برلمان العراق يعود للانعقاد.. وتحالف أغلبية جديد يقوده الإطار التنسيقي

العدد الورقي

  • 37
الفتح - البرلمان العراقي

تخوفات من عودة الاحتجاجات.. والكاظمي يرفض تجاهل التيار الصدري

تقرير – محمد عبادي

انعقد البرلمان العراقي للمرة الأولى منذ أحداث العنف الدامية التي شهدتها البلاد يوم 29 أغسطس والاعتصام الذي أقامه مناصرو مقتدى الصدر لفترة وجيزة في محيط المجلس قبل شهرين.

وصوت المجلس بالرفض على استقالة رئيس المجلس محمد الحلبوسي، الحليف الكبير للتيار الصدري واللاعب السياسي البارز، ومنحه إعادة الثقة على خلفية المساومات السياسية وراء الكواليس.

وكان الحلبوسي أكد في الوقت عينه حينها على أهمية إجراء انتخابات مبكرة، بعد تهيئة المتطلبات القانونية، يسبقها تشكيل حكومة تتمتع بكامل الصلاحية.

وانعقد البرلمان آخر مرة في 23 يوليو، وبعد أيام قليلة من ذلك، اقتحم أنصار الصدر مجلس النواب قبل أن يعتصموا لمدة شهر في حدائقه.

صفقة متعثرة

في سياق آخر، اقترب الإطار التنسيقي في العراق من إعلان تحالف جديد باسم "إدارة الدولة" يتولى تشكيل الحكومة، ويشير مراقبون إلى خلافات في الكواليس تؤجل ولادة هذا التحالف، بسبب التخوفات من ردة فعل التيار الصدري، خشية اندلاع احتجاجات في الشارع العراقي، يعقبها عنف مسلح، ويتوقع مراقبون أن يكون العامل الحاسم كيفية استجابة التيار الصدري وحراك تشرين لهذه المحاولة الجديدة لتشكيل الحكومة.

ومن المفترض أن يضم الائتلاف الجديد كلاً من قوى الإطار التنسيقي الشيعي وتحالفي السيادة وعزم السُّنييْن، والحزبين الكرديين "الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني" الذي يضم نحو 273 نائباً من مجموع نواب البرلمان العراقي، فيما استثنى الائتلاف الجديد التيار الصدري الذي لم يعد له تمثيل برلماني بعد سحب نواب كتلته البالغ عددهم 73 نائبًا.

وتشير مصادر مقربة من الإطار التنسيقي الشيعي أن جملة الاعتراضات تتلخص في الخلاف بين قادة الإطار ونوري المالكي قائد ائتلاف دولة القانون الرافض للانتظار حتى يتم التوافق مع مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، وكذلك إصرار البعض على تشكيل حكومة من المستقلين، وألا يحتكر طرف دون طرف تشكيل الحكومة، ومن أهم الاعتراضات هو الإصرار على سحب ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، لأن ذلك الترشيح يفاقم من الغضب الشعبي ويرفع من احتمالات رد فعل غير محسوب من الصدر.

لا حكومة بدون الصدر

كما أكد رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي، أن أي حكومة جديدة في البلاد تستبعد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر لم يكتب لها النجاح وستواجه عراقيل عدة، بل قد تفجر موجة عارمة من الاحتجاجات، مؤكدًا أن البلاد تحتاج إلى أن تنأى بنفسها عن ماضٍ مملوء بالعنف، مضيفًا أن الطبقة السياسية في العراق تواجه أزمة ثقة مع الجمهور.

وأفاد مرتضى جودا القيادي بتيار الحكمة، في تغريدة على حسابه في تويتر، أن ورقة الاتفاق النهائي حُسمت، ووقع عليها قادة الإطار والكُرد وتحالف السيادة، بعد جولات تفاوضية متعددة، لم يحضر فيها ممثل عن الصدر، مشيرًا إلى أن أهم ما جاء في تلك الورقة أو الاتفاق "حفظ التوازن والشراكة والتوافق"

من جهتها قالت د. حنان عبداللطيف، المحللة السياسية العراقية، يبدو أنه تم الاتفاق على أهم ملامح السيناريو الجديد من حيث إعادة الانتخابات مع ضمان فوز الحلبوسي في الانتخابات المقبلة، متشككة في مرور هذا السيناريو الذي هندسه خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الشيعي.

حكومة برئاسة الكاظمي

من جهته قال د. يحيى الكبيسي، المحلل السياسي العراقي، إن البلاد تقف أمام صراع شيعي - شيعي لم يقف عند حدود السياسة، خاصة بعد استقالة أعضاء التيار الصدري من مجلس النواب واستخدامهم الشارع في هذا الصراع، بل وصل إلى المواجهة المسلحة المحدودة والتي تم احتواؤها سريعا، وقد أضافت متغيرًا جديدًا إلى المقدمات التي انتجت تلك المواجهة المسلحة من الأصل.

وأشار إلى أن هذه الأزمة كشفت أن إيران لم تعد هي المظلة التي تحوي جميع القوى السياسية الشيعية، كما كان عليه الأمر دائما، بل تحولت إلى طرف في الأزمة القائمة، ورغم إعلانها موقفًا صريحًا في الأسابيع الأخيرة، يتبنى موقف الإطار التنسيقي بشكل كامل ودون مواربة، لكن الواضح أيضا أنه ليس من مصلحة طهران وصول الطرفين إلى صراع شيعي - شيعي يمكن أن يهدد مصالحها الاستراتيجية في العراق بشكل أو بآخر.

وشدد المحلل السياسي العراقي على أن الصدريين لن يسمحوا، تحت أي ظرف، بتمرير حكومة يهيمن عليها الإطار التنسيقي، خشية تحجيم أو استئصال التيار بالكامل، لافتًا أن التيار الصدري من الممكن أن يقبل بحكومة جديدة يرأسها الكاظمي تضمن لهم مصالحهم، وربما هيمنتهم على بعض مفاصلها.

شلل تام

يشهد العراق منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر 2021، شللًا سياسيًا تامًا، تأزم أكثر منذ يوليو 2022 مع نزول طرفي الخلاف الأبرز إلى الشارع واعتصامهم وسط بغداد.

ودخلت الخلافات بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري إلى نفق مظلم، بعد مطالبة التيار الصدري بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات في ظل رفض خصومه هذا التوجه، وإصرارهم على تشكيل حكومة بمرشحهم قبل أي انتخابات جديدة.

وتطورت الأوضاع في أواخر الشهر الماضي إلى اشتباكات عنيفة بين الطرفين في وسط بغداد، أدت إلى مقتل 30 شخصاً، وفتحت الأبواب على احتمال عودة التصعيد بشكل خطير.