حتى مجتمعات الفئران

صفية محمود

  • 36

منذ صيغت اتفاقية السيداو بعباراتها المطاطة الماكرة، وسعي الحر كات النسوية مستمرًا، ومعها المنظمات التي تعمل من خلفهم لإيجاد واقع لما خططوه فيها، إنه الاستعمار الحديث الساعي لفرض رؤيته على واقع العالم الإسلامي وحياة الناس، وما زالوا ينتقلون من خطوة لأخرى من المناداة بحقوق المرأة، ثم بمساواة المرأة بالرجل، وتصوير المرأة بكونها ضحية الرجل أو ضحية المفاهيم المجتمعية، ونقلها للصراع مع الرجل أو المجتمع، ثم مرحلة الدفع بالمرأة بكل سبيل يمكنهم لاستقواء المرأة اقتصاديًا والزج بها في مجالات عمل لا تناسب تكوينها نفسيًا أو بدنيا لتحقق ذاتها كما يزعمون، لتحقيق التصور الذي تحاول السيداو الوصول إليه، وهو عمل كل فرد لإيجاد ذاتية مستقلة منفردة له بعيدًا عن رابطة الأسرة.

والانتقال بالمرأة من الاستقواء على الرجل لخطوة الاستغناء عنه، وهذا السعي الحثيث منهم يراه الناظر منَّا في مجالات كثيرة، سواء في أبحاثهم ومعاملهم، والإعلام الذي لا يكف عن تمرير صور يطمحون إليها، تضرب نظام الأسرة بقنابل ناسفة.

فتطالعك الصحف بأخبار ربما يراها بعض الناس لا شيء ومجرد أخبار عابرة، ستمرُ مرَّ الكرام، لكنهم يعملون بقاعدة ما تكرر تقرر، ويعزفون على نفس النغمة حتى يصلوا في النهاية بجهودهم التي يقومون بها على كل المستويات، بطيئة ربما لكنها تُحدث على المدى صدى، وبالتراكم شرخًا في البناء المجتمعي للمسلمين، ثم يتسع الشرخ، وينهار البناء كما يحلمون ويعملون، وما يدل على ذلك خبرين قرأتهما ليس بينهما سوى يومين، الأول: خبر أوردته بعض الصحف العربية نقلًا عن صحف غربية شهيرة، وهو رغبة رجل أسترالي يبلغ خمسين عامًا في الزواج من روبوت مصنوع على شكل امرأة، اشتراه منذ ثلاث سنوات لتؤنس وحدته، ويقول بعد السنوات الثلاثة للصحف أنه قرر الزواج منها بعدما شعر معها بمشاعر لم يشعر بها من قبل!

ليدلل المروجون للخبر أنه صار بالإمكان تكوين أشكال أخرى للأسرة، وكسر الصورة النمطية والشكل المعتاد للأسرة: رجل وامرأة، بالصورة التي يقدمها الشرع.

ثم الخبر الآخر أيضًا يستظل بنفس مظلة السيداو، ويترجمها واقعًا لكنه في مجال البحث العلمي والدراسات، فقد نشرت إحدى المؤسسات خبرًا يقول: دراسة أنثى فأر مُعدلة وراثيًا تضعُ مواليدها لوحدها دون الحاجة إلى ذكر، حتى أسر ومجتمعات الفئران لم تسلم من مكر سيداو، وبالطبع لو استطاعوا ذلك مع النساء لما حجزهم شيء.

إنها حرب حقيقية تصل آثارها المدمرة للمجتمعات لما يفوق القنابل النووية التي تُرعب العالم الآن، فهل نملك أمامها سلاح الردع اللازم؟ أم نقف مكتوفي الأيدي منزوعي السلاح؟ لابد من مواجهة وتكاتف الجميع لمنع انهيار مجتمعاتنا في هذه المعركة، بالوعي بمخططاتهم ووقاية البنية المجتمعية، التي تحمي الإسلام من الانهيار في نفوسنا، والدفاع عنها على كل المستويات.