ماذا بعد التجديد النصفي في أمريكا؟

الصين وروسيا وأزمة السلع والطاقة.. أبرز الملفات أمام بايدن

  • 45
الفتح - د. أحمد مصطفى الباحث السياسي ورئيس مركز "آسيا" للدراسات السياسية والاقتصادية

انتخب الحزب الجمهوري "كيفن مكارثي" لينافس "نانسي بيلوسي" على رئاسة مجلس الشيوخ، رغم أن الحزب الديمقراطي حقق فوزاً هو الأهم منذ 20 عامً مضت في تاريخ الانتخابات التجديد النصفي، وإلا أن اللوائح الداخلية للمجلس تنص على إجراء التصويت في يناير القادم، ورغم أن "بيلوسي" أقرب للاحتفاظ بمنصبها.

واللافت للنظر هو إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب عن عزمه الترشح لخوض سباق البيت الأبيض عام 2024، ورغم فشل الجمهوريين في انتزاع السيطرة على مجلس الشيوخ، إلا أنهم ربما يحققوا نجاحاً في السيطرة على مجلس النواب، مع توقع بأن تكون الأغلبية التي سيحصلون عليها ضئيلة.

وبعد أن حسم الحزب الديمقراطي نتيجة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشيوخ الذي يعد الغرفة العليا للكونجرس - ويتشكل من100 مقعد – بعد فوز كاثرين كورتيز في ولاية نيفادا بمقعد المجلس، وهو الفوز الذي كان بمثابة طوق نجاة للحزب الديمقراطي، وأفشل خطط الجمهوريين للسيطرة على الكونجرس.

هذه النتيجة تعني أن الديمقراطيين يستعيدون زمام الأمور، بعد الأداء الضعف للرئيس بايدن الذي أكمل نصف مدته، بينما يعتبر البعض أن هذا الفوز سيمنح بايدن مزيدًا من الحرية في اختيار القضاة لشغل المناصب في محاكم المقاطعات والمحاكم العليا، وهو ما يتمكن الديمقراطيين من توجيه العملية التشريعية وعرقلة مجلس النواب الذي قد يًسيطر عليه الجمهوريون.

ووصف زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، سيطرة حزبه على مجلس الشيوخ "بأنه انتصار ودفاع" خاصة فيما يتعلق برؤية السياسة الأمريكية تجاه تأمين مصادر الطاقة كالنفط والغاز وسد احتياجات أوروبا بعيدًا عن روسيا.

وهو ما يدعم جهود الديمقراطيين في رفع سقف الدين، بينما يعرقل سعى الجمهوريين في الضغط من أجل تخفيض في حجم الإنفاق العام. بينما يظل الاجماع بينهما قائما على ضرورة مواجهة الصين، وتعزيز التجارة الدولية.

أما الرئيس بايدن فقد غير سياسة سلفه ترامب فيما يخص المناخ، وبدا هذا واضحًا عندما بدأ حديثه بالاعتذار للعالم أجمع عن انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ، لافتًا إلى أنه فور توليه منصبه أعاد واشنطن للاتفاقية، وهذا يعد تأكيداً ضمنياً أن سياسة الولايات المتحدة لن تتغير بخصوص قضايا المناخ، وأنها داعمة لها لا سيما مع تصريح رئيسها –أثناء كلمته في قمة المناخ "COP27"- بأن الجفاف والفيضانات تعصف بدول القارة الإفريقية بسبب التغيرات المناخية التي تشهدها ويشهدها العالم كله، وأن دول القارة السمراء تعاني من آثار وتداعيات التغير المناخي.

في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد مصطفى، الباحث السياسي ورئيس مركز "آسيا" للدراسات السياسية والاقتصادية، إننا لا يمكننا التكهن بتغير السياسة الأمريكية تجاه قضايا العالم العربي وعلى رأسها القضية الفلسطينية بعد انتخابات التجديد النصفي الحالية، وبالنسبة لمصر فلا يمكن لأمريكا التخلي عنها؛ فبينهما علاقات ومصالح استراتيجية مهمة، وهي تعلم حجم ومكانة القاهرة وسط العالمين العربي والإفريقي، ولا أدل على اعترافها ضمنيًّا بقوتها من حضور رئيسها قمة المناخ المصرية ودعمها في هذا التوجه، ومعه جون كيري المبعوث الأمريكي الخاص بالمناخ ووزير الخارجية الأسبق ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي، بل إن الولايات المتحدة تحاول استمالة مصر ناحيتها من خلال دعم بعض المشروعات الاقتصادية وما إلى ذلك.

وأضاف "مصطفى" ل"الفتح" أن الخطوط العريضة الرئيسة بالنسبة للسياسة الأمريكية الخارجية لن تتغير كثيرًا سواء سيطر الجمهوريون على الكونجرس أو الديمقراطيون، فهي إلى حد ما ستظل واحدة رغم اختلاف الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال موقفها من الصين وروسيا لن يتغير، وأنها ستجنح للتفاوض لا سيما في ظل وجود أزمة الطاقة التي تعاني منها قارة أوروبا كاملة، وما نتج عنها من ارتفاع الأسعار وزيادة نسب التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.

وأشار الباحث السياسي إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوي للغاية وقسم العالم نصفين؛ وبِناءً عليه لم تعد واشنطن القطب الأوحد في ظل تنامي قوى أخرى ودخول العالم عصر الأقطاب المتعددة، وهذا أفقدها الكثير من التأثير القوي على مجريات الأمور في مختلف أنحاء العالم، حتى أن حلف "النيتو" نفسه يعاني من ضعف كبير؛ وأكبر دليل على ضعفه أنه لم يستطع -حتى الآن- حسم الحرب الروسية الأوكرانية لصالح الغرب وأمريكا.

وختم تصريحه بأن واشنطن تعاني كذلك داخليًّا من مشكلات التطرف والعنصرية، وصناع القرار داخلها يعيشون حالة من الاختلال ويعتمدون في قراراتهم على مراكز بحثية أمريكية؛ وبوتين استغل تلك النقطة جيدًا وخدع جميع المراكز البحثية الأمريكية، وأظهر لهم عكس ما أبطن، ونفذ ما أراد على أرض الواقع.