شتاء وكوب نسكافيه

شيماء عبدالرحيم

  • 47

ما أن يقترب فصل الشتاء إلا وتجد أصحاب السوشيال ميديا ينشرون صور كوب النسكافيه من أمام المدفأة، دلالة على الاسترخاء والاستمتاع بأجواء الشتاء..

لكن المعاين للواقع يعلم جيدًا أن كوب النسكافيه هذا صورة متجزئة عن الحياة، الحياة فيها جزء كبير عمل ومشقة وبذل جهد.. والتزام بمواعيد وأداء مسئوليات على أكمل وجه.. وذهاب وإياب إلى أشغالنا ومصارعة الدنيا كي نجني مالًا حلالًا طيبًا فنحظى في نهاية اليوم بكوب نسكافيه رائق نستطعم فيه لذة البذل من أجل الراحة والاسترخاء..

وكما قالوا قديمًا "لا يُعرف النعيمُ بالنعيمِ" فكذلك لن تكون مستمتعًا هكذا بأوقات راحتك لولا معرفتك الجيدة بأوقات الشدة والانغماس في العمل بكل مشاكله..

ألقى كل صباح في طريقي إلى العمل بعض عُمال البناء، وقد تلفحوا بثيابهم جيدًا كي لا يصابوا بنزلات البرد، أراهم وقد لفوا على أيديهم بعض الخرق فلا تجرح أكفهم من شدة البرودة وهم يحملون شكائر الأسمنت والطوب، ينحنون بأجسامهم في الأدوار العليا فلا يصبحون مصدات للرياح تضرهم، كل صباح على هذا المنوال، أدعو لهم وأنصرف لعملي، وأتساءل داخلي لو خُيّر كل واحد منهم أن يجلس في بيته أمام المدفأة وتحت غطائه يمسك بيده كوب نسكافيه ساخن يستمتع به وبين ما هو فيه الآن من مشقة العمل.. ماذا يا ترى يختار؟

كلنا طبعًا نعرف الإجابة.. لكنها الدنيا وما فطرت عليه من نقص متعها، فجزى الله خيرًا كل الساعين في برد الشتاء من أجل توفير سبل الراحة لذويهم