• الرئيسية
  • الأخبار
  • صورة مستوردة غريبة عن المجتمع.. داعية: عبارة التدين المصري التي يقصدها العلمانيين مختلقة ومرفوضة

صورة مستوردة غريبة عن المجتمع.. داعية: عبارة التدين المصري التي يقصدها العلمانيين مختلقة ومرفوضة

  • 47
الفتح - العلمانبة وثمارها الخبيثة

قال أحمد شهاب الكاتب والداعية الإسلامي، إن اسْتَخْدَم عبارة: "التديُّن المصري" يعد تخييل صورة غير حقيقية وافتراض غريب جدًّا ليس له أساس عن وجود نمط مخصوص من التدين للمصريين، مضيفًا ان اعتبار ذلك أصلًا يتم الانطلاق منه إلى اتهام المخالف بأنه يخالف نمط تدين المصريين مرفوض!

وأوضح الداعية الإسلامي في مقال له نشرته الفتح، أن عددًا مِن مُدعي القومية والوطنية -فضلًا عن العلمانيين والليبراليين وغيرهم- يدَّعون وجود صورة نمطية معينة للتدين المصري، ويزعمون أن هذه الصورة هي الصورة المثلى للتدين أو الصورة المقبولة ويصفون هذا التدين بأنه التدين الحقيقي ويعتبرون أي شيء آخر غير ذلك النمط -المختلق- هو صورة مستوردة غريبة عن المجتمع المصري، بحيث يتم تبشيع تلك الصورة والتشنيع عليها!

وتابع الكاتب: "ثم تأتي مرحلة تكرار هذه الفكرة والدفاع عنها، بل يتجاوز البعض هذا الأمر وكأنه مُسلَّم به إلى ذكر خصائص لهذا التدين، بل وذكر مزايا وأنه تدين أكثر عمقًا وأصالة، وحكمة ونضجًا، إلخ من هذا الكلام المستهلك المعتاد سماعه".

ونبَّه الكاتب في تلك المسألة على عِدَّة أمور كالآتي:

1- لا أحد يختلف أن لكلِّ شعب طبيعته وخصائصه، وقد تحدث ابن خلدون في مقدمته الشهيرة عن علاقة الإنسان ببيئته، وأثر المناخ في طبائع الشعوب، وتأثير الهواء على ألوان البشر وأبدانهم، فذكر ابن خلدون أن للبيئة الطبيعية أثرًا في تكوين الصفات النفسية للشعوب، وإكسابها طبائعها وخصائصها، فالأمم تختلف في ألوانها ونشاطها وشجاعتها، وكثرة عددها أو قِلَّتها، وفيما فطرت عليه من الطبائع باختلاف مساكنها من وجه الأرض بين جبلٍ وسهلٍ، أو في منطقة باردة أو حارة أو معتدلة، أو في بقعة خصبة أو قاحلة، وهذا بشكل تلقائي سيؤثِّر على تطبيقاته وتعامله مع الأحكام.

2- أيضًا لا أحد يختلف أن الواقع نفسه يفرض بعض التغييرات أو الترجيحات المتعلقة بتحقيق المناط وتنزيل الأحكام الشرعية على الواقع الخاص، وهذا في الحقيقة هو من الشريعة وليس خاصًّا بشعب معين، وإنما لكل الأمم خصائصها وواقعها الذي يحتاج إلى تنزيل الأحكام الشرعية عليها بشيء من الفقه والحكمة.

3- وإن كان لهذه الخصائص تأثيرًا على تطبيقات الأحكام؛ فهي غير مؤثرة في الحكم نفسه ولا التشريع ذاته -فهو التشريع الخاتم الكامل الصالح لكل زمان ومكان-، وإنما تؤثِّر تلك الخصائص في تحقيق المناط وتنزيل الأحكام على أرض الواقع، فالشريعة قد كملت، "وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا"، وقد قال العليم الحكيم الخبير "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"؛ فلا يمكن أن يزاد فيها ولا ينقص، ولا يمكن أن تُجعل الشريعة مرتعًا لكلِّ متلاعب يضيف لها ويحذف منها حتى تتحول إلى أديان مختلفة لكل شعب نسخته الخاصة، ويتم فرض تلك النسخة الخاصة على الناس!

4- إذا تجاوزنا كل ذلك؛ فعن أي صورة من التدين المصري تتحدثون؟! هل تدين المصريين في عهد الفاتحين الأوائل مِن السلف الصالح فمَن بعدهم مِن الأجيال المسلمة من المصريين كان تدينا مصريًا أم أن المصريين وقتها ليسوا بمصريين في نظركم؟!

وتساءل شهاب: وماذا عنه في عهد الدول الإسلامية المتعاقبة؟! وماذا قبل 100 سنة من الآن؟، مضيفًا أم يقتصر التدين المصري في نظر البعض على حقبة قصيرة منذ عشرينيات إلى سبعينيات القرن الماضي؟! فهل هي صورة النساء غير المحجبات تمامًا في عهد عبد الناصر وما بعد سعد زغلول؟ هل هي صورة السبعينيات أم صورة الثمانينيات أم الصورة الموجودة الآن وهل هذه الصورة المدعاة الآن هي نفس الصورة الموجودة منذ الفتح الإسلامي على يد عمرو بن العاص والصحابة الكرام مرورًا بقرون طويلة جدًّا؟!

وأشار شهاب إلى أنه في الحقيقة نظرة بسيطة جدًّا في تاريخ الواقع المصري منذ قرن أو قرنين فقط؛ تجعلك تدرك أن البون شاسعًا تمامًا؛ فما تلك الصورة النمطية للتدين المصري إذًا -والذي يتم استدعاؤها دائما في النقاشات في مصادرة على المطلوب واحتجاج بالأكثرية، وتعميم متسرع، ومغالطة الاحتكام إلى الشعبية، إلى غير ذلك من المغالطات-؟!

وشدد الكاتب على أن ما يتم الحديث عنه من تحديد صورة معينة للتدين المصري؛ هي في الحقيقة ليست هي صورة التدين المصري، وإنما الصورة الحالية التي يتم فرضها هي حالة خاصة من محاولات الدمج أو التوسط بين أشياء من المبادئ الليبرالية والعلمانية التي يتم فرضها على المجتمعات في النظام العالمي القائم، مع أشياء من تأثيرات الاحتلال والذي جثم مددًا طويلة على شعوب المنطقة، مع قدر كبير وقوي وراسخ من تمسك الشعب المصري بدينه وتعظيم الشريعة وتعظيم القرآن، إلخ.