الذي مارسه حازم أبو إسماعيل على القواعد السلفية، ولم نستدرج إلى تأييده رغم ضغوط كثير من القواعد أو حتى من دعاة سلفيين مستقلين، ظنوا أن حازم أبو إسماعيل الأقرب فكرا إلى الفكر السلفي، ولكننا جلسنا معه فأدركنا أطروحاته الخيالية في تصوره لطريقة إدارة البلاد، ثم كانت قاصمة الظهر استعانته بعبد المجيد الشاذلي في مؤتمراته مع ادعائه أنه لا يعرف جماعة "التوقف والتبين"، ولا يعرف كتاب "حد الإسلام" كما قدمت.

وأريد أن أذكر بوقائع قد تكون مهمة لأخذ الدروس من التاريخ:

أولا: حازم أبو إسماعيل قدم نفسه كمرشح للرئاسة وكون حملة ضخمة وطبع بوسترات ملأت كل ربوع مصر، وهو أمر يفوق قدرته كشخص، وكان في خطابه ما يوحي أنه مرشح التيار السلفي، ولم يوجه خطابه كثيرا للقواعد الإخوانية، مع أنه كان يقول أنه ترشح لتراخي الإخوان عن تقديم مرشح.

ثانيا: خيرت الشاطر قال لنا أن حازم أبو إسماعيل فرد إخوان منضم لأسرة إخوانية، وأنه ترشح وظل ملتزما بالبيعة للمرشد، ومما يؤكد كلام خيرت الشاطر أن حازم صلاح قال إن الحالة الوحيدة التي يسحب فيها ترشحه هي أن يترشح مرشد الإخوان.

ثالثا: موقف حازم أبو إسماعيل بالنسبة للإخوان يبدو ظاهريا أنه متطابق مع موقف عبدالمنعم أبو الفتوح، ومع هذا تحرك إعلام الجماعة لمهاجمة أبو الفتوح بشكل قوي جدا، وسكت هذا الإعلام تماما عن حازم أبو إسماعيل! في حين أنهم في الغرف المغلقة كانوا يقولون كلاما كالذي جاء في التسريبات؛ وكانت الأمانة تقتضي إعلانه على الملأ لتحذير الشباب منه.

ولكن يبدو أن وجوده بتلك الصورة تم استثماره في رفع درجة التحذير منه لدى أجهزة الدولة إلى أقصى درجة، وأنه متحالف مع تيار ليس فقط منحرفا فكريا، بل ويخطط لعمل أعمال إرهابية، كما جاء على لسان خيرت الشاطر. فبرروا به تغيير قرارهم السابق بعدم تقديم مرشح، والذي عللوه علنا – وسرا أيضا في هذه التسريبات – بأن البلاد لا تحتمل مطلقا رئيسا إسلاميا، وقالوا لابد من أن نقدم مرشحا إخوانيا فى ظل وجود حازم أبو اسماعيل و عبد المنعم أبو الفتوح. وهذا الذى ورد في التسريبات تكلموا معنا حينها بكلام قريب منه للضغط علينا للعدول عن قرارنا السابق، والذي كان البحث عن مرشح توافقي، يُعرف عنه حبه للدين ولا يكون منتميا للتيار الإسلامي.

فوجود حازم صلاح أبو إسماعيل في المشهد كان جزءا رئيسيا من مبررات قرار ترشيح مرشح إخواني.

 أخيرًا يا دكتور، وبعد مرور هذه السنوات، هل تعتقدون أنكم اتخذتم الموقف الصحيح؟ وهل نجحتم فعلًا في الحفاظ على الدعوة وشباب الدعوة؟

بلا شك، ومن ساعة ما اتخذنا هذه القرارات وكل حين يتأكد لنا ذلك. وإلى يومنا هذا نحن على يقين بحمد الله تعالى أن موقفنا كان هو الصواب.وهذا توفيق من الله عزوجل ليس بأيدينا، وإنما هو برحمته سبحانه وتعالى. وقد حققنا بفضل الله الحفاظ على شباب الدعوة السلفية، وغيرهم من الشباب الذين استجابوا لصوت العقل الذي مثلته الدعوة السلفية وحزب النور، الذي أدى إلى منع دخولهم في المحرقة التي اشتعلت في من أصر على ذلك الموقف. وبحمد الله الدعوة ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، بفضل من الله ومنة.