لماذا تثير الأحوال الشخصية الجدل داخل المجتمع المصري؟

  • 129
الفتح - فضيلة الشيخ ياسر برهامي

لماذا تثير الأحوال الشخصية الجدل داخل المجتمع المصري؟

داعية إسلامي: رفع السنّ إلى 21 عامًا يزيد من الزواج الشرعي غير الموثق ويفتح أبواب الزنا

برهامي: أقول للبعض التزموا بشرع الله واحفظوا حق المرأة حفظًا حقيقيًا لا مجرد شعارات تؤدي إلى ضياع حقوقها

نبيه الوحش: مستقبل الأسر مرهون بقانون موافق للدين والشرع.. 

خبير بمحاكم الأسرة: تمرير القانون دون موافقة الأزهر ورجال العلم مخالف للدستور


ما زال قانون الأحوال الشخصية يتصدر المشهد السياسي وبرامج التوك شو، حيث إثارة مزيد من الغضب لدى الشارع، بسبب مقترحات المجلس القومي للمرأة والمنظمات النسوية والعلمانيين، حيث حظيت بعض التعديلات التي يراد تمريرها في القانون الجديد مزيدًا من الرفض والجدل، إذ وصفها البعض بأنها غير منصفة، وتزيد من حالات الطلاق وضياع الأسر وتشريد الأبناء.

رفع سن الزواج إلى 21 عامًا

ويرى رجال العلم في مصر، أن هناك مقترحات كارثية بكل المقاييس، مثل: رفع سن الزواج إلى 21 عامًا للبنت، لأنه في ظل السنّ الحالي (18 عامًا) هناك مئات حالات الزواج تحدث بالطريقة الشرعية أو العرفية دون توثيق، وفي حال رفع السنّ فيزيد ذلك من ضياع حقوق المرأة وليس ضمان حقوقها كما يدعي البعض.

إلغاء الطاعة ومنع الولاية 

ومن بين المقترحات التي أثارت غضبًا واسعًا، إلغاء الطاعة، وعدم الولاية للمرأة، ومساواة الرجل بالمرأة في الشهادة وكذلك في الميراث وبنود الكد والسعاية، فكلها أمور وبنود تخالف نصوص الشرع مخالفة صريحة وواضحة، وما حارب قوم دينًا شرعه الله ورسوله إلا هلكوا.

كما أن مسألة وبند الحضانة والرؤية والاستضافة والاستئذان من الزوجة الأولى قبل الزواج من الثانية، تعد أبرز المواد الخلافية في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد وفق محامين واتحاد رجال ضد قانون الأسرة.

تأثير الاحتلال الغربي

في ذلك الصدد، أوضح فضيلة الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية والداعية الإسلامي، أنه لم تظهر الحاجة إلى تحديد سنّ في الزواج، إلا في العصور المتأخرة، خصوصًا بعد الاحتلال الغربي لبلاد المسلمين، وتأثر الكثير من المسلمين بذلك، فلا شك أن هذا الاحتلال أدى إلى تغير في النشأة، كذلك حصول ارتفاع نسبة الجهل بأحكام الشرع والجهل يعني بالذكاء الاجتماعي تبعًا لذلك، مما حذا بكثير من المشايخ المتأخرين إلى الموافقة على تحديد سنّ الزواج الذي لم يعرف قط في تاريخ المسلمين في المذاهب المعتبرة. 

وتابع برهامي في تصريحات خاصة لـ "الفتح": أن هؤلاء اعتبروا ذلك من تقييد المباح الذي يصح للحاكم إذا رأى المصلحة في ذلك، وبدأ الأمر بتحديد سنّ الزواج بستة عشر عامًا مع أن بعض الدول في الخارج وبعض الولايات الأمريكية تسمح بالزواج في سنّ أربعة عشر عامًا، ولكن بموافقة الأب والأم. 

ولاية الأب أو الجد

وأضاف: ولا شك عندنا أن الأب هو الذي يزوج الصغيرة لكمال شفقته ورحمته بها والجد كذلك، إلا لو كان زواجًا يضر الصغيرة ولا يراعي المصلحة، فالقاضي عند ذلك يتدخل، ثم بعد سنوات طويلة من تحديد سنّ الزواج بستة عشر عامًا، حدد المشرع سن الزواج عند ثمانية عشر عامًا، ووضع العقوبات على من يزوج دون الثامنة عشر، كذلك محاولات إلغاء فقرة التصالح على الزواج، وهو الإقرار من الطرفين بوجود رابطة الزوجية قبل سنّ الزواج القانوني. 

وأشار الداعية الإسلامي، إلى أن مطالبات رفع سنّ الزواج إلى واحد وعشرين عامًا غير واعية وغير عاقلة نهائيا، ويعد تحكمًا محضًا لا يراعي مصلحة الشباب، ولا مصلحة المرأة نفسها، مضيفًا أن الواقع الاجتماعي إلى الآن يطبق الزواج قبل الثامنة عشرة في الصعيد والريف وفي القبائل العربية.

