• الرئيسية
  • الأخبار
  • "القاضي": ما زال الغرب وأذياله يزرعون فينا الهزيمة حتى لا تستفيق الأمة من غفلتها ولا تنهض من كبوتها

"القاضي": ما زال الغرب وأذياله يزرعون فينا الهزيمة حتى لا تستفيق الأمة من غفلتها ولا تنهض من كبوتها

  • 100
الفتح - د. محمد عمر أبو ضيف

قال الدكتور محمد عمر أبوضيف القاضي، أستاذ الأدب واللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن العدو والمحتل يسعى للسيطرة على ثقافة وعقول الأمة الإسلامية، كما يسعى لبث الهزيمة فيها حتى لا تستفيق من كبوتها.

وأضاف القاضي في منشور له عبر "فيس بوك" قائلا: ومن أمثلة هذا الأمر، عربة خشبية، كبيرة، مستطيلة الشكل، محفوظة في الرواق الشمالي، بالجامع الأموي بدمشق، لها قصة تؤكد مدى استيلاء الهزيمة النفسية على جماهير الناس في بلاد الإسلام، ومنهم : ولاة الأمور، والحكام الكبار، والقادة، وقد ابتكر العربة المخترع السوري عبد الغني الحموي، الذي صنع تلك العربة؛ لينقل بها الأعمدة، والأحجار الكبيرة، من جبل (المزة) إلى المسجد الأموي لترميمه فقد احترق بالكامل عام ١٨٩٣ م ما عدا القسم الغربي منه ، وبقي هيكل بسيط جداً، آيل للسقوط ، أمر والي دمشق حسين ناظم باشا، حينها بترميم الجامع، وبعد اجتماع اللجان المسؤولة عن الترميم ، وجدوا أن الأعمدة المربعة، التي كانت في صحن الجامع وأقسامه، كانت على وشك الانهيار، وتأزم وضعها أكثر بعد الحريق ، واقترحوا أن يتم استبدالها بأعمدةٍ حجرية ضخمة، جديدة تماماً، لكنهم وقعوا في مشكلة : كيف سيتم نقل أعمدة ضخمة بهذا الحجم؟ و بغض النظر عن مصدرها!، حينئذ قدم المعماري الدمشقي عبد الرحمن الحموي اقتراحا، قائلاً للجان وللوالي: الأعمدة تُجلب من مكان أعرفه جيداً في المزة ، و أستطيع  أن  أنقلها الى هنا ، على عربة يجرّها ثوران ، طويلة، ومنخفضة قليلاً على الأرض، لها من الأسفل ملاقط وجنازير حديد، تلقط العامود، وتثبته، بحيث لا يتحرك، ولا يفلت. 

وواصل القاضي سرده للقصة قائلا: ولكن الوالي واللجان عنده لم يستجيبوا لكلام المعماري، بل ردوا عليه بما يشبه السخرية! من الطريقة و استحالتها، ثم تابعوا النقاش، كأنهم لم يسمعوا الاقتراح، لكن المعماري لفطنته وذكائه تابع قائلاً : تصميم هذه العربة ليس من عقلي؛ فقد رأيته بأحد مقالع الحجارة في إيطاليا، ومصممه معماري إيطالي معروف.

والعجيب أن الجميع سارعوا بالموافقة بشكل فوري على الاقتراح !!. 

وأشار إلى أنه وبعد أيام قليلة ، كانت العربة الخشبية تلك، تنقل الأعمدة وسط فرحة، وتصفيق، وزغردة أهالي دمشق . وتم نقل الأعمدة وتركيبها - وما زالت إلى الآن كما هي-، والأعجب أن المعماري عبد الرحمن الحموي لم يزر إيطاليا في حياته ، ولا التقى بأي شخص إيطالي ، والعربة من ابتكاره وتصميمه الشخصي ، وقد اعترف بذلك معللا كلامه : كان المهم عندي أن يترمم الجامع، وبعدها لكل حادث حديث. 

واختتم القاضي حديثه قائلا: وأمثلة هذا كثير في ماضي الأمة منذ احتلالها في العصور الحديثة، وسيطرة المحتل على ثقافتها، وفي حاضرها وما زال الغرب وأذياله يحرسون هذه الهزيمة، ويدعمونها بكل قوة ؛ حتى لا تستفيق الأمة من غفلتها، ولا تنهض من كبوتها، وتظل تجلد ذاتها، وتحارب نفسها، دون أن يخسر العدو عدة ولا عتادا.