كيف يستعد السودان لمواجهة السيول؟

  • 54
صورة أرشيفية معبرة

تسود حالة من الترقب وسط المجتمع السوداني لقرب بداية موسم الخريف هذا العام، وفي الوقت ذاته لا تزال ذكريات عام 2018م المؤلمة تداعب مخيِّلتهم؛ فقد شهد ذاك العام سيولًا وفيضانات كبيرة نتج عنها كارثة مدمرة في العديد من المناطق. ما يزيد قلق السودانيين حاليًّا هو ارتفاع درجات الحرارة وتشابه الطقس مثلما حدث قبل أربع سنوات؛ ما ينذر بأن الوضع قد يتماثل وتهطل أمطار غزيرة أكثر مما كانت عليه خلال الأعوام الماضية.

استعدادات مكثفة

تحتاط أجهزة الدولة حاليًّا وتتحرك في الكثير من الاتجاهات استعدادًا لمواجهة هذا السيول والفيضانات إذا حدثت، وقد بدأت بوادرها بالفعل في بعض المناطق الموجودة بأعالي النيل الأزرق وأماكن أخرى في الولايات الغربية؛ فقد حدثت بها أمطار خفيفة مصحوبة بالرياح والأتربة. وسوف يعقد المجلس القومي للدفاع المدني السوداني دورة انعقاده الـ 42 خلال هذا الأسبوع، وسيحضرها كل ولاة وحكام الأقاليم والولايات من أجل بحث ومناقشة بنود ومحاور خطة الاستعداد، والسعي لتوفير جميع الإمكانات وتوظيفها للحد من الكارثة وتقليل الآثار الناجمة عنها. وسيناقش المجلس خلال تلك الدورة تقرير العام الماضي الذي يتضمن منهجية المعالجة السريعة للمشكلة، وتوفير الدعم الفني، ومحاولة تلافي نقاط الضعف وعلاجها لا سيما ما حدث في الولايات والمناطق الأكثر تضررًا خلال السنوات الماضية.

يترأس هذ المجلس وزير الداخلية ويضم وزراء: الحكم الاتحادي، والمالية، والتخطيط الاقتصادي، والصحة، إضافة إلى ولاة الولايات، والمدير العام لقوات الشرطة، وممثلي الجهات المتخصصة، وسوف يستعرض هذا المجلس تقرير الأوضاع في فصل الخريف خلال العام الماضي وما حدث حينذاك للوقوف على نقاط الضعف ومعالجة الأخطاء والاهتمام بالتوصيات المتكوبة فيه، إضافة للتركيز على التنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة المرتبطة بمكافحة السيول والفيضانات، والاطمئنان على إجراءات السلامة والاحتياط خاصةً إعادة توطين المتضررين من الكارثة سابقًا في أماكن آمنة، علاوة على تنظيف وتطهير مجاري تصريف المياه الداخلية في الأحياء، وتجهيز وصيانة وتوفير مضخات شفط المياه، وإدخال تقنيات وأجهزة متطورة تساعد على الإنذار المبكر والتنبؤ بالكارثة قبل وقوعها بالتعاون مع المجتمعات المحلية.

عقبات

لكن توجد مشكلة تواجه البلاد وهي الفقر في البنى التحتية المعيارية القائمة على دراسات هندسية علمية، مع الأخذ في الاعتبار الوضع المناخي والطبوغرافي والبيئي من ناحية الاطمئنان على مقدرة مواعين التصريف على تحمل كميات المياه المتوقعة. وتتركز التحديات والعقبات في ثلاث مشكلات: تراكم المياه ثم السيول، وفيضان النيل، وإغراق مناطق كثيرة بالمياه، وتزامن هذه المشكلات مع بعضها يسبب تدهورًا بيئيًّا وصحيًّا، في الوقت الذي يعاني فيه السودان من أزمات سياسية واقتصادية. الوضع يسير جيدًا حتى الآن في العاصمة الخرطوم، ومن المؤمَّل أن يسير الأمر على المنوال نفسه في بقية المناطق على مستوى البلاد. ولا بد من سرعة التخلص من النفايات المتراكمة قبل حلول الخريف في المرادم المخصصة لها، خصوصًا أن نسبة 50% من تلك المخلفات عبارة عن مواد عضوية؛ ما يجعلها بيئة صالحة لانتشار وتوالد الحشرات كالذباب والبعوض؛ وبِناءً عليه انتشار الكثير من الأوبئة كالملاريا والتيفويد، ولا بد كذلك من وجود دور حيوي للمواطنين في الحفاظ على البيئة.

تحركات داخلية

بالنسبة للترتيبات داخل الولايات، فقد عقدت اللجنة العليا لطوارئ الخريف بولاية الخرطوم اجتماعًا عاجلًا تابعت فيه سير الاستعدادات لموسم الأمطار، وأعلن العميد أيوب عبد الرحيم مدير الدفاع المدني بولاية الخرطوم اكتمال الاستعدادات كلها لمواجهة أية حالة طارئة خلال فصل الخريف لهذا العام. وقد ناقش هذا الاجتماع الكثير من الخطط وخرج بعدة قرارات وتوصيات مهمة في هذا الشأن، من أهمها توفير الموارد الضرورية، وتشكيل لجان طوارئ بالولاية والمحليات، وأخذ جميع التدابير الاحترازية، والتنسيق مع كل الجهات ذات الصلة بالأمر.

وفي ولاية الخرطوم أيضًا نفذت أطول جسر واق من نوعه –يبلغ طوله 23كم على شاطئ النيل الأبيض، بداية من جسر الدباسين شمالًا وحتى ديم البساطاب المجاورة لخزان جبل أولياء جنوبًا - من أجل التصدي للفيضانات والسيول المتوقعة هذا العام، وتابع أحمد عثمان حمزة والي الولاية المكلف أعمال الجسر، ويعد هذا الجسر الحيوي تأمينًا للأحياء من خطر اجتياح الفيضانات والسيول، خاصة أن هذه المنطقة بمثابة إحدى الثغرات في هذه الأنحاء. وتعمل هيئة الطرق والجسور والمصارف في كثير من المواقع داخل الولاية ضمن إطار تنفيذ خطة أعمال الخريف، لا سيما في مناطق شمال بحري وشمال كرري وجنوب أم درمان؛ لتعزيز الجسور الواقية من السيول، إضافة إلى أعمال تطهير المصارف.

وبدأت الإدارة العامة للدفاع المدني إنشاء نيابة متخصصة في مخالفات إجراءات السلامة بالتنسيق مع عدد من الجهات؛ لتنفيذ المتطلبات والإجراءات المطبقة للحد من الكوارث وتطبيق لوائح الوقاية والسلامة الخاصة بأعمال الدفاع المدني؛ حيث إن عدم تنفيذ أبسط قواعد وتدابير السلامة العامة ربما يؤدي إلى حدوث كوارث كبيرة.