الاستعانة بالصيادلة للعمل "مساعدين أطباء" يواجه رفضًا واسعًا

أطباء وصيادلة: حل أزمة العجز لا يكون بإحداث مشكلة أخرى

  • 53
الفتح - أرشيفية

اقترح الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، مساعد وزير الصحة والسكان، الاستعانة بالصيادلة للعمل كمساعدي أطباء بمنظومة التأمين الصحي الشامل، موضحًا أن ذلك المقترح جاء كمحاولة لسد العجز الموجود في المنظومة الطبية وفي الكوادر البشرية المتعلقة بها.

وبحسب المقترح، فإن الهيئة سوف تستعين بالصيادلة في إطار ما يسمى "التدريب التحويلي" للعمل كمساعدين لأطباء التخدير والسكرتارية الطبية، موضحًا أن ذلك سيكون بعد حصول الصيادلة على دورات تدريبية معينة تؤهل الصيدلي للعمل كمساعد طبيب.

وتعقيبا منه على الأمر، يرى الدكتور أحمد رشوان، عضو اللجنة الصحية بحزب النور، أن الاستعانة بالصيادلة في التأمين الصحي الشامل هو بمثابة الهروب من حل مشكلة نقص الأطباء والكوادر البشرية، موضحًا أن أزمة العجز لا تتوقف على هيئة التأمين الصحي وحدها، بل إن وزارة الصحة كلها والمنظومة الطبية عموما تعاني من نقص الكوادر البشرية، ومع ذلك لم يفكر أحد في تغيير التخصص.

وأشار رشوان في تصريحات لـ "الفتح" إلى أن فكرة الاستعانة بالصيادلة للعمل كمساعدين لأطباء التخدير أو غيرهم من الفنيين، لن تلقى رواجًا أو قبولا لدى الصيادلة، بل قد يعتبرونها إهانة موجهة إليهم، لافتًا إلى أن بعضهم رفض الفكرة بالفعل موضحين أن منهم من حصل على مجموع كليات الطب لكنهم رفضوا دخولها، واختاروا أن يدخلوا صيدلة لأنها كلية قمة مثلها مثل كلية الطب، ومن ثم هم لن يتركوا مجالهم ولن يتركوا الصيدلة لكي يعملوا كمساعدين لأطباء التخدير أو غيرهم.

ويرى رشوان أن الأولى بوزارة الصحة هو العمل على حل أزمة عجز الاطباء ومعرفة سبب هذه الأزمة من الأساس، مشيرًا إلى أن مصر لديها عدد كبير جدا من الأطباء الذين يتخرجون سنويًا، وفي نفس الوقت لدينا عدد كبير من الأطباء يخرجون خارج مصر بسبب بعض المشاكل التي تواجه سير المنظومة الطبية.

وشدد عضو اللجنة الصحية بحزب النور، على ضرورة إصلاح المنظومة الطبية من خلال البحث عن الأسباب وعن جذر المشكلة التي أدت لهجرة الأطباء وخروجهم خارج مصر، ومن ثم العمل على حلها وعلى إصلاح المنظومة، معربًا عن رفضه لحل مشكلة بمشكلة أكبر، موضحًا أن الصيدلي لن يستطيع القيام بدور الفني ولن يرضى به لأنه يرى أن فيه إهانة له أن يعمل كمساعد طبيب.

وقال رشوان إن الاستعانة بالصيادلة لن يكون حلًا بل هو أمر عجيب أن يتم التفكير في هذه الفكرة من الأساس، مطالبًا بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي كانت تعاني من نقص الأطباء، حيث تمكنت هذه الدول من حل المشكلة عن طريق زيادة عدد الأطباء ومن خلال تحسين بيئة العمل.

وجدد رشوان تعجبه من المقترح خاصة أنه يأتي في وقت تعاني فيه المنظومة الطبية من مشاكل حقيقية، مؤكدًا أن بيئة العمل في المجال الطبي تشهد أمورًا تنفر الأطباء من البقاء في مصر وتدفعهم للخروج إلى خارج البلاد.

وأوضح أن الاستعانة بالصيادلة لن يكون حلًا، خاصة إذا حدث عجز أو نقص في باقي التخصصات الأخرى، وأن الفكرة المطروحة حاليًا هي هدف سد العجز في أطباء التخدير، فكيف سيكون الوضع بالنسبة للنقص الموجود في أطباء العناية المركزة، والنقص الموجود في الجراحات التخصصية الدقيقة؟

وقال إن الأفضل هو العمل على إيجاد حل واحد يصلح كل مشكلة العجز الموجود في كثير من التخصصات.

بينما يرى الدكتور هنادي الشافعي، صيدلي وأخصائي تغذية علاجية، أن مقترح الاستعانة بالصيادلة للعمل كمساعد طبيب غير واضح المعالم ولا التفاصيل، مشيرًا إلى أن هذا المقترح يثير العديد من التساؤلات، وفي مقدمتها: ما المقصود بمساعد طبيب؟ وما التوصيف الوظيفي؟ وما هو محتوى الدورات التدريبية؟، وهل يمكن استبدال ذلك بمقررات دراسية مكثفة لمدة سنتين لخريجي كلية الصيدلة ليكون طبيبًا وليس مساعد طبيب؟

وقال الشافعي في تصريحات لـ "الفتح" إن كل هذه الأسئلة لابد وأن يتم الإجابة عنها بوضوح قبل إبداء الرأي عن عنوان نجهل تفاصيله؛ فتأخذنا التوقعات يمنة ويسرة وندخل في جدال على غير بصيرة، موضحًا أن حل مشكلة نقص الأطباء عن طريق تأهيل وإعداد الصيادلة يحتاج إلى كثير من التفصيل والتوضيح.

ويرى الشافعي أنه يجب على المسؤولين وأصحاب هذا المقترح أن يبحثوا عن الأسباب التي أدت لحدوث نقص في الأطباء، وأن يكون حلًا أصيلًا لهذه المشكلة بعيدا عن الحلول البديلة، متسائلا: لماذا لا يتم حل مشكلة نقص الأطباء في مصر والتي هي بسبب هجرة الأطباء، وقس على ذلك هجرة من يتمكن من الهجرة من العمود الفقري لعقول الوطن؟.

وطالب الشافعي المسؤولين عن المنظومة الصحية في مصر بمعالجة الأسباب المادية والاجتماعية لهذه الهجرة، مؤكدًا أن البحث عن رافد جديد وإهمال معالجة المشاكل التي نتج عنها انسداد الرافد الأصلي ليس حلا، وأن الأمثل معالجة مشاكل الرافد الموجود والبحث بالتوازي مع ذلك عن روافد جديدة.