كاتب إسلامي يوضح البناء الفكري ومألات الأمور من قصص الكتاب والسنَّة

  • 38
الفتح - الكتاب والسنة

أشار محمد سعيد الشحات الكاتب والمفكر الإسلامي، إلى قول جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: "كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ (فضَرَب) رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ؟"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ المُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَوَقَدْ فَعَلُوا؟! وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَالَ النَّبِيُّ: "دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ. (متفق عليه)".

ولفت الكاتب والمفكر الإسلامي في مقال له نشرته الفتح، إلى الدروس المستفادة من قول جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، موضحًا أن المنافقونَ في المدينة كانوا يُظهِرون الإسلام، ويُبطِنون الكُفر، وأن الحكمةُ مِن عدم قتل النبيِّ صلى الله عليه وسلم للمنافقين: أنه خَشِيَ أن يقع بسبب ذلك، تنفيرٌ لكثيرٍ مِن الناس عن الدخول في الإسلام.

وأضاف الشحات أن حِلْمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصبره عَلَى بَعْض الْمَفَاسِد؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ أَعْظَم؛ بأن يُقال: "إِنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ".

وقال الشحات إن المفاسد الأقل: هي عدم قتل المنافقين والصبر على فجورهم، والمفسدة الأعظم: هي الخوف مِن تنفير الناس عن الدِّين، ولا يجوز الإقدام على فِعلِ شيء إلا بعد النَّظَر في عَوَاقبه ونتائجه.

وتابع : " فإذا كانت المصالح أكثر أقدَمَ على فعله وإذا كانت المفاسد أكثر أحجَمَ عن فعله.

واختتم الكاتب مقاله بقول الإمام الشاطبي: "لا يحكُمُ المُجتَهِدُ عَلَى فِعلٍ مِن الأفعَالِ بِالإقدَامِ أوْ بِالإحجَامِ؛ إلا بَعدَ نَظَرِهِ إلى مَا يَؤُولُ إليهِ ذَلِكَ الفِعلُ" (الموافقات).