المرأة الغارمة

صفية محمود

  • 111

أمرٌ يؤرق حين نعلم أن أسرة ما تشتت بعدما كانت تعولها امرأة؛ لخلو الساحة من رَجُل يقوم بأمرها، وأمر البيت، سواء كانت أرملة أو مطلقة أو أُصيب عائلها بمرضٍ أقعده عن العمل، أو كان هاربًا من مسئوليته فهجرها وأولادها ومضى! فيضيق الخناق الاقتصادي عليها والخناق الاجتماعي بطقوسه التي تقيد الأسر في زواج بناتهن أو تكاليف العيش والتعليم وخلافه

ومع الضغط الاقتصادي والاجتماعي، وعاطفة المرأة الجياشة كأم تلجأ للدَين، لتغطي متطلبات زواج البنات؛ فتتعسر في سداد الأقساط، وبعضهن يلجأن للشراء بالتقسيط ثم بيع السلعة بسعر أقل لسد احتياج مادي عاجل –دون النظر إلى الحكم الشرعي- وبعدها تتعسر في السداد، فيكون في الغالب مصيرهن الحبس وضياع الأطفال والعائلة التي كانت بالكاد تستند على جهد المرأة الضعيف، ورغم جهود الدولة في إنقاذ الغارمات وحملات مصر بلا غارمات وأيضا جهود الجمعيات الأهلية في رعاية أطفال الغارمات، إلا أنه يبقى هذا الجانب فقيرًا لتضافر الجهود الرسمية والمجتمعية لسد حاجات هذه البيوت التي غاب عنها العائل اضطرارًا، أو بسبب آخر حتى لا يصل الأمر بالمرأة للمغامرة بنفسها لأجل سداد احتياج أبنائها وبناتها بالتقسيط؛ ثم ينتهي بها الأمر لدفع أقساط من عمرها داخل السجون.

نحتاج كمجتمع لرحمة أهل الخير بهذه الأسر وتفقد مثل هذه الحالات في الأقارب والجيران والمعارف حتى لا يتدهور بها الحال، ونحتاج لتنمية الوعي المجتمعي وإيقاف عجلات المزايدة في أعباء الزواج على أهل الفتاة والخروج من منافسة الناس لبعضهم في إعداد بيوت الزوجية؛ حتى لا تندفع المرأة التي تعول للاستدانة من أجل اللحاق بالمنافسة خوفًا من قيل وقال على بناتها، أو خوفًا من أن يفوت بناتها قطار الزواج لفقرهن.

ونحتاج لنشر الوعي الإسلامي السليم لحال المُعسِر الذي يستلزم من دائنه إعفاءه من بعض الدين أو كله إذا لزم الأمر أو نَظِرة إلى ميسرة.