• الرئيسية
  • الأخبار
  • مدافعا عن العربية.. عالم أزهري: اللغة هي الهوية ومن فرط في حقها سهل عليه أن يفرط في غيرها

مدافعا عن العربية.. عالم أزهري: اللغة هي الهوية ومن فرط في حقها سهل عليه أن يفرط في غيرها

  • 40
الفتح - أرشيفية

قال الدكتور محمد عمر أبو ضيف القاضي، أستاذ الأدب واللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن علماء العربيةكانوا يرون أن اللحن في العربية ذنب، وهو من أسباب قلة الرزق عنده، موضحا أنه وجاء في معجم الأدباء لياقوت الحموي، أن الخليل بن أحمد الفراهيدي، سمع أيوب السجستاني يحدث بحديث، فلحن فيه، فقال:" أستغفر الله". ثم يفسر: "يعني أنه عد اللحن ذنبا". فهو يستغفر منه ؛ لتعرف خطورة اللحن عندهم، فهو ذنب وفي الشرع قد يؤدي لبطلان العبادة، كمن يقرأ الفاتحة، فيقول في: "أنعمت" بضم التاء للمتكلم.

وأضاف القاضي في منشور له عبر "فيس بوك" أن اللحن في اعتقادهم يمنع الرزق، ويمحق البركة، فقد كان الأعرابي إذا دخل سوقا وسمع فيها لحنا؛ يقول: " العجب، يلحنون، ويربحون؟!".

وأكد القاضي أن اللحن يصد السامع عن المتكلم، وربما يمنعه من الاصغاء إليه أو قضاء حاجته، أو جلب المنفعه له إن كان عنده نفع، فقد كان الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، في مدينة دابق. فتقدم منه رجل، وقال: "يا أمير المؤمنين، إن أبينا هلك، وترك مال كثير؛ فوثب أخانا على مال أبانا، فأخذه". فغضب الخليفة الأموي؛ لفداحة اللحن الذي ورد في كلام الرجل، فقال له: "فلا رحم الله أباك، ولا نيح عظام أخيك، ولا بارك الله فيما ورثت"، ثم يأمر الخليفة بإخراج الرجل من مجلسه،: " أخرجوا هذا اللحان عني!".

وتابع قائلا: هذا وإن رآه بعض الناس - في زمننا- ظلما، إلا أنه حق اللغة والدين؛ فاللغة هي الهوية، ومن فرط في حقها سهل عليه أن يفرط في غيرها من حق الأخوة، وفي حق الوطن، وفي أي حق آخر.

وواصل حديثه قائلا: وقد رأوا أن أي شيء يدعو للحن، هو حرب ينبغي للرجل أن يستعد لها، وأن يجهز أسلحته؛ للانتصار فيها، وأعلي هذه الأسلحة :القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وحفظ أساليب العرب، ودراسة قواعد العربية؛ ولذا لما كان الوقوف أمام الناس في الصلاة يؤدي للحن في اللغة لهيبة الموقف، سموا ما يقف فيه الإمام المحراب، وقد جاء في "لسان العرب" عن سبب تسمية المحراب محرابا، ما يوضح ذلك، ويظهر هيبة اللغة العربية، والخوف من ارتكاب أخطاء فيها. فهو يقول: "قيل إن المحراب سمي محرابا؛ لأن الإمام إذا قام فيه لم يأمن أن يلحن أو يخطئ!".

وأفاد قائلا: كان أهل الفضل، وأهل الأدب العالي، رغم رقة قلوبهم، ورهافة حسهم، وبعدهم عن أي حرف يحرج الناس، أو يخجلهم، لا يقبلون اللحن، ولا يرضون به، ويظهرون ذلك بأدب جم، وحياء عال، فقد جاء عن الحسن البصري مما يستلطف ويجمل أنه جاءه رجل، وقرع عليه، قائلا: " يا أبو سعيد"، وفيها لحن؛ فلم يجبه البصري. فكرر الرجل، وقال: " أبي سعيد"، وفيها لحن، أيضا. فقال له البصري: " قل الثالثة، وادخل! ". .. وقصد بالثالثة: " يا أبا سعيد"، وهي خالية من اللحن.

واختتم قائلا: كما يجب أن نفرق بين من يلحن لجهل، ومن يلحن لسبق لسان، وغفلة طارئة، فالذي يلحن لجهل؛ يكثر لحنه ويتكرر، وربما لا يستطيع متابعه أن يحصي له، بينما من يسبقه لسانه، أو تحدث له غفلة طارئه، لايلبث أن يرد خطأه، ويرجع لصوابه، ويتنبه فيعود للجادة، ويرجع للصواب، وهو في ذلك يستشعر كبوته، ويحس بزلته، وإن لم تسعفه البديهة، أسعفه العقل، وأدركه العلم؛ فعاد وكرر عبارته بالسداد.