تدريس العلوم والرياضيات بـ "الإنجليزية" مرفوض

خبراء: قرار غير مدروس.. ويأتي على حساب جودة التعليم

  • 49
الفتح - أرشيفية

في قرار يراه البعض خطوة نحو التغريب، وهزيمة أمام لغات الغرب، أعلن وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، نية الوزارة تدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية، موضحًا أن ذلك الأمر سينطبق على طلاب التعليم الأساسي بدءًا من الصف الأول الإعدادي، لكنه تراجع مؤخرًا وأشار إلى الاكتفاء بتدريس المصطلحات والرموز فقط بالإنجليزية.

تصريحات وزير التربية والتعليم، لم تلقَ استحسانًا لدى الكثير، لاسيما أن المؤسسات المعنية بالتربية، كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم، أكدت في أبحاثها ودراساتها أهمية أن يكون التدريس باللغة الأم، مؤكدة أن ذلك من شأنه جودة التعليم وتحسين نتائج التعلم والأداء الأكاديمي.

بدوره، أعرب المهندس أحمد الشحات، الباحث في الشؤون السياسية، عن رفضه لتصريحات وزير التربية والتعليم، مؤكدًا أن القرار غير مدروس، موضحًا أن الوزارة لم تناقش مدى استعداد الطلاب لمثل هذه الخطوة، كما لم تدرس مدى استعداد المنظومة التعليمية وإمكانياتها للقيام بهذا الأمر.

كما يرى الشحات في تصريحات لـ "الفتح" أن الوزارة لم تدرس تأثر المنظومة التعليمية والطلاب بالتدريس باللغة الإنجليزية، خاصة على المواد التي تحتاج إلى الشرح بنوع من الاستفاضة كمادتي العلوم والرياضيات، مستشهدًا بما يحدث في المدارس الأجنبية التي تشتكي أن تدريس مادة العلوم بالإنجليزية وبهذا النظام الذي اختاروه طواعية؛ يأتي على حساب جودة المادة مما يَحول دون قدرة الطلاب على الاستيعاب الكامل للمادة، نظرا لأن التركيبات الإنجليزية في مادة العلوم تكون صعبة؛ مما يؤدي إلى توجيه الجهد الأكبر من الدراسة إلى محاولة تفكيك النص وفهمه، ومن ثم يضيع الغرض الرئيسي من المادة وهو فهم مضمون المادة ذاته.

وقال الشحات إن هناك شكاوى من صعوبة هذه المواد بعد التعديلات الجديدة التي أدخلت على المناهج، موضحًا أن الشكوى من هذه المواد هي كثيرة ومتعددة رغم أن تدريسها ما زال باللغة العربية، فما بالكم عندما يتم تدريسها أو تحويلها إلى الإنجليزية؟!.

وأوضح الباحث في الشؤون السياسية أن تدريس المواد باللغة الإنجليزية لن يؤثر على اهتمام الطالب وفهمه باللغة العربية، لكنه سيضر بإتقان الطالب وفهمه للمواد التي يجب أن يكون فيها شرح مستفيض من المدرس، وللمواد التي يحتاج الطالب فيها إلى الكتابة والتعبير وشرح تفاصيل المسائل والموضوعات الموجودة في كل مادة من هذه المواد، مؤكدًا أن من الضرر البالغ تدريس مثل هذه المواد بلغة غير العربية.

وجدد الشحات تأكيده على أن قرار تدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية غير مفهوم، ولا نعلم لماذا يتم اتخاذ قرار مثل هذا، متسائلا: هل هذا هو التطوير الذي يراه وزير التربية والتعليم؟، هل تدريس المادة باللغة الإنجليزية هو التطوير؟ أم أن الوزير لديه رؤية لا ندري عنها.

وناشد الشحات كل مخلص وخبير بأن يدرسوا قرار الوزير دراسة نقدية وموضوعية، ثم يتقدم بنصائحه من خلال الوسائل المباشرة المتاحة للوزارة من أجل إعادة النظر في هذا القرار والتراجع عنه، خاصة أن هذا القرار له أضرار جسيمة على العملية التعليمية ككل.

فيما أشار الدكتور وائل سمير، عضو حزب النور، إلى أن تراجع وزير التربية والتعليم عن قرار تدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية أمر جيد، منوهًا بأن الوزير وضّح أن المقصود هو توحيد المصطلحات أو الرموز التعليمية المستخدمة في المواد باللغة العربية كالمواد باللغة الإنجليزية.

ويرى سمير في تصريحات لـ "الفتح" أن الوزير قد يكون اتخذ هذا القرار من أجل تأهيل الطلاب للتعليم الجامعي، لا سيما مع كثرة المراجع التي باللغة الإنجليزية في التعليم الجامعي وبعض الكليات التي يحتاج الطلاب كي يدخلوها إلى دراسة العلوم والرياضيات.

ووصف سمير قرار وزير التربية والتعليم -أيًا كانت أسبابه- بأنه خطوة من خطوات التغريب الممتد من بداية إضعاف اللغة العربية، وعدم تعلق العرب والمسلمين بها مع أنها لغة القرآن الكريم.

وفي نفس السياق، استنكر الدكتور محمد سعد الأزهري، الخبير الأسري والتربوي، قرارات الوزير بشأن هذا الأمر، مؤكدًا أن تدريس المواد بلغة غير العربية هو أخطر من احتلال الجيوش لبلادنا.

وأبدى الأزهري تعجبه من قرار وزير التربية والتعليم، ومن الدونية التي يتم التعامل بها مع اللغة العربية رغم أنها لغة القرآن وأكثر اللغات اتساعًا في مفرداتها لأي مصطلح كان، مؤكدًا أن قرار التدريس بغير العربية يعيد للأذهان عصر الاحتلال، لكنه احتلال للرؤوس لا للأرض.

وناشد الأزهري الدولة والمؤسسات المعنية كمجلسي الشيوخ والنواب وغيرهما من المجالس المتخصصة، بالعمل على إلغاء القرار، مؤكدًا أن "هذه القرارات أخطر من احتلال الجيوش لبلادنا، لأن الجيوش لا تستطيع أن تغيّر الهوية كما يغيره التعليم".