الزواج الشرعي غير الموثق

وواصل برهامي حديثه، بالقول: ويكتفون بالعقد الشرعي أو العرفي وهذا بلا شك فيه تضييع لحق المرأة، فكيف إذا ذاد السنّ القانونية إلى واحد وعشرين عامًا، سوف يقدم الكثير على الزواج خارج إطار القانون، وخارج إطار التوثيق، مما يترتب على ذلك ضياع حق المرأة في المطالبة بالطلاق من جهة، والمطالبة بسائر الحقوق الزوجية إلا بمشاق بالغة من جهة أخرى.

وأردف: "غالبا لا تستطيع أكثر النساء تخطي هذه المشاق والعقبات فمن أجل رعاية حق المرأة، نقول لكم كفوا عن اللعب بالتشريعات، فالشرع قد سبق فيه بيان هذه الأحكام تفصيلا ولا يجوز أن تكون متروكة لأهواء جماعات لا يدركون حالة المجتمع، ولا عاداته وتقاليده ولا حاجة الرجال والنساء من الشُبان والفتيات، فهذا بلا شك يؤدي إلى مزيد من العدوان على المرأة خارج إطار الزواج". 

يفتح باب الزنا

واستكمل: نحن نعلم مما يُعرض علينا دائما من مشاكل، حيث إن عددًا كبيرًا جدا من طالبات المرحلة الإعدادية وطالبات المرحلة الثانوية، وأضعاف ذلك في الجامعة يرتبطن بما يسمى بالزواج العرفي والبعض قد يكون بغير رابطة الزواج، بل بجريمة الزنا والعياذ بالله.

واستطرد: "فكل ذلك يعرض المرأة للمخاطر الهائلة، إما أن تُقتل وأما أن تقاطع أهلها، فيُضيّع زوجها حقها مطمئنًا إلى أن أهلها لن يتدخلوا بسبب تبرؤهم منها وغير ذلك كثير من الحالات، لذا أنا أقول لهؤلاء كفوا عن هذا التلاعب والتزموا بشرع الله واحفظوا حق المرأة حفظًا حقيقيًا لا مجرد شعارات تؤدي إلى عكس ما تدل هذه الشعارات".

الدين الحامي لحقوق المرأة

في حين يرى نبيه الوحش، المحامي بالنقض والدستورية العليا، والخبير في محاكم الأسرة، أن أيادي غربية لها دور كبير في اللعب بقانون الأحوال الشخصية، لافتًا إلى أن ضمان حقوق المرأة هو أمر (ديني وشرعي) بحت يجب أن يكون المرجع لنا وليس المجلس القومي للمرأة.

وأضاف "الوحش" في تصريح خاص لـ "الفتح": أن قانون الأحوال الشخصية لا يجوز التدخل فيه من أحد، سوى مؤسسة الأزهر ورجال العلم في مصر، لأنهم سيتكلمون بما أنزل الله ورسوله وفي ذلك ضمان لحقوق المرأة وليس تضييعها.

وتابع: "أن قانون الأحوال الشخصية والمقترحات، كزيادة سنّ الزواج وإلغاء الطاعة للرجل، سيترتب عليه مزيد من حالات الطلاق والتفكك الأسري، كما أن عدم موافقة الأزهر يعني أنه محكوم عليه بالفشل وعدم دستوريته وفقا للمادة الثانية من الدستور".

أجيال معقدة نفسيًا

وأوضح الخبير القانوني والدستوري، أن مستقبل مصر والأجيال خلال الفترة المقبلة مرهون بإقرار هذا القانون الشائك، لافتًا إلى أن الرؤية والحضانة تخرج أجيالا مشهوهة ومعقدة نفسيًا بخصوص الحضانة، والتربية، والحضانة التي يراد زيادتها عن سنّ 7 للولد و9 سنوات للبنت.

وواصل نبيه الوحش حديثه، بالقول: لابد من تحقيق العدالة بين الطرفين، حيث إن التربية ليست من حق المرأة وقد أخذت حكمًا على ذلك لبعض الموكلين، ومنع الحضانة عن أحد الأبوين إذا كان غير مؤهل لذلك، كما يجب منع الرؤية عن الأب الذي يرفض النفقة على أبنائه.

لا داعي لرفع سنّ الزواج 

بدوره، قال الشيخ إسلام عامر نقيب المأذونين، إن زواج البنت في سن ١٨ عامًا هو أمر معقول جدا ولا داعي لرفعه أكثر من ذلك، حتى لا يزداد الزواج العرفي أو غير الموثق.

وأوضح الشيخ إسلام عامر نقيب المأذونين، في تصريحات متلفزة: أن هناك حالات زواج كثيرة في القرى والنجوع أقل من السن القانونية للزواج بتوقيع عقود عرفية عند أئمة المساجد أو شيوخ القرية، ما يعني أن رفع سن الزواج يزيد من هذه الحالات وليس منعها "على حد قوله".