جني الثمرة

هبة الشامي

  • 29

قد يعمل الإنسان لفترات كبيرة، ولكنه لا يشعر بالتعب، وقد يذاكر الطالب ولا يشعر بالسأم، كذلك يسعى الأب ولا يشعر بالكدر، وتبذل الأم ولا تشعر بالنصب، قس على ذلك العبادات فهناك من يصلي، ولا يشعر بالوقت والوهن، وهناك من يتلو آيات ربه دون تكلف، ولا ملل.

ما السر إذن وراء إخلاص وتفاني هؤلاء؟! إنه الحب!!

فالحب يجعلك لا تشعر بالمعاناة بقدر ما أنت تستلذ بالنتيجة من قبل وقوعها!!

والعطاء من أجمل ما يمكن أن يتصف به مخلوق، لأنه يؤمن أن الجزاء من الخالق، أجمل وأعظم من عطاؤه هو مهما كان!!

قد يعطي الإنسان دون مقابل، بل قد يتمنى أن لو يملك أكثر ليعطي أكثر، بل قد يتمنى أن يرزقه الله حتى لا يترك محروما إلا وسد حاجته، يا لها من نفس كريمة تواقة للخير، ولكن الله عز وجل أكرم، فقد علم الله من تلك النفس نيتها، بل وفقها لذلك، وعلم أنها صادقة فلم يحرمها الأجر!

نعم ففي حديث النبي الله صلى الله عليه وسلم: "عَبْد رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبْد رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ". سبحان ربي الوهاب، يا له من محروم من يضيع على نفسه أجورًا عظيمة ويسيرة!

ولكنها يسيرة على من يسرها الله عليه، أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم نفوسا تواقة للخير، تسعى إليه، وتتمناه للغير، وأن يجعلنا ممن قال فيهم: "أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ".