الاعتداء على "طفلة أسيوط" يؤيد مطالب تعديل قانون الطفل

خبراء: مخالف للشرع وللواقع.. وباب لإفلات المجرمين من العقاب

  • 33
الفتح - أرشيفية

واقعة مؤسفة شهدتها محافظة أسيوط، هزت الرأي العام؛ إذ ارتكب طفل في عمر 13 عامًا يعمل في إحدى الملاهي جريمة التعدي على طفلة عمرها 5 سنوات، وأمرت النيابة العامة بإيداع الطفل المتهم بإحدى دور الرعاية، وندبت الطبيب الشرعي المختص لتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها بيانًا لما بها من إصابات، وكيفية حدوثها، وأمرت بحجز المدير المسئول عن المنشأة وقت الواقعة لحين ورود تحريات الشرطة.

وهذه الواقعة، أعادت للأذهان الأحداث المشابهة من جرائم البلطجة والقتل التي ارتكبها أشخاص هم أطفال في نظر القانون، وهو الأمر الذي دفع الكثيرين إلى المطالب بتعديل قانون الطفل والنزول بالسن حتى لا يكون هذا القانون بابًا لإفلات المجرمين من العقاب بدعوى أنهم أطفال.

بدوره، قال المهندس أحمد الشحات، الباحث في الشؤون السياسية، إن جرائم القتل والاغتصاب وغيرها من الأحداث المؤلمة والمؤسفة التي يشهدها المجتمع، وتطل علينا كل يوم برأسها تدل على أن قانون الطفل غير صالح للتطبيق، مؤكدًا أن هذا القانون بحاجة إلى مراجعة من قبل المختصين حتى لا يكون سببًا لإفلات البعض من العقاب.

وأكد الشحات في تصريحات لـ "الفتح" أن قانون الطفل غير صالح، ومصادم للشرع في تحديد سن البلوغ وتحديد التكليفات الشرعية بناء على البلوغ، موضحًا أن البلوغ ليس له سن معين بل يتفاوت من شخص لآخر.

ولفت إلى وجود اتفاق على أن البلوغ يكون بظهور العلامات التي تدل على البلوغ عند الشاب أو الفتاة أو بلوغ 15 عامًا، وبالتالي فقد يبلغ الشاب أو تبلغ الفتاة قبل خمسة عشر عامًا أو على أقصى تقدير خمسة عشر عامًا، وهو واقع لا يستطيع أحد إنكاره أو تغييره.

وجدد الشحات تأكيده على أن هذا الواقع لن يغيره القانون، فلن يغير أن الطفل صار مُكلفًا أمام ربه ومسؤولًا عن أفعاله في كل الأمور بالبلوغ، مشيرًا إلى أن قانون الطفل يُغفل الناحية الشرعية بل والواقعية أيضا.

وتابع: نشهد كل يوم حادثة تدل على فشل هذا القانون وعدم مواكبته للواقع فضلًا عن مصادرته للشرع، لأن هذا الطفل -في نظر القانون- قد يكون بالغًا شرعًا. 

وأشار الباحث السياسي إلى أن قانون الطفل غفل عن الانفتاح الذي يعيشه المجتمع في السنوات الأخيرة، والذى جعل من الأطفال أشخاصًا بالغين بمعنى أن الأطفال الآن ليسوا أطفالًا يتمتعون بالبراءة التي كانوا يسمونها قديمًا براءة الطفولة، وهو نتاج طبيعي لاطلاع هؤلاء الأطفال على مشاهد ومحتوى الإنترنت، وقد يكون هذا المحتوى صادمًا وجريئًا، بل قد يكون إباحيًا صريحًا وبالتالي يندفع الطفل إلى محاولة التجريب ومحاولة التقليد لما يراه. 

من جهته، يرى وائل سرحان الداعية الإسلامي، أن تكرار حوادث الاعتداء الجنسي وآخرها واقعة طفلة أسيوط يرجع إلى حصار وانحسار مساحات التدين في المجتمع سواء أكانت في المؤسسات الرسمية أو المجتمعية، مع فتح وانفتاح غير مسبوق للشهوات والقيم الغرببية الغريبة عن مجتمعنا، لافتًا إلى انحسار مساحات التوجيه الديني والقيمي والأخلاقي في المؤسسات الرسمية.

وأشار إلى أن مناهج وزارة التربية والتعليم التي تتولى تربية الناشئة من سن أربع سنوات لا تكاد تجد فيها القيم الدينية والخلقية والسلوكية، ولا حتى العادات المجتمعية أو الشرقية التي تعزز الانتماء الوطني العربي والإسلامي.

كما يرى سرحان في تصريحات لـ "الفتح" أن تكرار مثل هذه الحوادث هو نتيجة طبيعية لغياب دور المساجد المجتمعي، والتي صارت أشبه بمصلحة حكومية روتينية غاب دورها الاجتماعي ودورها التوجيهي الديني والقيمي والأخلاقي، علاوة على أن المؤسسات الثقافية لم يعد لها دور يذكر في المجتمع، بل كانت عاملًا سلبيًا في التوجيه.

وقال إن وسائل الإعلام بأنواعه المرئية -وهي أخطرها الآن- والمسموعة والمقروءة، لم تعد حتى نائحة مستأجرة، بل أصبحت خنجرًا يحز في جذع الأمة يومًا وراء يوم، وكانت هي رأس الحربة في إفساد أجيال متتابعة.

وسرد الداعية الإسلامي مجموعة أخرى من العوامل التي يراها سببًا في تكرار حوادث القتل والاغتصاب والبلطجة، وجاء من بينها حصار مساحات الدعاة الإصلاحيين الذين طالما كانوا صمام أمان ورمانة ميزان في المجتمع ضد موجات التغريب والانحلال والعربدة، فضلا عن دورهم المشهور في انحسار الفكر المتطرف، كما أن كثيرًا من هؤلاء الدعاة استسلموا لحالة الركود هذه وخفت أو غاب دورهم الاجتماعي الإصلاحي.

وبسؤاله عن نصائحه لأولياء الأمور من أجل الحفاظ على النشء والأبناء، قال سرحان: من الأهمية أن يقوم الأهل بأنفسهم على تربية أبنائهم وتوجيههم وألا يتركوهم نهبًا لمن يربيهم على الفجور والعقوق والجحود والانحلال والانحراف على اختلاف أنواعهم ومسمياتهم، مشددًا على أولياء الأمور أن يعلموا أولادهم تعاليم شريعة اللطيف الخبير.

كما شدد الداعية الإسلامي على الأهل أن يربوا أبناءهم على مواجهة التغريب والعلمانية، فلنتصور ماذا سيكون حال المجتمع لو تسلط عليه العلمانيون، بنزقهم وانفتاحهم على المحرمات، ومحاربتهم للقيم الدينية المجتمعية التي كانت متأصلة في أجيال سبقت، مؤكدًا أن هؤلاء أعداء مصر والمصريين والعرب والمسلمين، فولاؤهم لغير أوطانهم، ولا يخضعون ولا يسمعون إلا صدى جيوبهم وبطونهم وفروجهم.