• الرئيسية
  • الأخبار
  • وكيل الأزهر السابق: على المشرفين على الرسائل العلمية أن يحذروا من التصدير الزائف والتقدير المبالغ

وكيل الأزهر السابق: على المشرفين على الرسائل العلمية أن يحذروا من التصدير الزائف والتقدير المبالغ

  • 39
الفتح_ الدكتور عباس شومان المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف

قال الدكتور عباس شومان، المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، ووكيل الأزهر السابق: إنه من المفترض على المعلمين أن يغوصوا بعقول أبناءنا في بطون الكتب، ويضعوهم على طريق البحث المنضبط بقواعده بعد أن سلَّحوهم بالأدوات التي تمكنهم من إنتاج بحوث تخدم مجتمعهم، وتعالج قضاياه التي تمس واقع الناس، ويدلل على سوء صنيع البعض وتقصيرهم تلك الأسئلة المتواضعة المكررة التي لا تناسب طلاب مرحلة الإجازة العالية.


وأشار "شومان" - في مقالة له بمجلة صوت الأزهر - إلى أن هناك معاناة من العقول المصدرة للمجتمع في صورة لا تتناسب معه؛ لأن حقيقة تكوينه وتأهيله العلمي والمهاري قائم على الغش، خاصة بعد حصوله على مراحل التسجيل لدرجتي الماجستير والدكتوراه بالغش، فكثير من الموضوعات التي تُقْبَل للتسجيل لا تستحق عناء البحث، ولا تقدم حلولًا لمشاكل حياتيَّة، فضلًا عن كونها قُتِلَتْ بحثًا تحت عناوين أخرى، وخطط تظهر الموضوع وكأنَّه لم يطرق من قبل، ويكفي لاطمئنان الباحث عند تسجيله في كثير من الأحيان إسناد الإشراف عليه لاسم كبير في مجال التخصص، وربما يعتمد المشرف نفسه على مكانته العلميَّة ومنزلته بين أساتذة التخصص الذين سيناقشون الباحث في بحثه؛ حيث يطمئن إلى مجاملتهم له، فقد يكون أستاذًا لهم؛ حيث يرون أنَّ مناقشة الباحث مناقشة فاحصة قد لا تروق لشيخهم المشرف، وكأنَّ إحصاء ملاحظات البحث هو من باب إثبات تقصير المشرف، وحقيقة الأمر أنَّ المشرف موجِّه للباحث، ولو أحسن المتابعة والتوجيه لاستقام البحث إلى حد كبير، ومع ذلك فالعمل عمل الباحث وتوجيه الملاحظات إلى بحثه ينبغي أن يكون هَمَّ اللجنة بمَنْ فيهم المشرف على الباحث والبحث، ويدرك بعض الأساتذة من المشرفين ذلك؛ فيحمدون لزملائهم توجيه الباحث لملاحظات فاتت عليه هو، بل بعض المشرفين لا يكتفي بتقمص دور المحامي عن الطالب، بل يشارك في المناقشة وتوجيه الملاحظات للباحث، وهذا حق تضمنه له القواعد المنظمة للإشراف والمناقشة.


وتابع أنه في كثير من الأحيان نستغرب عند إعلان نتيجة الحكم على البحث بعد المناقشة؛ حيث إنَّ سير المناقشة وإبداء الملاحظات الجوهريَّة لا يناسب درجة الامتياز إن كانت المناقشة لدرجة الماجستير، أو مرتبة الشرف الأولى إن كانت دكتوراه، بما يعني أنَّ التقدير في كثير من الأحيان يكون إمَّا مجاملة للمشرف أو تعاطفًا مع الباحث، مع أنَّ البحث العلمي لا ينبغي أن يتأثر لا بهذا  ولا بذاك، فالمبالغة في التقدير ليس من الإكرام في شيء؛ بل هو من باب تصدير البحث إلى المكتبات والأوساط العلميَّة تصديرًا زائفًا، يضلل الباحثين الذين يرجعون لهذا البحث حين يرون أنَّ بحوثهم التي يعدونها أقوى من هذا البحث، وقد مُنِحَ بهذا التقدير المبالغ فيه؛ فتقلُّ همتهم، ويكتفون بمستوى مقارب لهذا البحث، ولو أنَّ التقدير كان مناسبًا للبحث ودرجة الإجادة فيه لدفع الباحثين لبذل جهد أكبر حتى يحصلوا على تقدير أعلى من هذا التقدير المتدني الذي حصل عليه الباحث في بحثه المتواضع.


وذكر المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، ووكيل الأزهر السابق، أنه هذا خداع مجتمعي؛ حيث يُصَدَّر الباحث وبحثه إلى المجتمع على صورة تخالف حقيقة الباحث وبحثه، فيُقْبَلُ للتعيين مثلًا في جامعة من الجامعات؛ لكونه حاصلًا على تقدير مرتفع، بينما يُحْرَمُ زميل له أقوى منه علمًا وأجود بحثًا لكنه لم يكن من المحظوظين إشرافًا ومناقشة؛ فمنح درجة أقل.