التجديد لبعثة الأمم المتحدة يواجه عقبات في السودان

  • 171
صورة أرشيفية معبرة

تنتهي بعثة الأمم المتحدة لدعم الفترة الانتقالية في السودان "يونيتامس" من عملها في شهر يونيو المقبل، وكانت مكلفة بإدارة حوار بين الفصائل السودانية لحل الأزمة السياسية في البلاد، لكن توجد أطراف رفضت الجلوس على طاولة واحدة مع أطراف أخرى، فهل تجدد الخرطوم لتلك البعثة مرة أخرى؟

انتقادات وخلافات

وسوف يدور الحديث حول هذا السؤال بين السودان ومجلس الأمن، لكن هل سيكون التجديد بالمهام عينها، أم ستُجرى تعديلات عليها؟ خاصةً بعدما وعد فولكر بيرتس رئيس البعثة -ضمن "الآلية الثلاثية" التي تضم بعثته والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيجاد"- بالقرب من جمع الفرقاء السياسيين على طاولة حوار واحدة.

وكثرت الانتقادات الموجهة لأداء الحكومة الانتقالية؛ ما جعل مجلس السيادة الانتقالي يظهر عدم رضاه عن أداء البعثة؛ لأن مطالبة وزارة الخارجية السودانية البعثةَ بالوفاء بالتزاماتها تعد إشارة إلى أكثر من مهمة، مثل المساعدة على توفير متطلبات الانتقال السياسي وتوفير الموارد اللازمة لذلك، عبر تأكيدها أن البعثة لم تقدم أي دعم مالي غير 400 مليون دولار، 200 مليون دولار منها خُصصت لمشروع برنامج "ثمرات" الذي يدعم الأسر الفقيرة، وقد تعثر في مراحله الأولى.

هذا الخلاف يحدث بالتزامن مع زيادة الاضطراب السياسي والأمني وتفاقم الأزمة الاقتصادية داخل السودان؛ وهذا بمثابة امتداد لما عاناه المواطنون خلال فترة حكم النظام السابق، ولم تقطعه إلا فترة قصيرة من عمر الفترة الانتقالية انتهت بإصدار الفريق عبد الفتاح البرهان قرارات 25 أكتوبر الماضي، أقال خلالها الحكومة الانتقالية وفرض حالة الطوارئ بالبلاد؛ وهذه الأوضاع تؤكد وجود فواعل أساسية في تلك الأزمة لا يمكن تحميلها لبعثة الأمم المتحدة أو الفرقاء السياسيين بمعزل عن ال ظروف التي يعملون خلالها.

مهام البعثة وجهودها

عندما طالبت الحكومة السودانية بإنشاء البعثة التي جاءت بِناءً على قرار رقم 2524 الصادر عن مجلس الأمن خلال شهر يونيو عام 2020م، كانت هدفها تسريع المساعدة الاقتصادية وتوفير الدعم اللوجيستي والمالي لإنجاح الفترة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات، وترسيخ دعائم الانتقال عبر دعم حكومة ديمقراطية يقودها مدنيون؛ وهذا يحتاج إلى استكمال السلام. ورغم أهمية ومحورية ما أشار إليه "فولكر" بخصوص أن بعثته تعمل على إعادة الأوضاع في السودان للمسار الانتقالي، وتكوين حكومة بقيادة مدنية، إضافة إلى التوافق على دستور انتقالي، واختيار رئيس أو رئيسة وزراء- فإنها لم تنجز شيئًا مما ذُكر؛ وقد أرجع "فولكر" ذلك إلى الإجراءات التي فرضها البرهان وأجهضت العملية السياسية. وتأمل البعثة في اعتراف حكومة السودان بها؛ ما يمنحها الحق في مواصلة أعمالها، مثل قيادتها مشاورات منذ شهر يناير الماضي لحل الأزمة السياسية، وسعيها نحو إيجاد توافق بين الفرقاء السياسيين.

وهناك بعض القضايا وقفت كعائق أمام عمل البعثة في السودان خلال العامين الماضيين، وأطالت أمد الأزمة، أبرزها تراخي القوى السياسية المدنية واعتمادها على ضغوط الشارع السوداني والمجتمع الدولي دون فاعلية أصيلة لديها، وتنامي دور العسكريين ومحاولتهم المستمرة احتواء النشاط السياسي، ومن ضمن تلك العقبات تهديد البرهان بطرد "فولكر" إذا تجاوز التفويض الممنوح لبعثته وتدخل في شؤون البلاد. وتقف البعثة موقف الحياد بين طرفي الحكم (المدنيين والعسكريين)، وقد أدرك السودانيون تدريجيًّا فشل عملية التسوية بين الطرفين حتى الآن من أجل إحداث وفاق وطني؛ فالسودان ذد القدرات الاقتصادية المحدودة كان يعتمد على المساعدات الاقتصادية والإعفاء من الديون، وفي ظل عودة العلاقات مع المجتمع الدولي بعد الثورة كان هناك الكثير من الوعود بشأن ذلك، وعُلقت هذه المساعدات بعد قرارات 25 أكتوبر.

مآل "يونيتامس"

ربما لا ترفض الحكومة السودانية وجود بعثة "يونيتامس"، وقد تجدد عملها لكن وفق شروط جديدة وتعديل إجراءات التفويض، مثل عدم السماح للبعثة بالعمل السياسي وسحب الصلاحية التي تتمتع بها الآن لإدارة الحوار بين الأطراف السودانية، ومن المرجح حدوث تغيير على مستوى رئيس البعثة ومستشاريه الذين لا يرضى المجلس العسكري عنهم بسبب اتهامهم بالتدخل في شؤون السودان الداخلية. ورغم ذلك فإن المجلس العسكري ما زال يعول على هذه البعثة لأنها المنفذ الوحيد أمامه.