الأويغور.. شعب مسلم يتعرض للإبادة والقتل بسبب هويته

باحث: تحولت منطقتهم إلى معسكرات لإعادة تشكيل العقول.. ومحرومون من أبسط حقوقهم

  • 135
الفتح - د. محمد صفر باحث في شؤون الأقليات المسلمة



تطالعنا مختلف الوسائل الإعلامية منذ أيام بما يتعرض له إقليم "شينجيانج" (كردستان) من مضايقات وموت ممنهج بزعم الحجر الصحي ومنع فيروس "كورونا" من الانتشار، لكن الواقع غير ذلك، حيث تمارس السلطات الصينية حربًا لا هوادة فيها على هوية شعب مسلم من إجل تغيير هويته أو إبادته، وقد اتهمت منظمات حقوقية السلطات الصينية بقتل الكثير من مسلمي الأيغور بعدما أغلقت منازلهم عليهم دون طعام أو دواء!

وقد صدر تقرير الأسبوع الماضي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يدين فيه الصين بسبب سياساتها ضد هذا الشعب، وبالطبع لا تكف أمريكا عن الاصطياد في الماء العكر وتصفية الحسابات مع خصومها؛ حيث عمدت إلى استغلال ذاك التقرير كورقة ضغط إعلامية تنتقد من خلالها بكِّين؛ فقالت كارين جان بيير –المتحدثة الإعلامية باسم البيت الأبيض- إن بلادها تؤيد هذا التقرير وترحب به، وتدعو الصين إلى التوقف الفوري عن ارتكاب هذه الأعمال الوحشية!

احتلالٌ صيني

في هذا الصدد، قال د. محمد صفر، باحث في شؤون الحركات الإسلامية ومدير مركز دراسات الأقليات المسلمة، إن الوضع في الصين بخصوص هذه الأقلية –مع كل أسف- لا يتفق حتى مع أي من المواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حماية حقوق الأقليات، حتى إذا افترضنا من الأساس أنهم يستحقون معاملة الأقليات باعتبارهم أقلية بالفعل، لكنهم في حقيقة الأمر أصحاب دولة يريدون استعادتها من الصين المحتلة، لدرجة أنهم محرومون من أبسط حقوق المواطنة؛ فالقوانين الدولية تنص على حق الأقلية في إظهار شعائرها الدينية والحفاظ على هويتها وثقافتها ولغتها ومباشرة التعليم وممارسة الإعلام، فضلًا عن الحقوق الدستورية والقانونية، فالوضع في غاية السوء، هذا إذا نظرنا لهم من منظور الأقليات، والإشكالية تتمثل في كل المناحي الحياتية الدينية والتعليمية والثقافية واللغة والهوية والمستقبل، بجانب فقدان أراضيهم بالطبع.

وأضاف "صفر" لـ"الفتح" أن المشكلة الكبرى حاليًّا ليست فقط في التجويع الممنهج، فلو اقتصر الأمر على ذلك لصار الخطب هينًا نوعًا ما، لكن الحكومة الصينية تعمل على تحويل دولة كردستان –إقليم شينجيانج- إلى معسكر كبير فاقد لهويته الدينية والتاريخية عبر برامج مخططة من أجل تغيير هويتهم بزعم برامج إعادة التأهيل، إنما هي عبارة عن معسكرات لإعادة تشكيل عقول النشء منهم؛ والخطورة بحق تكمن في تلك الجزئية لتغيير ديمغرافية هذه المنطقة بالكامل وإسكان الصينيين فيها، ومن لم يتمكنوا من تغيير هويتهم يقضون عليهم بالقتل.

وأردف: أما بخصوص مرافق الحجر الصحي لفيروس "كوفيد 19"، فبكين لا تقدم خدمات إنما تريد السيطرة على مرافق تلك المنطقة؛ وبِناءً عليه يتم حرمان سكانها من أبسط حقوقهم المعيشية تحت دعوى محاربة هذا الفيروس؛ لذلك فهي لا توفر لهؤلاء المواطنين حجرًا صحيًّا فعليًّا لكنها حولتها لمنطقة موبوءة ليمت سكانها وليس لمحاربة انتشار هذا المرض خارج الإقليم.

ردعُ بكِّين

وأشار الباحث في شؤون الأقليات المسلمة أن المجتمع الدولي يُنتظر منه الكثير؛ فلديه المؤسسات الحقوقية ومؤسسات الرصد التي تتابع أحوال الأقليات على مستوى العالم وما يتعرضون له من انتهاكات ومضايقات وحرمان من حقوقهم، ويمكنها تقديم الكثير من خلال كتابة التقارير والحديث عنها في المحافل الدولية وإجراء المحاكمات للمتهمين بارتكاب الإبادة الجماعية، وصحيح فقد صدرت إدانات لبعض الدول لكنها غير كافية لتحجيم الصين وردعها عما ترتكبه من جرائم ضد هذا الشعب.

وتابع: أما بخصوص الدول العربية والإسلامية فالواجب أكبر؛ فالمسألة بالنسبة لهم ليست إنسانية فحسب، بل تندرج تحت بنود الأخوة الدينية والإسلامية؛ فمنتظر من هذه الدول الكثير لكن –مع كل أسف- حتى حينما أُدينت الصين قبل سنوات كانت هناك بعض الدول الإسلامية تقف معها بسبب المصالح الاقتصادية معها، بجانب الضغوطات التي تمارسها بكِّين على الكثير من الدول الإسلامية.

وختم تصريحه بأن تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بهذا الخصوص -مع كل أسف- لم تصدر حتى أدنى المستويات المتوقَّعة منه؛ وهذا معناه أن الصغوطات الصينية تنجح حتى على المؤسسات الدولية، ولا يزال النفوذ الصيني قويًّا وتأثيره نافذًا على العديد من الدول داخل المنظومة العالمية؛ ولذلك لا بد من التفكير في وسائل أخرى خارج هذا النمط المعروف بالمواءمات الدولية التي ترضخ للضغوطات.

ومنذ نحو شهر ونص تفرض الصين الإقامة الجبرية على شعب الأويغور بحجة مكافحة فيروس "كورونا"، وتمنع عنهم وصول الخدمات الصحية والغذائية؛ وبسبب ذلك انتشرت العديد من الصور ومقاطع الفيديو على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تظهر أطفالًا صغارًا ماتوا جوعًا داخل منازلهم التي صارت أشبه بمعسكرات التعذيب. وفي مدينة "تولغا" بتركستان الشرقية اندلعت احتجاجات للسكان من "الأيغور" طالبوا خلالها بمحاسبة حكومة بكِّين على جرائمها بحقهم.