حالة ترقب بين موسكو وأوروبا بأزمة الطاقة قبل حلول الشتاء

العدد الورقي

  • 31
الفتح - أزمة الطاقة

باحثون: الكل يراهن على الزمن والصبر الاستراتيجي.. والمصالح تحسم الصراع

كتب- شريف ربيع

مضى نحو تسعة أشهر منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ولا يزال العالم أجمع يعاني من تبعات وويلات تلك الحرب التي هي في حقيقتها صراع غربي روسي مقنَّع، وتطالعنا وسائل الإعلام كل يوم بجديد؛ فمنذ أيام صادرت ألمانيا ثلاثة مصاف بترولية داخل أراضيها تابعة لشركة "روسنفت" الروسية، كنوع من ضمان إمدادات الغاز لا سيما مع دخول فصل الشتاء والحاجة الماسة إلى التدفئة.

وتسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد بدائل للغاز الروسي؛ واقترحت "أورسولا فون دير لاين" رئيسة المفوضية الأوروبية خطة تضمن إصلاح سوق الطاقة في دول الاتحاد وتوفر مساعدات تصل لنحو 140 مليار يورو لدعم الأوروبيين في تلك الأزمة.

في هذا الصدد، قال غريب أبو الحسن، الباحث في العلوم السياسية والإدارية، إن أوروبا تعاني أزمة طاقة غير مسبوقة فهي تعتمد كثيرًا على تدفق الغاز الروسي رخيص الثمن مقارنة بالغاز الأمريكي، وتستخدم روسيا ورقة الغاز لترد على الدعم الأوروبي لعدوها الأوكراني، ورغم أن خزانات الوقود الأوروبي ممتلئة لكنها لا تحتمل إلا المزيد من التدفق من الغاز الروسي، مضيفًا أن موسكو ‏لم تقطع الغاز بصورة كاملة حتى الآن وإن كانت تلوح بذلك، وليس من مصلحة روسيا قطع تدفق الغاز عن أوروبا؛ لأن حصيلة بيع الغاز الروسي هذا العام بلغت ٢٨٠ مليار دولار، ولكن ما تريده موسكو هو قطع الأطماع الغربية نحو ضم أوكرانيا لحلف "الناتو"، فلا ترغب روسيا بأن ترى الأسلحة الغربية منصوبة على حدودها.

وختم تصريحه بأن ‏لروسيا مصافي نفط في ألمانيا تستقبل النفط الروسي وتسد حوالي 12% من احتياجات الطاقة الألمانية، لكن مع نهاية العام ستشمل العقوبات الأوروبية منع دخول النفط الروسي الأراضي الألمانية؛ مما يعني توقف تلك المصافي عن العمل وتأزم أكبر في تدفقات الطاقة للمصانع الألمانية وتشرد آلاف العمال في تلك المصافي؛ لذلك بادرت الحكومة الألمانية لمصادرة هذه المصافي والاستعداد لضح مليار يورو فيها والعمل على توفير بترول من دول أخرى غير روسيا مثل شمال إفريقيا أو الخليج العربي؛ لتضمن برلين استمرار هذه المصافي في العمل؛ فلن تتحمل ألمانيا تعثرًا في المواد البترولية مع تعثر تدفق الغاز الروسي بجانب إضرابات العمال بتلك المصافي، ويترقب المسئولون رد الفعل الروسي حول تلك الخطوة التصعيدية الألمانية، ومن المتوقع أن تصدر الشركة المالكة "روسنفت" بيانًا حول مصادرة ألمانيا للمصافي التابعة لها.

ومن جهته، قال المهندس أحمد الشحات، الباحث في العلوم السياسية، إن الأزمة الروسية الغربية التي اتخذت من الحرب الروسية الأوكرانية ستارًا لها دخلت في نطاق تصعيدي لم يكن متوقعًا له في بداية الحرب؛ فالأمر صار أشبه بحركة عض الأصابع والكل يراهن على الزمن والصبر الاستراتيجي، فموسكو تراهن على أن الغرب لن يظل داعمًا للقضية الأوكرانية لفترة طويلة، علاوة على أنهم لن يتحملوا دفع ضريبة ذاك الصراع لفترة طويلة خاصة أننا مقبلون على فصل الشتاء وتدفئة أوروبا لها الأولوية القصوى في ذلك.

وتابع: لا أحد –حتى الآن- يملك إجابة محددة ودقيقة وواضحة عما ستؤول إليه الأمور، موسكو تهدد دائمًا أن التصعيد سوف يؤدي إلى حرب نووية، والطرف الآخر يخشى كذلك من هذا الجنون الروسي وإن كانت تضعه في حسبان معين.

وختم تصريحه أن الأمور ربما تؤدي إلى الضغط على روسيا للجلوس على مائدة المفاوضات وإنهاء الحرب، أو تتفاقم الأمور إلى حد الجنون واستخدام السلاح النووي؛ فالحلول البينية أصبحت مفتقدة لأن أوكرانيا الآن وضعها السياسي والعسكري أفضل من أن ترضى بهزيمة مذلة، وبالنسبة لموسكو فلن ترضى بالخروج من تلك الحرب الطويلة دون تحقيق ما تريد أو على الأقل شيء مما تريد؛ فالحسابات أضحت الآن معقدة وكل طرف لن يخرج بسهولة وستسفر الأيام المقبلة عما تسير إليه الأمور.