بَيْتِي مَمْلَكَتِي

ا نجلاء جبروني

  • 109

كنتُ أستيقظ في الصباح فأرى أمِّي تجهِّز لنا طعامَ الفطور، كنتُ أرى السعادة تملأ وجهها وهي تعدُّ لأبِّي أغراضَه قبل أن يخرج.

ألعبُ تحتَ قدميها وأنا أستنشق عبير تلك الأثواب التي تَنْشُرُها.

أعودُ من المدرسة فأسمع آيات القرآن تملأ أرجاء البيت،أدركُ ساعتَها أن أمِّي الآن في المطبخ تطبخُ طعام الغداءوقد أدارت مؤشر الرَّاديو على إذاعة القرآن الكريم، كانت الأيام  جميلة، البيوت  عامرة، والحياة هادئة، و الأسر سعيدة، وهكذا صرتُ أنا في مملكتي، مثلما كانت أمي.

وأي عاقل يقولُ غير ذلك، فما بال هؤلاء يريدون أن يُخرجوا الملكة من مملكتِها الحقيقية؟، ما بالهم يهدمون القيم التي ترَبَّيْنَا عليها، ويُكثِرون الجدل حول هذه الثوابت التي أتى بها الشرع وأقرَّها العُرف، وسارت عليها حياة البشر منذ قديم الزمن، وبها تحقق استمرار الأسر واستقرار المجتمع.

ولماذا تخرج علينا بين الحين والآخر هذه الفتاوى حول مسألة خدمة المرأة لزوجها وبيتها؟ أليست الحياة الزوجية تقوم على العشرة بالمعروف؟ وخدمة المرأة زوجها من المعروف.

قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾، وفي الصحيحين: أن فاطمة -رضي الله عنها- أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى،وتسأله خادماً فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها، فلما جاء قَالَ: «ألا أدلكما عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَاأَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِم.

وهذه أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، تقول:"تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ، وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ (أي ناقة يُستقى عليها) وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَعْجِنُ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْر، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ"، إلى أن قَالَتْ:حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَالفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي"وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌعَنْهُمْ" أي تحفظ متاعه، وعليها صيانة ما يحوي بيته،وتدبير نفقته، وترتيب معاشه، وتربية أولاده.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْسِلُ الجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" يعني أثر الجنابة" وهذا يدل على خدمة المرأة زوجها في غسل ثيابه، ونحوه.

فخدمة المرأة زوجها والقيام على شئون بيتها من العمل الصالح الذي تُثاب عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها، صامَت شهرَها، وحصَّنَتْ فرجَها،وأطاعَت زوجَها، قيلَ لها: ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِشِئتِ"

فيا أختي الكريمة لا تفرِّطي في بيتك فهو مملكتك الحقيقية،ولا تغْترِّي بالأفكار الواردة والأقوال الشاردة، ولا تلتفتيلصيحات الفكر النسوي الذي لن نجني من ورائه إلا ضياع الأسر وهدم المجتمع.