لأول مرة إثيوبيا تعترف بخطورة الملء الثالث على دولتي المصب.. فما هى طرق مواجهته؟

  • 68
الفتح - السد الإثيوبي

منذ عدة أعوام ونعيش على وقع مشكلة كبيرة تمس دولتي المصب مصر والسودان بسبب السد الإثيوبي الذي بُني في غفلة من الزمن، ورغم تأثر القاهرة بهذا السد فإن الخرطوم أكثر تأثرًا به عند حدوث أية مخاطر، وبرزت على السطح الخلافات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى بعد إقرار "كيفلي هورو" مدير السد باحتمال تأثر الخرطوم والقاهرة بعمليات الملء الثالث الذي سيحدث في شهري أغسطس  وسبتمبر  المقبلين.

وبكل غرور وصفاقة إثيوبية معهودة منذ بدء الأزمة أكد هذا المدير عدم اهتمام بلاده بهذا التأثير الواقع على مصر والسودان، مع استبعاد إيقاف عملية الملء؛ وهذا التصريح المستفز أثار حفيظة الدولتين، لكن بحكم أن الخرطوم الأكثر تأثرًا فقد توقع الخبراء حدوث فيضان على النيل الأزرق المقام عليه هذا السد نتيجة معدلات الأمطار العالية المتوقعة خلال هذا العام.

صَلَفٌ معهود

من جهتها، رأت وزارة الخارجية السودانية تلك التصريحات أنها تزيد حدة التوتر في العلاقات بين البلدين وتعد خرقًا للاتفاقيات السابقة، وطالبت -عبر بيان أصدرته- مسؤولي إثيوبيا بإيقاف مثل هذه التصريحات غير المنضبطة، والالتزام بالمبادئ الدبلوماسية من خلال الحوار والتفاوض باعتباره خيارًا جيدًا لحل هذه المشكلة بين الدول الثلاث؛ بهدف الوصول إلى تسوية شاملة للأزمة وتحقيق المصالح المشتركة، مستنكرة عدم اهتمام أديس أبابا بالمخاطر والأضرار التي ستلحق بالجانبين المصري والإثيوبي من جرَّاء عملية الملء الثالث نتيجة مواقفها الأحادية السابقة غير المسؤولة!

مخاطر السد

تتمثل المشكلة السودانية –أو بعبارة أدق التي يمكن أن يعانيها- التي تعد تهديدًا مباشرًا له في عدم توفر المعلومات وتبادلها بشفافية من الجانب الإثيوبي عند تشغيل وملء السد؛ فخلال مرات عدة سابقة تحدث أخطاء -ربما غير مقصودة من الجانب الإثيوبي- بسبب عدم معرفته وإلمامه بخصوص هذا الشأن؛ وهذا ما يشي به التصريح الأخير لمدير السد النهضة باحتمالية تأثر القاهرة والخرطوم بالملء الثالث للسد؛ حيث يعد هذا عدم توافر المعرفة الكاملة والكافية لديه بين عمليات بناء وتشغيل السد، أو ربما يتعمد إخفاء الحقيقة.

وأيًّا يكن الوضع فإن المعلومات مهمة جدًّا بالنسبة للجانب السوداني؛ لأن سعة السدود لديه صغيرة لا سيما سد الروصيرص الذي يبعد بمسافة 20 كلم فقط عن السد الإثيوبي، ويعتمد على الوارد من ذاك السد؛ لذا لا بد من توافر المعلومات بكل دقة لمعرفة كل ما يخص عمليات الملء والتشغيل مسبقًا؛ حتى تستعد الخرطوم وتضع الخطط المناسبة على المدًى الثلاثة القصيرة والمتوسطة والطويلة". فإذا كان الفيضان عاليًا حدث تخزين مبكر للسد النهضة؛ فسوف يواجه السودان مشكلة كبرى؛ لذلك لا بد من وضوح المعلومات ودقتها من الجانب الإثيوبي بكل ما يخص عمليات التخزين. ويبدو أن السودان لديه خبرة تراكمية في التعامل مع الطوارئ عن طريق اتباع أساليب علمية لتجنب أي مخاطر، إضافة إلى أن إدارات السدود السودانية في حالة انعقاد دائم لمتابعة وبحث المستجدات.

التعويض عن الأضرار

لكن رغم كل ما تقدم فإن أديس أبابا تعترف للمرة الأولى بوجود آثار جانبية سلبية على مصر والسودان بسبب عملية الملءالثالثة للسد، في حين لا تلتزم إثيوبيا بأي تعويضات عن تلك الآثار؛ وهذا ينبغي أن يقلق الدولتين في ظل إعلان أديس أبابا التزامها المتكرر بعدم التسبُّب في أي ضرر للدولتين بموجب نص إعلان المبادئ الموقَّع في عام 2015م. وإذا لم تطالب القاهرة والخرطوم بمعالجة الآثار الجانبية السالبة والتعويض عنها بموجب إعلان المبادئ والقانون الدولي؛ فإن ذلك سيُنهي حق الدولتين في المطالبة بهذه التعويضات فيما بعد، التي يُتوقع زيادتها مع استمرار وتزايد التخزين، وستحدث تداعيات خطرة عقب انتهاء الملء الثالث؛ فسوف تمتلك أديس أبابا حينذاك قنبلة مائية خطيرة يمكن أن تتسبب في مخاطر كارثية على دولتي المصب؛ فسيصل المخزون وقتذاك إلى 18 مليار متر مكعب، وهذا قد يمثل خطورة على الإرادة السياسية المصرية والسودانية أمام الإرادة الإثيوبية، وباكتمال الملء الثالث فلا حاجة لأي مفاوضات، وعلى القاهرة والخرطوم التفكير في مواجهة المخاطر الناجمة عن السد.