نيجيريا والمغرب تخططان لإنشاء خط غاز بينهما يصل لأوروبا

  • 55

تدرس دولتا المغرب ونيجيريا حاليًّا مشروع إنشاء أنبوب غاز يربط بينهما وسيكون أطول أنبوب غاز "أوف شور" على مستوى العالم، وسيمر عبر 11 دولة في غرب قارة أفريقيا، وسيتم ربطه بالسوق الأوروبية، وقد أبدت بلدان ومنظمات –على رأسها روسيا رغم انشغالها بالحرب في أوكرانيا- اهتمامًا كبيرًا بتمويل هذا المشروع الذي مازال قيد الدراسات التقنية والاقتصادية، وجارٍ البحث عن ممولين.

تمويل المشروع

ذكر "تولو أوغونليزي"، مستشار الرئيس النيجيري محمد بخاري - في تصريحات إعلامية - بعض هذه الهيئات والدول المهتمة بتمويل المشروع، منها: منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وكذلك روسيا التي أكد أوغونليزي رغبتها في الاستثمار من خلال هذا المشروع؛ لأن هذا الخط سينقل الغاز النيجيري إلى العديد من دول القارة، وسيدخل السوق الأوروبية.

ومنذ أيام وقَّع المغرب مع صندوق "أوبك" للتنمية الدولية على الوثائق القانونية ذات العلاقة بتمويل جزء من النصف الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لهذا المشروع، قيمة ذاك التمويل بلغت نحو 14.3 مليون دولار، يمنحها صندوق "أوبك" للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن المغربي. وأسهم في تمويل هذه الدراسة أيضًا البنك الإسلامي للتنمية، وجارٍ صياغة الوثائق لتنفيذ المشروع واستكمال التحاليل التقنية والمالية والقانونية.

امتداد الخط

يبلغ طول أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا 5 آلاف و660 كيلو مترًا، وستتخطى تكلفته 25 مليار دولار أمريكي، وسيتيح نقل 40 مليار متر مكعب كحد أقصى من الغاز النيجيري كل سنة للمغرب، وسيمر عبر (بينين، وتوجو، وغانا، وساحل العاج، وليبيريا، وسيراليون، وغينيا، وغينيا بيساو، وغامبيا، والسنغال، وموريتانيا).

وقد وقَّع الملك محمد السادس والرئيس محمد بخاري -في شهر ديسمبر عام 2016م- على اتفاق مبدئي بخصوص هذا المشروع خلال زيارة العاهل عام 2018م بمدينة الرباط.

وقد بدأت الملامح الأساسية الأولى لإتمام هذا المشروع تظهر تدريجيًّا من خلال مراحل أساسية: الأولى تتمثل في دراسة الجدوى التقنية والاقتصادية، والمرحلة الثانية سوف تتم عبر إعداد الخبراء والمتخصصين الدراسات والوثائق اللازمة لإنجاز المشروع، على أساس أنه مشروع اقتصادي واستراتيجي وطاقي كبير سيواجه الكثير من التحديات حتى ينتهي. وهذه الدراسات تهم كذلك بالآثار الاجتماعية والبيئية للمشروع، إضافة إلى الدراسات الاستقصائية من الناحية البرية والبحرية لمسار أنبوب الغاز الضخم الذي سيمر بين العديد من البلدان الأفريقية.

الأثر الاقتصادي

توجد ثلاث مستويات رئيسة لآثار المشروع المنتظر: الأول: يتضمن آثارًا مباشرة وجلية على الاقتصاد المغربي؛ فيفترض أنه سيلبي حاجات الاقتصاد المغربي من مواد الطاقة، فالاستهلاك المغربي من الغاز الطبيعي في حدود مليار متر مكعب سنويًّا، 10% منه تنتج محليًّا والباقي يُستورد من الخارج. والاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي سيزداد من مليار و100 مليون متر مكعب عام 2025م إلى نحو مليار و700 مليون متر مكعب بحلول عام 2030م، مع السعي للوصول إلى 3 مليارات متر مكعب في عام 2040م.

وبذك فإن مشروع أنبوب الغاز هذا ذو بعد استراتيجي مهم يتمثل في تلبية الطلب المتزايد للمغرب من مصادر الطاقة، وسيلبي حاجات استهلاك مجموعة من القطاعات التي يعتمد المغرب عليها في تطوير اقتصاده مستقبلًا، مثل: صناعة السيارات، والصناعات الإنتاجية والتحويلية، بجانب صناعة أسمدة الفوسفات، وصناعة مواد البناء، علاوة على الصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية، والصناعات الدوائية مثل المشروع الكبير الخاص بتصنيع اللقاحات ضد الأوبئة.

ويتمثل المستوى الثاني من آثار المشروع في العمق الأفريقي الاستراتيجي للمغرب؛ لأن أنبوب الغاز سيكون سببًا مباشرًا لتحقيق الاندماج الاقتصادي بين الدول التي يمر بها هذا الأنبوب، وسيعد نموذجًا رائعًا لتعاون الدول داخل القارة السمراء.

ويتجسد المستوى الثالث في البعد الجيو استراتيجي للمشروع؛ لأنه سيربط أفريقيا وأوروبا مرورًا بالمغرب، وسيخفف من تبعية الدول الأفريقية لغيرها من البلدان ذات الريادة في مجال الطاقة، مثل: روسيا. وهذا ما بدا واضحًا خلال الحرب الروسية الأوكرانية فقد برهنت تلك الحرب على أهمية الاستقلالية في مجال الطاقة، إضافة إلى آثار تلك الحرب السلبية على إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي.