الأزهر يواجه ظاهرة الانتحار بـ "أنت غالٍ علينا"

باحث: الماديات التي يقذفها الغرب سبب رئيس.. والمبادرة خطوة على الطريق الصحيح

  • 41
الفتح - أرشيفية

خافوا من مواجهة المشكلات أو عجزوا عن حلها، ورأوا أن الحل هو الهروب إلى الأبد؛ فقرروا إنهاء حياتهم بالإقدام على الانتحار، ذلك هو حال 700 ألف شخص هم عدد ضحايا الانتحار حول العالم سنويًا، الذي يروح ضحيته شخص واحد كل 40 ثانية، حسب الأرقام التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية.

الأزهر بصفته المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي، أدرك خطورة تلك الأرقام وخطورة تفشي الظاهرة؛ فدشن مبادرة تحت عنوان "أنت غالٍ علينا" بهدف تقديم الدعم النفسي للشباب ومساعدتهم في مواجهة مشكلات الحياة.

وحسب تصريحات المسؤولين عن المبادرة، تقدم الدعم للشباب من خلال ثلاث طرق هي الزيارات المنزلية، والمكالمات الهاتفية، وأخيرًا حضور الشخص بنفسه إلى مكان المبادرة بالأزهر، وقد خصصت المبادرة خطًا ساخنًا لتلقي اتصالات الشباب ورقمه 19906 .

من جهته، أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر، أن الانتحار جريمة شنعاء ويأس وهلع وقنوط من رحمة الله تبارك وتعالى، مؤكدًا أنه لا يجوز للإنسان أيا كان أن يقدم على هذه الجريمة الشنعاء، مستشهدا بقول الله تبارك وتعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

وأوضح الأطرش في تصريحات لـ "الفتح" أن الإنسان مؤتمن على حياته وعلى نفسه، وعليه أن يتقي الله في نفسه وأن يحافظ عليها، مشيرًا إلى أن أعضاء الإنسان ليست ملكًا له ولا يحق له أن يتصرف فيها بل إن حياته نفسها ليست ملكًا له مستشهدًا بقول الله تعالى: "لكل أجل كتاب".

وقال إن الإنسان حينما يقطع على نفسه الحياة سيخسر دنياه وأخراه، مشددًا على ضرورة أن يكون لدى الإنسان يقين بأن كل شيء بقضاء وقدرٍ. 

وأشار رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر إلى أن الإنسان في هذه الحياة الدنيا معرض للابتلاء، مستشهدًا بقول الله تبارك وتعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات"، موضحًا أن الإنسان في هذه الحياة عرضة للابتلاءات أيًا كان نوعها، وأنه يجب على الإنسان أن يتحمل هذه الابتلاءات ويصبر وأن الإنسان إذا ما صبر على ما هو فيه فإن الله سبحانه وتعالى سيعوضه خيرًا وسيفرحه وسيفرج همه وكربه.

بدوره، أشاد المهندس أحمد الشحات، الباحث في الشؤون السياسية، بالمبادرة، مؤكدًا أنها خطوة على الطريق الصحيح في معالجة أزمات المجتمع، وفي الاشتباك مع مشاكل الشباب. 

وأكد الشحات في تصريحات لـ "الفتح" أن الشباب خلال الفترة الأخيرة يعانون بشدة، موضحًا أنها نتيجة لتفشي المادية والمظاهر التي يقذفها إلينا من الغرب، ونتيجة للبعد عن الدين وتعقد الحياة وصعوبتها فضلا عن الظروف الاقتصادية الصعبة وغيرها من الأسباب التي جعلت النشء والشباب يصابون بضغوط كبيرة تفوق قدرتهم على التحمل، دون أن تكون هناك توعية ودون أن تكون لديهم القدرة على تحمل هذه الضغوطات.

أشار إلى أن المبادرة التي أطلقها الأزهر مهمة في التوعية والتحصين، كما هي مهمة في العلاج أيضا وفي مساعدة من يعاني مشكلة أو أزمة ما، ولا يستطيع أن يتعامل معها بمفرده.

ويرى الباحث في الشؤون السياسية أهمية التنبيه على أن مشكلة الانتحار على وجه التحديد ليست مشكلة دينية فقط، ولكنها في كثير من الأحيان تكون ناتجة عن مشكلة نفسية، موضحًا أن تقديم الوعظ الديني مجردًا ربما لا يفيد في بعض الحالات التي تعاني بالفعل مرضًا نفسيًا وتحتاج إلى دعم نفسي من طبيب.

واقترح الشحات أن تستعين المبادرة بأطباء نفسيين متخصصين، أو أن يحصل القائمون عليها على دورات متخصصة في طريقة التعامل مع المشكلات النفسية، كما يرى أهمية أن تُحال بعض المشكلات إلى طبيب نفسي مختص إذا وجدوا أن أصحاب هذه المشكلات يحتاجون إلى مراجعة طبيب نفسي. 

وبين الشحات أن مشكلات وأزمات العصر الذي نحياه، تجعل من الضروري أن واعظ اليوم في أي مكان يحتاج إلى أن يتمتع بعدد من المهارات وعلى رأسها معرفة قضايا الصحة النفسية ومبادئ الطب النفسي، موضحًا أن هذا لا يعني أن الواعظ سوف يمارس الطب بنفسه، ولكن حتى يكتشف المرض ويستطيع أن يميز المشكلة التي أمامه، ومعرفة هل هي مشكلة شرعية دينية نابعة من نقص الإيمان ومخالطة الذنوب والمعاصي، أم هي مشكلة نفسية تحتاج إلى تدخل طبي وليس فقط وعظ أو تذكير أو نصيحة.