عاجل

مملكتي التي يريدون

ا أمل السلاحجي

  • 48

عندما كان أولادي صغارًا لم أكن أخرج من بيتي بالأيام، بل قل بالأسابيع، كنت أتضجر بالطبع وأشعر بالضغط والتعب من عمل المنزل ورعاية الأطفال، ثم خرجت للعمل، للحلقات، لغيرهما، ثم تشعبت المسئوليات  وتنوعت، ولم أعد أستطيع أن أقللها فضلا  عن أن ألغيها.

أعود للبيت مرهقة لأقوم بترتيبه وتنظيفه وصنع الأكلات المختلفة، لوهلة قد تظنون أن عمل البيت في تلك الحالة أصبح أكثر ثقلا ، لا، ليس كذلك، إن تعجبوا فتعجبوا إذًا: أصبحت أرى في إعداد بيتي والاهتمام  به فسحة للنفس، أعجبُ كيف لم أشعر بها من قبل..

ترتيب الأسرّة وتغيير  شراشفها بأخرى نظيفة ملونة ينير يومي.. مسح الأرض بالمطهرات كأنه يقوم بنفس المهمة في قلبي.. فتح النوافذ صباحا مع (تشميس)الفرش يعدني بأمل مقبل.. غسيل الأطباق -الذي طالما كرهته- بات عملا  أنتظره بشوق، كم هو جميل تنظيف هذا المطبخ وتلميعه لا سيما مع سماع سورة من القرآن أو درس قيم أو أنشودة جميلة.

أما عن صنع الطعام وخبز الكعكات فحدث ولا حرج، تتصاعد الروائح الطيبة فيهج القلب قبل المعدة شكرًا وحبا وألفة.أسأل الله أن يديمها. لم أكن أظن أن تلك المملكة التي أنا ملكتها  بها تلك التفاصيل الممتعة التي كنت أظنها تكليفا .. بت أراها تشريفا .. كيف لم أر ذلك من قبل؟ لأن وقتي الآن ضاق فلم أعد أمضي نفس الوقت في مملكتي فاشتقت إليها، إلى تفاصيلها، إلى حضنها، أعطر بيتي، أحادث أولادي وأمازحهم، أصنع لهم الحلوى ولي القهوة، وإن قصرت أو تباطأت، فغدًا أعوض أو حتى بعد غد.

أنام على وعد بيوم جديد بإذن الله، ملكي وفي مملكتي  أصنع به ما أحب وما أريد، أتعجب كيف يقولون للمرأة خرجي، أنت لست أسيرة، من الأسيرة؟التي لا تملك وقتها هي الأسيرة، التي لا تستطيع فعل ما تحب إلا ما يملى عليها هي الأسيرة، التي تلهث  في الطرقات لتلحق مواعيد تسأل  عنها هي الأسيرة، التي توبخ لتقصير أو تباطؤ هي الأسيرة.

أما أنت يا من تقرين في بيتك فملكة، #فاحذري أن يسلبوك مملكتك.