إلى أي مدى يظل الموقف الغربي موحدًا ضد روسيا؟

  • 97
الفتح - الحرب الروسية الأوكرانية

مضى أكثر من ثلاثة أشهر منذ الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، ولايزال الموقف الغربي حتى هذه اللحظة –فيما يبدو- موحدًا نسبيًّا فيما يخص فرض العقوبات على موسكو ورجالاتها، وقادت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الموقف بمساعدة بريطانيا وفرنسا، حتى وإن فضلت باريس الحوار مع موسكو في بعض الأوقات.

تباين المواقف

ومع مرور الوقت وزيادة الخوف من التأثيرات السلبية لتلك العقوبات على الدول الأوروبية بدأت بوادر تباعد في مواقف بعض الدول الغربية بخصوص هذا الأمر؛ فعلى جانب تقف واشنطن ولندن بغرض إضعاف موسكو للحد الذي لا تستطيع معه الإقدام على أي عمل عسكري يهدد الغرب؛ لإيمانهما بعدم إمكانية وجود حل سلمي ودبلوماسي لهذه الأزمة، وعلى جانب آخر توجد بعض الدول التي تتخوف من عواقب تلك العقوبات عليها. فعلى سبيل المثال يتضح هذا التباين في المواقف مثلما حدث بين الرئيسين الأمريكي والفرنسي؛ فقد أعلن جو بايدن، يوم 26 مارس الماضي، عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يمكنه البقاء في منصبه أكثر من ذلك، في حين أعلن إيمانويل ماكرون، يوم 9 من الشهر الجاري، عن أنه لا يمكن بناء السلام مع روسيا عن طريق إذلالها.

ومن الناحية العملية فيما يتعلق بالمساعدات الغربية لأوكرانيا، فإن أمريكا وبريطانيا تمدان كييف بكميات كبيرة من الأسلحة تفوق بكثير ما تقدمه باريس وبرلين، علاوة على الدعم الاستخبارتي الواسع من واشنطن ولندن لكييف. وتخصص الولايات المتحدة الأمريكية عشرات المليارات من الدولارات من أجل مساعدة أوكرانيا وإمدادها بما تحتاج إليه من أسلحة؛ وإنفاق كل تلك الأموال يشي بأن الدعم الأمريكي له بعد آخر ربما يكون بهدف هدف تحقيق عائدات على الاستثمار، إضافة إلى محاولة إضعاف روسيا.

ورغم أن واشنطن لم تؤكد سعيها عمليًّا حتى الآن لتغيير فلاديمير بوتين ونظامه، فإنها تسعى جاهدة وبكل السبل الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية  لإضعافه على المديين القريب والبعيد، وهذا يوافق ما صرح به "لويد أوستن"، وزير الدفاع الأمريكي.

وإضافة إلى ذلك فإن أمريكا لا تغفل عن الصين أبدًا، وتظل المواجهة معها ضمن أولوياتها الاستراتيجية على المدى البعيد، وتلك الحرب الحالية في أوكرانيا فرصة كبيرة تستغلها واشنطن جيدًا لإضعاف غريمتها التقليدية موسكو دون خسارة أي جندي وسط الميدان؛ وبالتالي إضعاف حلفها مع بكِّين من خلال إضعافها هي ذاتها.

موقف أوروبا

وبالنسبة لبقية الدول الأوروبية فهناك خلاف في المواقف بين دول شرق القارة المعادية بطبيعتها لروسيا بحكم التاريخ، وبين دول غرب القارة التي تدعم كييف ضد الاعتداء الروسي عليها لكنهم أكثر اعتدالًا من واشنطن، وخطر فرض العقوبات الاقتصادية على موسكو يطولهم أيضًا؛ لذلك يرغبون في حل الأزمة دبلوماسيًا إن أمكن ذلك حتى رغم مد يد العون بالدعم والمساعدات لأوكرانيا.

الوضع الحالي أشبه بسؤال ملح مفاده إلى أي مدى يستعد الأوروبيون لدفع ثمن تغيير النظام الروسي الحاكم؟ هذا إن استطاعوا ذلك من الأساس؛ لذلك تؤمن تلك الدول بخطورة التصعيد مع روسيا خشية احتمال اندلاع مواجهة مباشرة معها، علاوة على أنه لو حدث تغيير لنظام بوتين فسوف يكون الثمن باهظًا كذلك من الناحية الاقتصادية رغم عدم احتمالية حدوث ذلك دون مواجهة عسكرية. ولا ينبغي نسيان أن أمريكا وبريطانيا من كبار منتجي الطاقة على مستوى العالم؛ لذلك لا تتأثران كثيرًا بموضوع الغاز الروسي مثلما تتأثر به دولة، مثل: ألمانيا الشهيرة بصناعاتها القوية المستهلكة للطاقة بدرجات كبيرة. وتلك الأمور توضح أسباب التباين في المواقف الغربية تجاه موسكو.