انعدام الثقة يتجه بـ "السودان" إلى مصير قاتم.. وأبو الحسن: الشريعة الإسلامية نقطة اتفاق لملايين السودانيين

إصرار عسكري على تسليم السلطة لرئيس منتخب.. وقوى ثورية تقود السودان نحو الهاوية

  • 77
الفتح - مجلس السيادة الانتقالي السوداني

لازال الإقليم الذي يمتلك خيرات وثروات هائلة يعاني من أزمات كبيرة على عدة مستويات، ويصر أبناؤه على مواصلة حالة الفوضى والخلاف واستمرار النزيف السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذا منذ سقوط عمر البشير وحتى هذه اللحظات، فالحركات السياسية تصمم على الصدام وتقود جزءا من الشارع السوداني نحو اللاءات الثلاثة "لا للتفاوض لا للشراكة لا للشرعية" في ظل عدم إذعان مجلس السيادة السوداني للثوريين والمتظاهرين وتمسكه بتسليم السلطة لحكومة ورئيس منتخبين بعد انقضاء المرحلة الانتقالية.

وبزيادة الهوة بين الفريقين تقبع معاناة السودانيين في ظل أزمة غذائية واقتصادية حادة، وصباح الأربعاء الماضي، قرر مجلس السيادة السوداني إعفاء أعضائه المدنيين والبالغ عددهم 5 أعضاء، وهم "رجاء نيكولا، أبو القاسم برطم، سلمى عبد الجبار، جاد كريم وعبد الباقي عبد القادر"، وأعلن عبد الفتاح البرهان أن سبب الإعفاء التمهيد لأجواء الحوار بين القوى السودانية للوصول إلى توافق قبل الانتخابات.

وهذا رغم إعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، يوم الإثنين 4 يوليو إن القوات المسلحة قررت عدم المشاركة في الحوار الوطني بذريعة إفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وكان البرهان دعا القوى السياسية والثورية للانخراط في حوار فوري وجاد لإعادة البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي.

والشهور الماضية حاولت عدة دول والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية -إيجاد- جمع الفريقين على مائدة حوار واحدة إلَّا أن قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة هم من رفضوا الحوار مع القوات المسلحة أو مجلس السيادة السوداني، وبعد انطلاق جلسات الحوار الوطني، تقرر تأجيله لحين التوافق مع القوى السياسية.

وقال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلوا، إن الأوضاع التي يشهدها السودان قد تعصف بأمنه واستقراره وتهدد وجوده ووحدته، وأن الخلافات والتنافر والتنافس أوضاع غير مسبوقة نتيجة غياب الوطنية والإخلاص، داعيًا كل السودانيين إلى الجلوس في طاولة الحوار بعيدًا عن الأطماع الحزبية الضيقة.

وفي ذلك السياق، قال غريب أبو الحسن، عضو الهيئة العليا والمجلس الرئاسي لحزب النور، والباحث في علوم الإدارة والتخطيط، أنه لا تزال السودان منذ ثورتها الأخيرة والتي أطاحت بنظام البشير ومن ورائه تنظيم الإخوان تدور في حلقة مفرغة ومراوحة بالمكان، وعدم أخذ خطوات جادة بطريق الدولة المستقرة، مضيفًا أنه لا تمت انتخابات تفرز قوى حقيقية تمتلك قاعدة شعبية حقيقية ولا هدأت تلك القوى التي تسعى دائما لتثوير الشارع.

وأوضح عضو الهيئة العليا لحزب النور في تصريحات لـ"الفتح"، أنه ليس شرطًا أن يكون محركي الثورات قادرين على بناء الأوطان، وليس شرطًا أن يكون محركي الثورات يمتلكون قواعد شعبية حقيقية.

وأشار أبو الحسن إلى أن الناس قد تثور على الظلم وقد تبرز قوى يلمع نجمها بين الفراغات التي تحدثها الثورات، مضيفًا أنه كلما أرادت الدول أن تتجه نحو الاستقرار يخفت ذلك البريق حول تلك القوى الثورية.

وأكد الباحث في علم الإدارة، أن الشعوب التي تدرك الفرق بين التثوير والبناء تتعافى سريعًا لأنها تميز بين القيادات الحقيقية المؤتمنة على الأمن القومي للدول و بين قيادات اللحظة والحالة والتي تنظر دائمًا تحت قدمها وتتمحور حول اللحظة الراهنة أو المطالبات الجزئية أو ما يردد في هتافات الغاضبين.

