أيها المسيء شكرًا!

هبة الشامي

  • 72

من الطبيعي جدًا أن يوجه الشكر للمحسن، فذلك دليل على حُسن الأدب، والمعدن الأصيل، قال النبي ﷺ: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله".

فكيف يكون الشكر للمسيء؟!

نعم نشكر للمسيء، حيث إنه أظهر أحلى ما عند من أساء إليه إن كان صالحًا، صابرًا، حسب رد فعله على الإساءة، فإن صبر، وعفى، وأحسن، يا لها من خصال تسبب المسيء في إبرازها وإظهارها، فلولا إساءته لما ظهرت كل هذه الفضائل، ثم إن المسيء يهدي بإساءته أغلى شيء عنده لمن أساء إليه، شيء لا يقدر بثمن، حسناته، حقا أيها المسيء شكرًا، فالدنيا اختبارات، تمر بنا، فهنيئًا لمن فاز فيها برضا المولى، ويا حسن المآب.

فيا من أسيء إليه صبرًا، فإنه ابتلاء، فلتر الله -عز وجل- أفضل ما عندك، ولتتجلّى محامدك التي حباك الله بها فإنما هي أيام وبعدها نشر، وحشر، وحساب، وحقك آت لا محالة، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة، فتوكل على الحي الذي لا يموت، ولا تنس قوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

فهذه دعوة لقوة التحمل، والتحلي بالصبر، في معاملة المسيء، لا سيما من ذوي القربى منهم، وذوي الأرحام، في هذا الشهر الفضيل، ولتعلم أن إحسانك لمن أساء إليك قد يدفع المسيء إلى الرجوع عن إساءته فيرجع كأنه ولي حميم، فتحلى بالصبر تكن ذا حظ عظيم.