"اللبن.. فَارَ"

صفية محمود

  • 120

اللحظة الحرجة لكل امرأة في المطبخ فوران اللبن، كلنا نفزع منها وتأتينا لو غفلنا في لمحة، وكم ندمنا على هذه الغفلة اليسيرة، والعجيب أنكِ تبقين منتبهة لتتفادينها، لكنها كثيرًا ما تحدث رغمًا عنك!

 وربما لا تعلم كثيرات أن هناك مانع فوران "بايركس" يُباع في المتاجر، يكفيك عناء هذا الترقب والتحسب، ثم عض الأصبع والتأسف حين تقع الفأس في الرأس، وربما لو وضعنا ملعقة "إستانلس" بإناء الغلي، أو ملعقة خشبية مستعرضة فوق إناء الغلي لحُلت الأزمة، وتفادينا الفوران، واستمتعنا بمشروب آمن صحيًا بإذن الله، بلا تفريط في تمام الغلي، ولا هدر حين الفوران، والموازنة تحتاج إلى جهدٍ وحرص، وما أحوجنا لها.

ومثل ذلك تمامًا يا صاحب القلب الأبيض كما اللبن، مهما كنت كالحليب قد تفور وقت الغضب، إن لم تبقَ منتبهًا والأحداث تشتعل حولك كموقد يغلي منه اللبن، فلابد من الانتباه حتى لا يصل بك الغليان حد الفوران فتهدر طاقتك ووقتًا لا يُقَدَّرُ بثمن، وربما فاتتك فضائل ومُثُل، تفلِت منك حين فورة الغضب، ولأنت أحوج من اللبن من مانع لفورانك، وكابح لجماحك حين ثورة الغضب.

وليس ما يكبح مثل تذكرِ أجر الكظم والعفو، وأن في لحظة الغضب وذروته بإمكانك أن تصل لرتبة عظيمة، أن تكون محسنًا، والله يحب المحسنين، يا الله أتدري: قد يحبك الله لمجرد حُسن إدارة الغضب، فيا له من كابحٍ لفوران غضبك لو استحضرتها؛ أن تكون حبيبًا لله في تلك اللحظة، لكانت بلسمًا لغضبك؛ يحيلك لطيفًا لينًا وديعًا، في لحظةٍ كدت تكون فيها بركانًا يثور!!

ومن موانع الغضب تَذَكر خطاياك، وأن الله يغضب منك، وقد لا يفلتك من عقابٍ فتعفو عن الناس ليعفوَ الله عنك، فالمعاملة بالمثل، ولو كان الأمر مرضًا فدونك الطبيب يصف لك الداء والدواء، فاختر لنفسك فُر كاللبن أو فُز بقلب كاللبن لو أحسنتَ إدارة الغضب.