بريكس.. تحالفٌ لإنهاء الهيمنة الأمريكية والغربية

  • 89
الفتح - تحالف بريكس

يبدو أن العالم مقدم لا محالة على وجود معسكرين أحدهما شرقي والآخر غربي على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ ومن ذلك ما حدث عام 2009م حيث نشأ تحالف اقتصادي يضم الدول الأكثر نموًّا من الناحية الاقتصادية وهي (البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا)، والآن تسعى الصين جاهدة لتوسيع هذا التحالف وضم العديد من الدول وعلى رأسها مصر.

نشأة التحالف

تسعى روسيا والصين منذ عقود إلى إيجاد تحالف يضاهي قوة الغرب الاقتصادية ويحد من الهيمنة الأمريكية على العالم سواء من الناحية الاقتصادية أو غيرها، ويحد من قدرتها عليهما لا سيما عند حدوث خلاف معها في أي وقت؛ ومن أجل ذلك بدأت فكرة إنشاء مجموعة "بريك" عام 2009م، وعُقدت القمة الأولى بين رؤساء الدول الأربع المؤسِّسة لتلك المجموعة في "يكاتِرينبورج" بروسيا في العام نفسه، وأُعلن خلالها عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية، أحدهما تقوده أمريكا والآخر تقوده روسيا والصين، واتفق زعماء تلك الدول على استمرار التنسيق بينهم فيما يخص القضايا الاقتصادية العالمية، بما في ذلك التعامون بينهم في المجال المالي وحل المشكلات المتعلقة بالغذاء. وفي عام 2010م انضمت إليهم دولة جنوب أفريقيا فصار اسم المجموعة "بريكس" بدلًا من "بريك" وهي الأحرف الأولى من أسماء الدول المؤسِّسة لها.

أهمية "بريكس"

تمثل مساحة هذه الدول الخمس ربع اليابسة في كوكب الأرض؛ أي ربع العالم، ويصل عدد سكانها إلى نسبة 40% من عدد سكان العالم؛ ودون شك فهذه الدول تعد قوة اقتصادية كبيرة فهي تمثل نحو 30%؜ من الناتج المحلي العالمي في مختلف المجالات؛ وتزداد أهمية هذا التحالف من خلال هدفه أيضًا فقد كان الغرض من إنشاء تلك المجموعة هو تأسيس نظام مالي موازٍ للنظام المالي العالمي حاليًّا، وكانت فكرة مذهل واقتنع بها قادة هذه الدول وطبقوها على الفور، لا سيما مع وجود توترات بين الحين والآخر مع الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية، وزادت أهمية تلك المجموعة بعد الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا؛ فقد اتخذها الغرب ذريعة لإمطار روسيا بموجات قاسية متتالية من العقوبات الاقتصادية؛ ما سلط الضوء على هذا التحالف في الأوساط العالمية بصورة أكثر من الماضي، وسط توقعات بتوسعه وزيادة نفوذه.

وبما أن موسكو تتعرض لعقوبات الآن، وكذلك الحال بالنسبة لبكِّين التي يتذرَّع الغرب –بقيادة أمريكا- بمشكلتها مع تايوان ويوقِّع عليها عقوبات اقتصادية منذ سنوات؛ فإن التوسع صار أمرًا ملحًّا وحتميًّا بالنسبة لهما وربما يتحول من تحالف اقتصادي فقط إلى تحالف سياسي أيضًا؛ ومن هنا تريد الصين ضم عدد من الدول على رأسها مصر، ودول أخرى مثل (الأرجنتين، وإندونيسيا، وكازاخستان، ونيجيريا، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والسنغال، وتايلاند)، بل إنها أعلنت عن ذلك صراحة أثناء المؤتمر الأخير الذي عُقد افتراضيًّا عبر تقنية "فيديوكونفرانس" مساء يوم الجمعة الموافق 20 مايو الماضي، وشارك فيه وزراء خارجية دول "بريكس" ونظرائهم من الدول التي خارج المجموعة وهي (مصر، والأرجنتين، وإندونيسيا، وكازاخستان، ونيجيريا، والإمارات، والسعودية، والسنغال، وتايلاند).

وتسعى الصين وترحب بانضمام تلك الدول تحت المسمى الذي أطلقته عام 2017م وهو "بريكس +" (بريكس بلس)، وهي الخطوة التي تراها تالية لإنشاء المجموعة منذ عام 2009م، وقد أيدت بقية الدول في التحالف الاقتصادي تلك الخطوة لكن الاتفاق على أسماء الدول التي ستنضم ربما يأخذ وقتًا من التفاوض.

زيادة الوعي الدولي

دول "بريكس" حتى الآن تحالف اقتصادي فقط، وتتحرك حسب رغبتها بالتأثير في مجرى التجارة العالمي، لكن من خلال ما يحدث في العالم حاليًّا فربما يكون لهذا التحالف كلمة في مجال السياسة، خاصةً مع زيادة وعي العالم بأهمية التغيير والتخلص من هيمنة وسيطرة قطب واحد على مجريات الأمور؛ ما عزَّز فكرة ضرورة إيجاد عالم متعدد الأقطاب، وقد اتضح ذلك من خلال وقوف عدة دول ضد قرار العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا  مثل الصين والهند اللتين تستثمران في النفط الروسي حتى هذه اللحظة، وكذلك البرازيل التي ما زالت تستورد المواد الخام الروسية، وكذلك المكسيك، إضافة إلى دول الخليج التي رفضت طلب أمريكا بزيادة إنتاجها من النفط، كل ذلك يشي بأن "نظام دفع بريكس" قد يكون بديلًا عن نظام "سويفت" مستقبلًا عن طريق تعزيز التعامل بالعملات الوطنية المحلية للدول داخل النظام الجديد، وهذا ما تفعله روسيا الان من خلال فرض شراء منتجاتها بعملتها المحلية "الروبل"، بل وقد أعلنت موسكو وبكِّين قبل الحرب الحالية عن تحالف متنوع بينهما سيجري فيه التعامل بعملتيهما الوطنية.