واستطرد أبو الحسن أن الثورات تقوم وغالبًا لا تؤتي ثمارها بسبب ذلك النزاع بين القوى الثورية والتي في جزء كبير منها تريد أن تظل ثائرة فتتحول الثورة من مرحلة لهدف ومن وسيلة لغاية وبين القوى الحقيقية في المجتمعات التي تريد الحفاظ على نفوذها. 

ونوه أبو الحسن إلى أن المخرج في الحالة السودانية هو أن يجتمع السودانيين على ما يجمعهم من وحدة الدين واللغة والشريعة التي تصف الدواء الدقيق للخروج من الأزمات، مضيفًا أنه في أوقات الفتن والخلاف ينبغي أن يبحث الناس عن نقاط الاتفاق لتكون قواعد يبنى عليها استقرار الأوطان.

 وأضاف أبو الحسن أن الشريعة الإسلامية في السودان نقطة اتفاق لملايين السودانيين تذعن لها قلوبهم قبل رقابهم ، وقد وحدت الشريعة القبائل في جزيرة العرب تلك القبائل التي لم تعرف الوحدة قبل ذلك في أي من مراحل تاريخها وهي كفيلة بتوحيد القبائل السودانية فالشريعة لا تفرق بين عربي وزنجي ولا بين أبيض وأسود فالكل أمامها سواء.

وأكد على ضرورة أن تُفتح صفحة جديدة مع كل شرائح المجتمع السوداني وإعطاء فرصة للجميع لتصحيح أوضاعهم والإقلاع عن أخطائهم ، وترك التصنيفات الثورية التي تغيب عنها معايير العدل والإنصاف، كما ينبغي أن يصاغ دستور يعبر عن دين وقيم الشعب السوداني ويحقق المساواة والعدالة الاجتماعية ويحقق التآخي والوحدة

وأشار إلى ضرورة فتح الطريق لحل النزاعات القبلية والمناطقية والثارات التاريخية ، ويشعر الجميع انهم شركاء في ثروات البلاد وسلطاتها.

وشدد على أن حل القضية السودانية هو رسم خارطة طريق تتفق عليها قوى المجتمع الحقيقية وأطياف الشعب السوداني بعيدا عن الأحجام غير الحقيقية لكل من تدثر بثياب الثورة ، وكل من يحاول السطو على مقدرات الشعب السوداني من قوى خارجية وداخلية، وأن يدرك الجميع قدر المخاطر التي تحيط بالسودان تلك الدولة الغنية بقدراتها والتي يرزح شعبها تحت خط الفقر، وأن يدرك الجميع أن هذه الأوقات أوقات تضحية وصبر وتقديم المصالح العامة على الخاصة لدولة تعاني من الفقر والنزاع الداخلي والنزاع مع جارتها إثيوبيا وتحيط بها أطماع تركية وروسية في سواحلها الدافئة.

قال جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الخلاف وانعدام الثقة لن يفيد السودان وسيأخذ البلاد نحو منعطف من الفوضى ومزيد من الانهيار الاقتصادي وإطالة الفترة الانتقالية، مضيفًا أن القوى السياسية في السودان عليها أن تثق في بعضها وفي مجلس السيادة وأن يتفق الفريقين رؤية واضحة للانتهاء من الفترة الانتقالية والوصول للانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق في تصريحات لـ"الفتح"، أن قوى الحرية والتغيير يجب أن تجلس مع كافة القوى السياسية بالإضافة لمجلس السيادة في حوار شامل بين الأطراف السودانية للوصول لاتفاق بدلًا من استمرار النزيف الاجتماعي والاقتصادي بمواصلة التظاهرات.

وأكد بيومي أن أهداف المتظاهرين كثير منها هي نفس أهداف ما بعد سقوط القذافي، مضيفًا أنها لن تتحقق إلا في ظل حكومة ورئيس منتخب يقود البلاد، محذرًا من الأطماع والخلافات. 

وشدد بيومي على أنه لا يوجد حلول أمام السودانيين سوى الوفاق والنقاش الجاد لإنهاء المرحلة الانتقالية في أسرع وقت والتغاضي عن المصالح والمكاسب الشخصية، ناصحًا القوى السودانية ومنها مجلس السيادة بتقديم تنازلات للوصول لاتفاق.


 


  • كلمات دليلية
  • السودان
  • الدستور